كواليس مقاضاة الشعبي للحكومة بسبب تفويت “لاسمير”

نشر في: آخر تحديث:

في منتصف التسعينات، أطلقت الدولة عملية خوصصة شركة “لاسمير” المختصة في تكرير البترول، وجرت العملية في أجواء غير طبيعية تحت إشراف وزير الخوصصة آنذاك عبد الرحمان السعيدي. كان حينها الشعبي برلمانيا باسم حزب الاستقلال، وقرر أن يتقدم بعرض لشرائها، لكن تبين له أن العملية تفوح منها روائح عدم النزاهة، خاصة عندما تحدث الشعبي مع وزير الخوصصة عن نيته شراء لاسمير فرد عليه قائلا: “أنت لا تفهم في مجال تجارة المحروقات”.

خرج الشعبي إلى العلن لينتقد عملية الخوصصة ويتهم الوزير السعيدي بعدم الشفافية. وكرد فعل، قام السعيدي، بتنسيق مع برلمانيين في الأغلبية الحكومية آنذاك، أثناء طرح سؤال عليه في البرلمان حول خوصصة لاسمير، بمهاجمة الشعبي، واتهامه بأنه يريد أن يستغل منصبه البرلماني للحصول على صفقة لاسمير. كان حينها امحمد الخليفة هو رئيس الفريق الاستقلالي في مجلس النواب. يتذكر الخليفة قائلا: “عندما انتهى السعيدي من كلمته طلبت الكلمة من بعده فهاجمت الوزير بعنف، وطالبت الحكومة بالاعتذار للشعبي، لكن فوجئنا بأن البث التلفزي قطع عن الجلسة، ما أغضب الفريق البرلماني”.

ووصل الأمر إلى حد أن الفريق الاستقلالي “هدد بمقاطعة أشغال البرلمان، إذا لم تعتذر الحكومة للشعبي”. كما طالب الفريق أيضا بأن تعطى له الكلمة في مجلس النواب، وأن يتم بث الكلمة في التلفزة.

خشيت الحكومة أن يتطور الموقف، فاستدعى الوزير الأول الفيلالي كلا من امحمد الخليفة، والراحل امحمد بوستة، الأمين العام للحزب، ومحمد الدويري عضو اللجنة التنفيذية، لاجتماع، وأبلغهم أنه ستعطى الكلمة للفريق الاستقلالي شريطة عدم الخروج عن الموضوع، والتزم الفيلالي بالاعتذار داخل البرلمان.

يروي الخليفة قائلا: “في الجلسة الموالية للبرلمان التي ترأسها الراحل التهامي الخياري، قدم عبد اللطيف الفيلالي اعتذارا باسم الحكومة، وتناولت الكلمة وعادت الأمور إلى نصابها”. الخليفة جدد انتقاد الفريق الاستقلالي لصفقة تفويت لاسمير وفندق حياة ريجينسي.

وقال إن اعتذار الحكومة حينها “كان أول اعتذار في تاريخ الديموقراطية المغربية”.

لكن المواجهة بين الشعبي والسعيدي لم تقتصر على البرلمان بسبب ملف لاسمير، بل إن الشعبي لجأ إلى رفع دعوى قضائية ضد الوزير السعيدي، بسبب تصريحات هذا الأخير في حوار مع جريدة ليكونوميست الناطقة بالفرنسية، (تبين فيما بعد أن السعيدي كان مديرا عاما لجريدة ليكونوميست)، حيث قال إن “الشعبي يستغل صفته البرلمانية لتحقيق أهدافه الخاصة”، في إشارة إلى رغبته في اقتناء لاسمير وفندق حياة ريجينسي، وهو ما أغضب الشعبي الذي قرر مقاضاته أمام محكمة النقض، لأن هذه كانت هي مسطرة رفع الدعاوى ضد الوزراء. كانت تلك أول مرة يقاضي فيها برلماني وزيرا في الحكومة.

ناب المحامي الراحل محمد بوزوبع عن الشعبي في رفع الدعوى، وحدد موعد المرافعات في المحكمة، فحضر معظم البرلمانيين الاستقلاليين لقاعة المحكمة تضامنا مع الحاج ميلود الشعبي. لكن هذه القضية تم طيها برفض المحكمة للدعوى ضد الوزير. ومع ذلك فقد انتظر الشعبي عبر محاميه أن يحصل على نسخة من الحكم، لكي ينشره أمام الرأي العام لكن المحكمة لم تنشر حيثيات الحكم إلى اليوم.

بعد هذه المواجهة، نجحت خطة السعيدي في تفويت لاسمير إلى مجموعة “كورال بيتروليوم” السويدية التابعة لمجموعة العمودي السعودية، وبعد مغادرة الوزير لحكومة الفيلالي، حصل على جائزته بتعيينه من طرف مجموعة “كورال” مديرا عاما في شركة لاسمير، وانتهت الشركة إلى ما هي عليه اليوم.

اقرأ أيضاً: