شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، اليوم، مناقشة أطروحة دكتوراه الدولة في القانون التي تقدم بها الطالب الباحث عبدالرحيم موهوب، الموسومة بـ«الإثبات الجنائي في جرائم الأعمال»، وذلك في إطار علمي رفيع المستوى، حضرته نخبة من الأساتذة الجامعيين والباحثين والمهتمين بقضايا القانون الجنائي والاقتصادي. وقد توج هذا الاستحقاق الأكاديمي بمنح الباحث شهادة دكتوراه الدولة في القانون بميزة مشرف جدًا، مقرونة بتوصية صريحة بنشر الأطروحة، اعترافًا بقيمتها العلمية وأهميتها البحثية وما تضمنته من إضافات نوعية على مستوى التحليل والمنهج.
ويكتسي هذا التتويج بعدًا خاصًا عند استحضار المسار الأكاديمي المتميز لعبدالرحيم موهوب، الذي راكم تجربة علمية فريدة باعتباره حاصلًا، إلى جانب دكتوراه الدولة في القانون، على دكتوراه الدولة في علم الاجتماع السياسي، ما يجعله نموذجًا للباحث مزدوج الاختصاص القادر على بناء جسور معرفية بين الحقول القانونية والاجتماعية. هذا التكوين المركب مكّنه من الجمع بين الصرامة المفاهيمية للنص القانوني، والقدرة على تفكيك البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تنتج ظاهرة الجريمة، خصوصًا في مجال جرائم الأعمال ذات الطابع المركب والمعقد.
وقد انعكس هذا التراكم المعرفي بوضوح على أطروحة «الإثبات الجنائي في جرائم الأعمال»، التي لم تكتفِ بالتحليل التقني لقواعد الإثبات وآلياته الإجرائية، بل انفتحت على قراءة معمقة للسياق الاجتماعي والاقتصادي الذي تتشكل داخله الجرائم الاقتصادية، في مقاربة واعية تُزاوج بين القانون باعتباره نسقًا معياريًا مجردًا، والواقع باعتباره مجالًا ديناميًا تتفاعل داخله المصالح والسلطات والسلوكات الإجرامية.
وأبان الباحث من خلال عمله الأكاديمي عن قدرة عالية على التنقل المنهجي بين العلوم القانونية والاجتماعية، موظفًا أدوات كل حقل معرفي توظيفًا دقيقًا في خدمة تحليل علمي متكامل، حيث عالج إشكاليات الإثبات الجنائي في جرائم الأعمال معالجة دقيقة ومتوازنة، مستندًا إلى قراءة نقدية للنصوص القانونية، وإلى استحضار المعطيات الواقعية والممارسات القضائية، مع إدماج البعد السوسيولوجي لفهم الجريمة الاقتصادية في ارتباطها بالبنية الاقتصادية والسياسية للمجتمع.
ويكرس هذا التتويج العلمي، في مجالين معرفيين متداخلين وحساسين هما القانون وعلم الاجتماع السياسي، مكانة عبدالرحيم موهوب كباحث متمكن وفاعل أكاديمي مؤهل للإسهام الجاد في تطوير البحث العلمي القانوني والسوسيولوجي، ويجسد نموذجًا للبحث الرصين الذي لا يفصل القانون عن المجتمع، ولا يعزل الجريمة عن شروطها البنيوية والسياقية، بما يسهم في تعميق الفكر القانوني وتوسيع أفق الفهم العلمي للظواهر الإجرامية المعاصرة، خاصة في مجال جرائم الأعمال.
