الثلاثاء 25 يونيو 2024- مراكش
السيد رئيس جمعية أمبودسمان الدول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي؛
السيدات والسادة أعضاء المجلس الإداري للجمعية؛
حضرات السيدات والسادة الكرام؛
يسرني بداية، أن أرحب بكم جميعًا في هذا اللقاء الهام الذي يجمعنا اليوم بمراكش الحمراء، عاصمة النخيل، مراكش التاريخ والمحبة والسلام…
لقاء الأكيد أنه محطة من محطات العمل المشترك بين مؤسساتنا، لكننا نريده أيضا فرصة لتوطيد العلاقة بين جمعيتنا وبين محيطها الدولي، بما يتيح تقوية تنسيق تدخلاتنا في تقاطعاتها وتناغمها وتنوعها في سياق دولي شديد التعقيد، وذلك ضمن رؤية شاملة تساعد على بلوغ أهدافنا الموحدة، رغم تباين الاختصاصات وتنوع آليات التدخل المتاحة لكل منا، وبالرغم من أي اختلاف ثقافي قد تفرضه الزوايا التي ننظر من خلالها لفلسفة الدفاع عن حقوق الإنسان في شتى تجلياتها وأبعادها.
فمرحبا بكم على أرض المملكة المغربية، في ضيافة مؤسسة وسيط المملكة، لنجدد معا وبالملموس مبادرات التعاون بين أعضاء جمعيتنا الفتية، ولنعزز مكانتها على الصعيد الإقليمي في مجال الوساطة المؤسساتية.
الصديقات والأصدقاء؛
الأكيد أن هذا اللقاء ليس مجرد لقاء عادي أحادي الاتجاه، بقدر ما هو مبادرة تنضاف إلى مبادرات التعاون القائم بين مؤسساتنا المحترمة، مبادرة تتيح تقوية تدخلاتنا المشتركة، في إطار فضاء حقوقي يتسع لاشتغال كل منا بفعالية ونجاعة لتحقيق النتائج المرجوة.
قد لا أكون مضطرا إلى التذكير بمجموعة من المسلمات والمبادئ التي تتأسس عليها فلسفة عمل أمناء المظالم، سواء تلك المستمدة من الشرعية التاريخية لتراثنا المؤسساتي الإسلامي، أو تلك التي جسدتها مبادئ باريس أو مبادئ البندقية، أو تلك التي أقرتها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة، لكن أعتقد أننا كلنا مضطرون، في هذا التوقيت بالذات، لاستحضار ما يطبع هذا المجال من تطور ودينامية، سيما في ظرفية يواجه فيها العالم تحديات صعبة ومركبة شديدة التعقيد، تؤثر بشكل أو بآخر على فضاء الحقوق والحريات.
نعم، السيد الرئيس، السيدات والسادة أعضاء مكتب جمعيتنا المحترمة، إن اجتماعات مجلسنا الإداري هي دائما فرصة لتقييم برامج عملنا الجمعوي ورسم خارطة طريق مستقبله، ومناسبة متجددة لإغناء ذكائنا الجماعي، ولتبادل المعلومات والتجارب في مختلف المواضيع التطويرية ذات الصلة بعمل مؤسسات الأمبودسمان، بل، ولم لا، ورش للتفكير المشترك في كيفية تفعيل ما يوفره الإطار الدولي من آليات لعمل الوسطاء، وبالتالي، هي محطة لمناقشة المبادرات الحقوقية الاستراتيجية التي يجب علينا أن نشتغل عليها، لزيادة الوعي بدور وعمل مؤسساتنا في حماية الحقوق وتعزيز الحكم الرشيد وسيادة القانون.
نعم، إننا نمثل أنظمة قانونية مختلفة في بيئات ثقافية مختلفة، لكن نحن أيضا نمثل مجتمعا منسجما في تقاسمه لقيم الدفاع عن الحقوق والحريات، من خلال عملنا اليومي والأساسي كمؤسسات أمناء المظالم بمرجعية إسلامية سمحة ومتنورة.
الزملاء والأصدقاء؛
كما يوحدنا إطارنا الجمعوي الذي يجعل من ديننا الإسلامي السمح مرجعا أساسيا موجها لتدخلاته، يجب أن نلتف حول إطارنا الدولي لكي نمارس ولايتنا على درجة من المعيارية، باعتبارها مفتاحًا داعما لتعزيز استقلاليتنا وحصانتنا وذاتيتنا، وبالتالي، لتقوية قدرتنا على تحسين دعمنا للمؤسسات النظيرة في محيطنا الإقليمي.
الزملاء الأعزاء؛
لأننا نشهد زمن الأزمات؛ ولأننا نستحضر، بقوة وبقلق كبير، الأوضاع الحقوقية بالغة الخطورة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الأبي في غزة، وما يواكبها من مآس إنسانية أفقدته كل مقومات العيش الكريم، مما يجعل الوضع الإنساني كارثيا وغير مسبوق، يسائل الضمير البشري ويسائل إنسانية الإنسان حول طبيعة المعايير الدولية للحقوق والقيم التي يتم التعامل بها مع الموضوع؛ ولأننا نعي جيدا كون المرحلة التي يمر بها العالم هي مرحلة حرجة حقوقيا، كما هو واضح للجميع، بسبب النزاعات المسلحة، وانعكاسات الذكاء الاصطناعي …، مما ينذر بجيل جديد من الانتهاكات الجسيمة لقيم حقوق الإنسان عبر تمظهرات مستجدة (…..)؛ فإن الواجب يحتم علينا أيضا ضرورة البحث على أفضل السبل لمأسسة متطلبات “الحصانة” التي يجب أن يتمتع بها جميع أمناء المظالم في إطار الاضطلاع بولايتهم الحقوقية، ولتوسيع اختصاصاتهم وتطوير تدخلاتهم، ودعم أدوارهم في جميع أنحاء العالم.
لذا، أعتبر أن الوقت قد حان للاشتغال على المستوى الأممي لإعادة هندسة العلاقة بين مؤسسات أمناء المظالم والمنظومة الأممية لحقوق الإنسان. ما دام تنفيذ ولايتنا هو عنصر أساسي وجزء لا يتجزأ من الجهود الدولية المتواصلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف 16 المتعلق بتطوير مجتمعات مسالمة، ومؤسسات فعالة خاضعة للمساءلة وشاملة للجميع.
السيدات والسادة؛
لأنني أعتبر مثل هذه اللقاءات ورشا للتفكير ومحطة من محطات التعاون البناء بين مؤسساتنا، وفق ما سطرناه من أهداف في وثائقنا التأسيسية، آمل أن نجعل من مخرجات اجتماعنا هذا أرضية عمل مشتركة للدفاع عن الحقوق، وفرصة نتقاسم فيها الانشغالات والاهتمامات والتطلعات.
وفي الختام، أود أن أعرب لكم جميعا، حضرات السيدات والسادة، عن شكري وامتناني على الدعم الذي أحطتم به وسيط المملكة المغربية في الانتخابات الأخيرة لأعضاء مكتب المعهد الدولي للأمبودسمان، وعبركم أوصل الشكر كذلك لكل منتسبي جمعيتنا المحترمة على مساندتهم ، وأؤكد لكم أننا اليوم واعون بكون التكتل وتوحيد الجهود ضرورة حيوية وحتمية لاستمرار أداء مؤسسات الأمبودسمان لأدوارها الحقوقية.
هذه، أيها السيدات والسادة، مجرد توطئة لنقاشات معمقة، لا أريد أن أستبد بالكلام فيها أكثر، خاصة وأني على يقين أن قدرتنا على تبادل ما نختزنه جميعا من أفكار ومدارك وتراكمات مهنية ومنهجية، نستطيع أن نغني تجارب مؤسساتنا ورصيد ممارساتها الجيدة.
وأقف عند هذا الحد، مفسحا المجال للسيد الرئيس والصديق العزيز الذي يبذل الكثير من الجهد لازدهار جمعيتنا، متطلعا في نفس الوقت إلى مناقشات مثمرة هادفة وبناءة تسهم في تعزيز دور جمعيتنا داخل مجتمع الأمبودسمان عبر العالم.
باسمي، وباسم جميع زميلاتي وزملائي في مؤسسة وسيط المملكة، أجدد الشكر لكم على تحملكم عناء السفر، وعلى حضوركم الشخصي لأشغال هذا الاجتماع، متمنيا لكم جميعا لقاءا مثمرا وغنيا، ومقاما طيبا بيننا في بلدكم الثاني المملكة المغربية.
محمد بنعليلو
وسيط المملكة