الرئيسية آراء وأقلام عزوف الجمهور المغربي عن القاعات السينمائية يطرح أكثر من سؤال

عزوف الجمهور المغربي عن القاعات السينمائية يطرح أكثر من سؤال

Cinema.jpg
كتبه كتب في 29 ديسمبر، 2017 - 10:28 مساءً

  

صوت العدالة-  وجدان بنوا

 

في العقود الأخيرة من القرن الماضي ، كان الذهاب إلى السينما طقسا اعتياديا يمارسه المغاربة ، في أجواء احتفالية ، وبالخصوص في نهاية الأسبوع ، وفي فترة العطل المدرسية وفي المناسبات الدينية و الوطنية.

 وبعدما كانت مقولة حب الحياة مرتبطة بالذهاب إلى السينما ، اليوم لم تعد هذه المقولة تعني الكثير لدى عشاق الفن السابع في المغرب ، فرواد دور العرض هجروها بحثا عن أماكن جديدة للفرجة ، فاضطر أصحاب القاعات لإغلاق أبوابها.

ولم تسلم حتى بعض قاعات السينما الحديثة الطراز من لعنة الإفلاس ، وتحول بعضها إلى محلات تجارية أو مجمعات سكنية و الأوفر منها حظا تحول إلى مكتبة .

الناقد السينمائي أحمد الدافري ، يرى أن عزوف الجمهور عن ارتياد القاعات السينمائية في المغرب بدأ يثير الجدل والنقاش ، انطلاقا من النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي، مع ظهور أجهزة وأشرطة الفيديو، وانتشار محلات اكتراء الأفلام السينمائية، قبل أن تتطور تقنيات التسجيل الرقمي والبث التلفزيوني عن طريق الأقمار الاصطناعية في بداية هذه الألفية،  وغزو الأقراص ،الأسواق بأثمنة زهيدة، وتكاثر القنوات الفضائية الموضوعاتية المتخصصة في الأفلام .

وأضاف كذلك  أن سوء حالة الأفلام من حيث الصوت والصورة  من بين الأسباب التي تؤثر سلبا على استقطاب الجمهور، وتساهم في إغلاق القاعات السينمائية.

قبل الثمانينيات كانت السينما بالنسبة إلى الشباب عنصرا ثقافيا وترفيهيا في منتهى الأهمية، تسمح لهم بالاتصال بالعالم ، تتيح لهم إمكانية تلبية حاجتهم في المعرفة والفرجة والتفاعل الوجداني،  سواء داخل الأندية السينمائية ، من خلال أعمال ذات طبيعة فكرية، أدبية،  سياسية، تجريبية، أو داخل قاعات العرض التجارية من خلال أعمال تاريخية، رومانسية، اجتماعية، بوليسية أو أفلام الرعب والخيال العلمي.. غير أن تغير تطور وسائل التواصل في مجال الإعلام وظهور وسائط جديدة،غيرت نظرة الشباب  لدور السينما، إذ أصبحت فضاء تقليديا مرتبطا بعدد من الطقوس والقيود، التي لم تعد طبيعة الحياة تسمح بالالتزام بها.

 فبدل أن يبذل المتفرج جهدا في التنقل لمشاهدة فيلم سينمائي وفق ضوابط ملزمة، أصبح بإمكان الفيلم السينمائي أن ينتقل إليه عن طريق الإنترنت أو في قرص مدمج عن طريق حاسوب أو  لوحة إلكترونية أو هاتف ذكي، وهو قابع في البيت أو في مقهى أو ممدد فوق السرير.. كما أن شباب اليوم ، في سياق بحثه عن وسيلة لإثبات كينونته، وسعيه إلى امتلاك وسائل للتعبير عن مواقفه وآرائه وأفكاره، لم يعد يقبل بأن يكون مجرد كائن مستقبل لخطاب من لدن صانع الفرجة السينمائية، بل أضحى يقبل على الفضاءات التواصلية التي تضمن له التفاعل الآني، وأصبح يفضل أن يكون طرفا فاعلا في ما يستقبله من نصوص لفظية ومرئية، من خلال التعليق المباشر على مضامين هذه النصوص، وانتقادها، والتعبير عن رأيه فيها، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق له من خلال الانزواء في ظلام قاعة سينمائية، بل في فضاء افتراضي داخل مواقع التواصل الاجتماعي، أو مواقع الأفلام، أو في اليوتيوب أو غيرها .

تقول بشرى ايجورك ، ممثلة ومخرجة مغربية، أن أزمة الإقبال على القاعات السينمائية ببلدنا له أسباب عدة ، من بينها أنه ليس هناك تربية على ضرورة الذهاب إلى السينما منذ الطفولة و في المناهج الدراسية ، و كذلك الورشات التي يستفيد منها التلميذ، نادرا ما يلقن الطفل المغربي ثقافة ارتياد القاعات و بالتالي لا نكون أجيال تدرك قيمة القاعة السينمائية و الفيلم و الثقافة، أيضا سبب آخر متعلق بقيمة و أجواء هاته القاعات فاغلبها أغلق و الباقي تسكنه الفئران و الحشرات…

 كما أن هناك قاعات تقدم أفلام تافهة و يرتادها البعض بحثا عن متع أخرى غير الفرجة السينمائية ، بالإضافة إلى  منافسة الفضائيات التي أصبحت متخصصة في تقديم الأفلام و المواد السينمائية و كذلك القرصنة التي جعلت الفيلم يصل إلى المتلقي قبل عرضه و هذه آفة خطيرة و مدمرة للإنتاج السينمائي.

و في الوقت الذي تضاعفت فيه إنتاجات الأفلام المغربية ، إذ وصلت إلى أكثر من 14 فيلما طويلا و 50 فيلما قصيرا سنويا .

نلاحظ حسب إحصائيات  المركز السينمائي، أن عدد القاعات السينمائية تراجع بشكل تدريجي وخطير فبعد أن كان المغرب يتوفر على 254 قاعة عام 1980، بدأ العدد يتراجع حتى أصبح عددها أقل من30 قاعة سنة 2017، و 55 شاشة فقط .

هذا ما أكدته  فاطمة الإفريقي، إعلامية وعضو سابق في  لجنة دعم إنتاج الأعمال السينمائية، تقول أن رغم ازدياد الإنتاج السينمائي المغربي ، وتطوره من حيث الشكل والمضمون ، وأيضا من حيث الكم و الكيف ، و تعدد المهرجانات و تطور السينما ، هناك مفارقة كبيرة أي رغم الجودة في الإنتاج ،هناك تراجع في إقبال الجمهور ، لأسباب ثقافية واجتماعية، و كذلك في إطار الثورة التواصلية مثل التلفزيون والقرصنة وغياب المراقبة بحيث أصبحت أشهر وأحدث الأفلام متاحة في الأسواق المغربية ،بالإضافة إلى الانترنيت التي اكتسحت جميع البيوت، وتطور كذلك شكل التلفزيون كشاشات كبرى جيدة من حيث الصورة والصوت، هذا ما جعل متابع السينما المغربية  متابع كسول على حد قولها.

مشاركة