الرئيسية أحداث المجتمع كيف وصل محمد السادس بالاستثمار والخطابات الثورية إلى القمة الإفريقية ـ مايسة سلامة الناجي

كيف وصل محمد السادس بالاستثمار والخطابات الثورية إلى القمة الإفريقية ـ مايسة سلامة الناجي

msn efriqia 2
كتبه كتب في 1 فبراير، 2017 - 11:46 مساءً

محمد السادس رجل الاستثمار الليبرالي الصوفي، الذي أظهر عبقرية في تنمية أرباحه وثرواته حيث قلب الكفة خلال أقل من 10 أعوام من حكمه بنزع البساط من تحت أرجل البرجاوزية الصاعدة التي كانت على وشك الاغتناء الفاحش وتشكيل لوبيات اقتصادية منافسة للقصر، إلى كفته هو باحتكار أسواق بعينها (..) ثم توسيع محيط أصدقائه المستثمرين الذين يثق في ولائهم ليوزع عليهم إدارة أجزاء من أمواله واستثماراته.. لا فقط ليقطع بهم الطريق على البرجاوزية الصاعدة ويعيد للقصر مكانة الريادة في احتكار الاقتصاد في البلد، إنما ليخترق بهم جمود أسواق القارة ويجلب دعم أعتى الدول الإفريقية.. .. فبالاستثمار ثم الاستثمار، وبمبدأ البيع والشراء فقط تشتغل حتى فرقته الديبلوماسية بقيادة ياسين المنصوري عبر الترويج المكثف للرأسمال اللامادي المغربي وبيعه لأقوى الدول مقابل دعمها أو جعلها حليفة في قضية مغربية الصحرا: قدرة النظام على مكافحة الإرهاب (باحتواء السلفيين بالمرجعات واحتواء الإخوان في الأحزاب وتدريب الأئمة وتهذيب الدعاة وتشذيب اللحي وحقن المغاربة بجرعات خفيفية إعلاميا بالليبرالية..) ـ وتجربة الملك في الاستثمار وتنمية الأموال وضمان الأرباح بسوق مغربي ليبرالي مهيئ للاستهلاك! بالاستثمار وبالترويج للاستقرار ولربما بأظرفة لسد أفواه جائعة استطاع الملك أن يغلب الرشاوي الضخمة بترول جنوب إفريقيا وغاز الجزائر ويكسب أصوات أغلب الدول الإفريقية ويعود إلى الاتحاد بعد 33 عاما من الغياب ويعيد إلى مؤتمره الاهتمام بعد أن أصبح أشبه بجامعة الدول العربية، بيت خراب لا ينفع للاحتماء من حر ولا مطر!

طريق الاستثمار وليس طريق السياسة، ضمن به لا فقط ترسخ حكمه في المغرب بجرعات دائمة من وعود التنمية يحقنها للشعب المغربي عبر خطاباته التي تحولت من تعليمات موجهة لخدام الدولة كل عيدي عرش وشباب، إلى خطابات ثورية على الفقر والإدارة المغربية تصيبنا كل مرة بالدهشة نبحث عن انعكاساتها في واقعنا المعيش ولازلنا نبحث! لكن ضمن بطريق الاستثمار أيضا ثورة على نفاق السياسات الدولية وتعدد وجوه المصلحجيين الأمريكان والأوروبيين، فأكثر ما يثير الدهشة فعلا هي خطاباته التي تحولت إلى تمرد على الوصاية الخارجية وهو ينتقد دول الغرب وأنظمتهم وجبروتهم وتسلطهم على المغرب وعلى باقي الدول الإفريقية، كما عبر عنه اليوم في خطابه بإثيوبيا بمناسبة عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، ينتقد القوى الإمبريالية الغربية بنفس الأسلوب المباشر اللاذع وبتلك الشجاعة والطاقة التي يشحن بها المواطن المغربي نفسه لينتقد المخزن، مطالبا باستقلاليته، بكرامته، بعدم استغلال ثرواته، بالتعاون معه لتنمية أوضاعه، دون تجبر ولا غطرسة ولا انتقام!

وكان أكثر خطاباته ثورية ذاك الخطاب الذي اعتبره بعض المحللين خطأ ديبلوماسيا والبعض الآخر شجاعة غير محسوبة ألقاه بمجلس التعاون الخليجي يوم 20 أبريل 2016، مباشرة بعد بعض المناورات الأمريكية حين تم نشر لوائح أصحاب الحسابات البنكية بالجنات الضريبية بباناما وكان من بين الأسماء مستشاره المالي منير الماجدي وأسماء لملوك ورؤساء الخليج معتبرينها محاولة أمريكية لاستفزاز الشعوب على الثورة ضد حكامها خاصة أن المغرب الأردن ودول الخليج برعاية سعودية كانوا قادرين على تحصين أنفسهم من الرياح الربيعية التي وصفها الملك في نفس الخطاب ب: “الخريف والدمار”! ذاك الخطاب كان أيضا ردا مباشرا على زيارة الأمين العام للأمم المتحدة السابق بان كيمون لمخيمات تيندوف واصفا المغرب بالبلد المستعمر للصحراء (نفس المصطلح الذي استعملت مجلة الانترسيبت الأمريكية شهر أبريل 2015 حين نشرت حجم الأموال التي دفع المغرب لمؤسسة هيلاري كلينتون لتدعم قضية وحدته الترابية) حيث ألقى محمد السادس وسط وجوه ملوك الخليج الشائخة المتعبة المنهارة الملمعة بملايير البترول، ألقى بثقل الكلمات فاضحا وجهي الديبلوماسية الأمريكية المنافقة: 1 البيت الأبيض والخارجية الأمريكية اللذين يقودان خطة التقسيم بأجندة خلق كونفيديرالية صحراوية بحكومة من تيندوف تحت اسم المغرب ريثما التقسيم التام. 2 وجه الكونكريس الأمريكي واللوبيات التي بلعت من المغرب الملايير سنويا من الصندوق الأسود لمكتب الدراسات والمستندات “لادجيد” بالدولار دون أي نتيجة تذكر!

خطاباته الثورية وهو يمانع نسخهم من الديمقراطية التي لا تحترم الخصوصية المغربية والإفريقية… كانت أيضا أجوبة مباشرة على فرنسا التي امتعضت من عدم استشارته لها قبيل بدء أولى زياراته لدول إفريقيا جنوب الصحراء عام 2013، ولربما مذ ذاك كان قد اتخذ قرار العودة للاتحاد الإفريقي في صمت، امتعضت فرنسا التي لازالت تعتبر المغرب محميتها وضيعتها الخليفية ومستعمرتها التي يستحيل أن تتخذ قرارات دون إذنها، وبادرت إلى استفزاز المغرب بأحداث ما سمي بعدها ب”عام الأزمة الديبلوماسية بين المغرب وفرنسا”.. إلى غاية 2014 لتتقبل بعدها الأمر على مضض ربما بإقحامها في بعض الاستثمارات المغربية في القارة كما يروج عن مساعدتها في إنشاء أنبوب الغاز الذي سيمتد من نيجيريا نحو المغرب، ثم بالمجهودات الديبلوماسية حيث خلصت الأزمة إلى توسيم الحموشي، ودعوة الملك محمد السادس هولاند إلى المغرب وجولة قضاها معه بالسيارة في شوارع طنجة انتهى منها هولاند مستكينا ودودا للمغرب لم يفتح فاه بعدها أبدا.. بل إن فرنسا بعدها تعاونت لمنع نشر كتاب الصحافيين لوران وكراسيي عن بعض أسرار القصر.

بتلك الخطابات التي تكاد تحدث غضبات خارجية على ملك متمرد، تقابله ديبلوماسية لها تشعباتها الأمريكية الإسرائيلية الخليجية التي تعيد الأمور إلى نصابها، استطاع محمد السادس الثورة على السياسة التقليدية وممارسة ديبلوماسية الاستثمار والمال والأعمال وبيع قدرات المغرب مقابل الدعم، فيما يسميه تعاونا لا مساعدة.. أمام شعب مغربي مندهش طبعا، فرح بعودة المغرب للاتحاد الإفريقي أقل بقليل من فرحة لو فاز المغرب بالكأس الإفريقي.. يتساءل عن نسبته من الأرباح من هذه الصفقة ككل.. في أحواله المادية، في أوضاعه المعيشية، في حقه من الثروة.. فيم ستمنحه القارة الإفريقية من كرامة أو فرص شغل!

مشاركة