الرئيسية آراء وأقلام “قانون الجبل”.. متى تخرج الدولة عن صمتها؟

“قانون الجبل”.. متى تخرج الدولة عن صمتها؟

bougamaz manifestation3
كتبه كتب في 12 يوليو، 2025 - 6:47 صباحًا

بقلم:عبد السلام اسريفي

أعادت المسيرة الاحتجاجية التي نظمتها ساكنة آيت بوكماز، انتفاضًا من أجل الكرامة والعدالة المجالية، النقاش إلى واجهة السياسات العمومية المنسية، حول ضرورة سن قانون خاص بالمناطق الجبلية، قانون يراعي خصوصياتها الجغرافية والاجتماعية، ويؤطر الاستجابة لإشكالاتها التنموية المتعددة، ضمن رؤية منصفة تضمن الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم.

فمطالب الساكنة ليست جديدة، بل مؤجلة منذ عقود. هي نفسها التي تتكرر في كل منطقة جبلية على امتداد خارطة المغرب المنسي: طرقات معبدة، ماء صالح للشرب، شبكة تغطية، مركز صحي مجهز، تسهيلات في رخص البناء، ووجود مؤسسات تعليمية في المستوى. كلها مطالب بسيطة، لكنها ما تزال بعيدة المنال، في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية تُترجم الوعود إلى واقع.

العدالة المجالية.. شعار أم التزام دستوري؟

ما وقع في آيت بوكماز يجب ألا يُقرأ فقط كاحتجاج محلي، بل كصرخة من أعالي الجبال تطالب بما هو أبسط من التنمية: الاعتراف بوجود الإنسان الجبلي كمواطن كامل الحقوق. فهل من المقبول أن يضطر المواطنون لقطع عشرات الكيلومترات سيرًا على الأقدام، تحت حر الشمس أو في برد الشتاء، فقط لإسماع صوتهم؟ وهل ننتظر دائمًا ضغط الشارع حتى تتحرك عجلة القرار؟

العدالة المجالية، كما ينص عليها الدستور، ليست ترفًا سياسيًا، بل التزام قانوني وأخلاقي، يتطلب من الحكومة ومجالس الجهات والمؤسسات المنتخبة أن تجعل المناطق الجبلية في قلب السياسات العمومية، لا على هامشها.

السلطات والمجالس.. الحضور الغائب

في ظل هذا الحراك الاجتماعي المتجدد، يُطرح سؤال كبير عن دور السلطات المحلية والمجالس المنتخبة:
أليس من واجبها جرد حاجيات الساكنة وتقديم تقارير دقيقة للمركز؟ أليس من مهامها الترافع باسم المواطن الجبلي، ونقل معاناته وهمومه لمن يملك القرار؟ أم أن دورها يقتصر على موسمية الحضور، وطقوس التدشين، والوعود التي لا تتجاوز أوراق البلاغات؟

قانون الجبل.. بين الغياب والتأجيل

رغم تعدد المطالبات التشريعية والمدنية، لا يزال “قانون الجبل” حلمًا مؤجلًا. مشروع كان من المفترض أن يشكل نقطة تحول في تعاطي الدولة مع المناطق الوعرة والمهمشة، لكنه ظل حبيس رفوف اللجان ومجالس النقاش، دون أن يرى النور. هل هو غياب في الإمكانيات أم في الإرادة؟ سؤال مشروع تُجيب عنه، بمرارة، مسيرات أخرى قد تخرج من أعماق الجبال المنسية، حيث لم تعد الوعود تكفي، ولم يعد الصبر مجديًا.

لقد آن الأوان لتستفيق الدولة من “سباتها” في ما يخص ساكنة الجبل، وأن تتحرك من منطق رد الفعل إلى منطق الفعل الاستباقي. فالمناطق الجبلية لا تحتاج صدقات، بل حقوقًا مضمونة بقانون، وتنمية عادلة، واستثمارًا حقيقيًا في الإنسان.

مشاركة