الرئيسية آراء وأقلام قراءة حول التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2020

قراءة حول التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2020

FB IMG 1570710934770.jpg
كتبه كتب في 10 أكتوبر، 2019 - 1:43 مساءً

من إعداد عبد الله التائب

حاصل على شهادة الماستر  في الحكامة القانونية و القضائية بالمحمدية

طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 130.13 المتعلق بالمالية العمومية ، أضحى مسار إعداد و اعتماد مشروع قانون مالية السنة  يمر عبر مجموعة من المراحل الأساسية بدء من مرحلة الشروع في إعداده من طرف الوزير الملكف بوزارة الاقتصاد و المالية تحت إشراف و سلطة رئيس الحكومة , مرورا بمرحلة المناقشة و التصويت  من طرف مجلسي البرلمان  بالأسبقية ( مجلس النواب ثم بعد ذلك مجلس المستشارين ), وصولا إلي مرحلة الإصدار بتنفيذه  و النشر في الجريدة الرسمية .

ككل سنة ينصب الحديث حول مشروع قانون مالية السنة الذي يعد عملا تشريعيا خالصا تتمتع الحكومة بصلاحيات واسعة في مجال إعداده و تنفيذه,ويرجع السبب في ذلك في كون أن مشاريع قوانين المالية تتضمن مخططات للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية, وإجراءات جبائية جديدة  للدولة  تسهر السلطة التنفيذية على تحقيقها  على ارض الواقع .

ويأتي  مشروع قانون المالية لسنة 2020  في سياق إعداد نموذج تنموي مغربي جديد يضمن مقومات جديدة تهدف إلي إرساء منظومة ناجعة للحكامة المؤسساتية ترتكز على تحقيق  جودة الحياة للجميع، وتتيح للمواطنات والمواطنين فرص استثمار مؤهلاتهم وطاقاتهم الإبداعية وتحسين مستوى عيشهم في إطار تنمية وتعزيز الرأسمال البشري , والمساهمة في تحقيق مغرب منصف يستمد قوته وفخره من تاريخه وحضارته ومؤسساته وقيمه، وضمان تموقع جيد و أفضل للمغرب في محيطه الإقليمي و الدولي.

وتمهيدا للشروع في إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2020، عرض المجلس الوزاري برئاسة الملك مجموعة من توجهات العامة التي يستند عليها مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، وكذا الأولويات التي سيتم التركيز عليها خلال السنة المقبلة,

وقد ارتكزت هذه التوجهات العامة  لمشروع قانون المالية لسنة 2020 على  أربع أولويات وهي كالتالي :

ـ  أولا: الشروع في التنزيل الفعلي للقانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين : باعتباره مرتكزا لتقليص الفوارق وإرساء مبدأ تكافؤ الفرص، وتعزيز الدعم الاجتماعي للتمدرس، إضافة إلى تفعيل خارطة الطريق لتطوير التكوين المهني، خاصة فيما يتعلق بإنشاء مدن جهوية للكفاءات والمهن، وتحديث المناهج التربوية عبر التكوين بالتناوب والتكوين بالتدريج، وملاءمة وتطوير روح المقاولة خاصة بالنسبة للشباب المنتمين للقطاع غير المهيكل.

– ثانيا: إرساء آليات الحماية الاجتماعية ودعم الطبقة الوسطى وتعزيز استهداف الفئات المعوزة : من خلال تحسين وتعميم الخدمات الاستشفائية، وتوسيع التغطية الصحية، وتفعيل التأمين الصحي، إضافة إلى تنزيل التزامات اتفاق الحوار الاجتماعي، وتحسين استهداف الفئات في وضعية هشاشة، والتطوير التدريجي للمساعدات المباشرة لفائدتهم، وتسريع عملية تنزيل برنامج الحد من الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي، ومواكبة المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

– ثالثا: تسريع تنزيل الجهوية : باعتبارها رافدا أساسيا لمعالجة الفوارق المجالية، وتحقيق التوازن المنشود بين المجهود التنموي العام، وبين خصوصية كل جهة، من خلال الرفع من موارد الجهات، وتسريع تفعيل ميثاق اللا تمركز الإداري.

– رابعا: إعطاء دينامية جديدة للاستثمار ودعم المقاولة : مع التركيز على تنزيل توصيات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، ومواصلة تصفية دين الضريبة على القيمة المضافة، مع تقليص آجال الأداء، بالإضافة إلى إحداث صندوق للتأهيل والدعم المالي للمقاولات الصغيرة والصغيرة جدا والمتوسطة.

ويتضح من خلال هذه التوجهات العامة التي يستند عليها مشروع قانون المالية لسنة 2020  أن الحكومة تبحث عن التوازنات المالية التي ولدت ميتة في ظل مشاريع قوانين المالية للسنوات السابقة  خاصة أنها  لم تزد الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية  إلا تأزما و تعقيدا وظلت مجرد آلية لتعبئة الموارد المالية للدولة مع تضييق الخناق على الفئات الاجتماعية الضعيفة  و القطاعات الاقتصادية الهشة  .

ومن المنتظر إحالة مشروع قانون المالية على المجلس الحكومي من أجل المصادقة  عليه, وبعدها إيداعه بعد ذلك في 20 أكتوبر بمكتب مجلس النواب داخل أجل 30 يوما قصد الدراسة والتصويت,  تم  إحالته على مجلس المستشارين للمناقشته والتصويت عليه داخل أجل 22 يوما، قبل أن يمر إلى المحطة الأخيرة (6 أيام) المتمثلة في المصادقة النهائية عليه من قبل مجلس النواب في قراءة ثانية بعد دراسة تعديلات الغرفة الثانية للبرلمان, وبعدها يتم إصدار الأمر بتنفيذه من طرف الملك و نشره في الجريدة الرسمية.

مشاركة