الرئيسية آراء وأقلام في دورة 7 ماي بجماعة سيدي بنور جدل قانوني: بين المادة 25 والمادة 60… من يُفسر الغموض؟!

في دورة 7 ماي بجماعة سيدي بنور جدل قانوني: بين المادة 25 والمادة 60… من يُفسر الغموض؟!

IMG 20250507 WA0052
كتبه كتب في 7 مايو، 2025 - 4:40 مساءً

بقلم:عثمان لبصيلي

عرفت دورة 7 ماي 2025 بجماعة سيدي بنور نقاشًا قانونيًا وسياسيًا حادًا، عقب ترشح مستشارة جماعية من المعارضة لرئاسة لجنة المالية، الأمر الذي قوبل برفض صارم من طرف رئيسة المجلس، بدعوى انتماء المستشارة إلى لجنة أخرى، في استناد مباشر إلى المادة 25 من القانون التنظيمي رقم 113.14.

لكن ما كان من المفترض أن يُحل ببساطة عبر قراءة قانونية واضحة، تحول إلى جدل محتدم، بلغ حد تدخل موظفي الجماعة، ثم السلطة المحلية، التي استندت بدورها على المادة 60، في تأويل زاد من تعقيد المسألة، بدل أن يزيل غموضها.

المادة 25: نص واضح… وتأويل مختلف
تنص المادة 25 بوضوح على أنه:
“يحدث المجلس الجماعي لجانًا دائمة، ويحدد عددها وكيفية عملها، ويُنتخب رؤساء هذه اللجان من بين أعضاء المجلس. ولا يمكن لعضو أن ينتمي لأكثر من لجنة دائمة واحدة.”

في ظاهر النص، يفيد القانون أن العضو لا يمكنه أن يجمع بين عضويتين، لكن لا يشترط أن يستقيل مسبقًا قبل الترشح لرئاسة لجنة أخرى، بل يُفهم أن عليه تسوية وضعيته فور انتخابه، لا قبله.

هذا التأويل مدعوم بممارسات داخل عدد من المجالس في المغرب، وبقراءة فقهاء القانون الدستوري، مثل الأستاذ محمد الأعرج، الذي يرى أن “الغاية من المنع هي تفادي التراكم والاحتكار، لا تقييد حق الترشح نفسه”.

المادة 60: تدخل غير ذي موضوع؟
إشكال آخر زاد الوضع التباسًا، حين تدخلت السلطة المحلية مستندة إلى المادة 60 من نفس القانون التنظيمي، وهي المادة التي تتعلق في الأصل بحالات التنافي المرتبطة برئاسة الجماعة ونوابها، لا بعضوية اللجان أو ترؤسها.

وقد أثار هذا التدخل استياءً في أوساط المعارضة، التي اعتبرت الأمر خرقًا لتأويل القانون و”توسيعًا لاختصاصات السلطة المحلية على حساب المجلس المنتخب”.

المعضلة: غموض في النص أم ضعف في التفعيل؟
المثير في هذا الجدل ليس فقط تأويل النصوص القانونية، بل أيضًا غياب قواعد إجرائية داخلية تضبط مثل هذه الحالات، ما يُبرز خللًا واضحًا في بنية التدبير المحلي.

يرى بعض المتتبعين، ومنهم الخبير في الحكامة المحلية الأستاذ عبد الرحيم العلام، أن “المجالس الجماعية مطالبة بوضع قوانين داخلية دقيقة تُكمل النصوص العامة، حتى لا تبقى رهينة التأويلات السياسية أو الضغوط الإدارية”.

نحو إصلاح تشريعي وإجرائي
ما حدث في سيدي بنور ليس حالة استثنائية، بل نموذج لما تعانيه العديد من الجماعات الترابية من فجوات قانونية وتنظيمية، ما يفتح النقاش حول ضرورة:

-مراجعة القانون التنظيمي 113.14، وخاصة في الجوانب الإجرائية لانتخاب رؤساء اللجان.

-إصدار مذكرات تفسيرية من وزارة الداخلية لتوحيد التأويلات.

-تضمين أنظمة المجالس الداخلية لبنود صريحة تنظم الانتقال من لجنة إلى أخرى والآجال القانونية للاستقالة أو الترشح.

خاتمة: السياسة تحتاج إلى قانون محكم
ما وقع في دورة 7 ماي هو تذكير قوي بأن تدبير الشأن المحلي لا يكفيه التوافق السياسي أو التمثيل الديمقراطي، بل يحتاج إلى نصوص دقيقة، وتأويل موضوعي، وآليات تنظيمية تُجنّب المجالس الوقوع في فوضى التقديرات الشخصية.

فبين حق الترشح ومبدأ الانضباط القانوني، يظل الحل في يد المشرّع، وفي يقظة المجالس نفسها لوضع قواعد داخلية تحمي الممارسة الديمقراطية من العرقلة والتأويل.

مشاركة