قضية ولد الفشوش: ضحية ضغط الإعلام و التطبيق السليم للقانون

نشر في: آخر تحديث:

تعرف قضية الشاب المعروف إعلامياً بـ”ولد الفشوش”تطورا غريبا حولها من ملف لجريمة قتل تعتبر كغيرها من الجرائم التي تقع بالمغرب و بالعالم ككل لكن شاءت الأقدار أن يكون أحد أطرافها شاب من عائلة ميسورة مما أثار جدلاً واسعاً في المغرب، سواء في أوساط الرأي العام أو الأوساط القانونية، هذا الجدل الذي إنعكس سلبا على الملف بعدما تحولت أهدافه من الرغبة في تحقيق العدالة واستقلالية القضاء التي ينبغي أن تكون بعيدة عن أي تأثير خارجي إلى مادة دسمة و عناوين رنانة تجتاح وسائل التواصل الإجتماعي و كبريات المواقع الإلكترونية.

حيث عززت المواقع و الصفحات كون المتهم ارتكب أفعالاً خطيرة، مما أثار موجة غضب شعبية وضغوطاً إعلامية كبيرة للمطالبة بإنزال أقصى العقوبات عليه، بما في ذلك عقوبة الإعدام ،جاءت هذه المطالب في سياق اتساع استخدام مصطلح “ولد الفشوش”، الذي يشير إلى الفئة المحظوظة اجتماعياً والمستفيدة من الامتيازات.

في القضايا الجنائية الحساسة، تعتبر الإجراءات القانونية ركيزة أساسية لضمان تحقيق العدالة. فلا يمكن للقضاء أن يُصدر أحكاماً بناءً على ضغط الشارع أو الرأي العام، بل يجب أن يستند إلى المعطيات القانونية والإجراءات المنصوص عليها في القانون المغربي ،من هذا المنطلق، فإن احترام قرينة البراءة و حقوق الدفاع، وضمان المحاكمة العادلة، والنظر في جميع الأدلة والملابسات أمور لا يمكن تجاوزها.

من بين العناصر المثيرة للجدل في هذه القضية هو وجود ملف طبي يؤكد أن المتهم يعاني من اضطرابات نفسية،يُعتبر هذا المعطى عاملاً مهماً يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار عند إصدار الحكم، حيث تنص القوانين الدولية والمغربية على أن الأمراض النفسية قد تؤثر على المسؤولية الجنائية للمتهم.

إن مطالب الإعدام أو المؤبد في هذه القضية تعكس شعوراً عاماً بالاستياء من الجرائم المرتكبة، لكن استقلالية القضاء تبقى مبدأ دستورياً يجب احترامه. الضغوط الإعلامية أو الشعبية لا ينبغي أن تكون مؤثرة على القرارات القضائية. لذا، فإن إصدار الأحكام يجب أن يراعي روح القانون، ويوازن بين حق المجتمع في العدالة وحقوق المتهم في محاكمة عادلة.

قضية “ولد الفشوش” تفتح الباب أمام نقاش أعمق حول كيفية تعامل القضاء مع القضايا التي تثير اهتمام الرأي العام. حيث أصدرت أحكام في ملفات أكثر عنفا و عن سبق إصرار و ترصد مثل ملف الشرطي الذي أقدم على إطلاق الرصاص على عشيقته و صديقها بالشارع العام على مرأى و مسمع الجميع و ملف الشخص الذي قام بقتل أفراد عائلته و أبناءهم و عمل على حرقهم بطريقة بشعة بمدينة سلا وتم متابعتهم بالسجن المؤبد بينما تم الحكم على ولد الفشوش بالإعدام في ملف يغيب عنه الإصرار و الترصد و التمثيل بالجثة لكن حضر الضغط الإعلامي بقوة و العنوان الرئيس هو ولد الفشوش رغم أن الملف يحوي أطراف أخرى يمكن أن تقلب الملف رأسا على عقب لو تم مناقشته بعيدا عن عناوين السوشيل ميديا و شطحات مؤثريها حتى أصبح يحق لنا اليوم أن ندرج لقب ولد الفشوش ضمن لائحة التهم و لعل هذه الصفة أصبحت للأسف الشديد ظرفا من ظروف التشديد يدفع ثمنه كل من أخطأ من أبناء الأثرياء .

بينما يبقى تحقيق العدالة مطلباً مشروعاً، فإن استقلالية القضاء هي الضمانة الحقيقية لتحقيقها بعيداً عن أي تأثيرات خارجية،يجب على الجميع، من مواطنين وإعلاميين، احترام مسار العدالة وترك الكلمة الأخيرة للقضاء وحده واحترام قرينة البراءة إلى أن تنتهي مناقشة الملف في جميع الدرجات و يصبح الحكم حائز لقوة الشيء المقضي به.

اقرأ أيضاً: