الرئيسية آراء وأقلام في المسار التكويني للأديان الجنون كفعل مضاد للنيل من بعثة الرسل….

في المسار التكويني للأديان الجنون كفعل مضاد للنيل من بعثة الرسل….

FB IMG 1649510278289
كتبه كتب في 9 أبريل، 2022 - 1:19 مساءً

بقلم: نورالدين بوصباع

كيف في المسار التكويني للاديان وفي مسألة بعثة الرسل والانبياء كان لابد أن تُوَاجه كل دعوة بالتكذيب والازدراء والاستخفاف ورمي المُبْعثين بشتى النعوت الذنيئة، إنه المسار المملوء بالعقبات والالم والتحدي الذي واجهه الرسل والانبياء لتبليغ الرسالة و نشر الدعوة،وعليه لو قمنا بتعقب هذا المسار التكويني من زاوية ابستمولوجية مقارنة نكاد نجد تشابها كبيرا في هذا الامر بين كثير من الرسل الذين وصفوا بأوصاف مخلة للنيل منهم ولتسفيه دعوتهم أمام حوارييهم ومناصريهم، ولعل أهم وصف تم استغلاله في هذا الصدد نجد صفة الجنون، وهو ليس استغلالا ساذجا بل أن مجرد الحديث عن الجنون هو تقويض لجوهر العقل ولجوهر المنطق وهذا مايضع المجنون في وضع مفارق للحقيقة وللمنطق، إنه يضعه في زاوية الخلل في بناء المعرفة بشكلها التداولي وترتيب الاولويات والتمييز بين الامور، إنه الجنون الذي يجعل صاحبة فاقدا لمنطق العامة.
جاء في انجيل مرقس الاصحاح 21:3 “ولما سمع اقرباؤه خرجوا ليمسكوه لانهم قالوا انه مختل” وجاء في سورة الحجر” وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ” وفي سورة الدخان “ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ”، إذا كما سبق وقلت فإن هناك مسارا تكوينيا وبنيويا يكاد يكون متشابها في صيرورته وسيرورته وإلى حد كبير في بعثة الرسل و في مسار الدعوة وإن كانت هناك اختلافات في بعض الاشياء، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن الأديان السماوية مصدرها واحد و رسالتها واحدة وأن ماعشته من تجارب قاسية حتى اشتد عودها هي تجارب واحدة وأنه مايجمع بين الاديان أكثر مما يفرقها لأنها جميعها جاءت بفكرة الخلاص كما تذهب إلى ذلك التجربة العرفانية ذات العمق الكوني والانساني بعيدا عن التزمت الفقهي والكهنوتي.
لنعد لصفة الجنون وهي صفة اشكالية تثير كثيرا من التساؤلات فمن هو المجنون؟ وماهي مستويات إدراكه؟ وما هي زاوية رؤيته لذاته وللعالم؟ اسئلة قد نجد بعضا من أجوبتها بقراءتنا “المجنون: للكاتب الكوني جبران خليل جبران، فالمجنون حتى وإن تصورنا الرسل والانبياء مجانين هم أناس ينطقون بالحكمة وكما قيل اهم شيء في المجنون هو عقله، إن العقل الذي يتعالى على شرطي الزمن والمكان والعادة والقطيعية، ليقول للعالم أنت لست هو العالم الذي يُوفر لي شرط إنسانيتي بعنادك ونفاقك وجبروتك و بلاهتك، أنت لست هو العالم الذي يرتقي بالانسان إلى مرتبة الانسانية ولهذا فأنا لا أُبالي بك وبتفاهتك، أنا المجنون أبحث عن أقاليم جديدة من الالق والضوء والخلاص، أنا المجنون سأسيح في العالم بحثا عن حرية مفُتقدة باسم الوصاية وباسم الاعراف، أنا المجنون الذي سأبشر بالخلاص للانسان الذي يعشق الله.

مشاركة