ظاهرة المرضى النفسيين الخطرين و المختلين عقليا : قنابل موقوتة بيننا أم ضحايا الإهمال ؟

نشر في: آخر تحديث:

في كل مرة نسمع عن جريمة مروعة يكون بطلها شخص “مختل عقليًا”، يتكرر السؤال نفسه: كيف تُرِك هذا الشخص حرًا طليقًا؟ ولماذا لا يتم إيداعه في مستشفى للعلاج؟ لكن، وكالعادة، لا أحد يجيب! لأن الجواب ببساطة قد يربك السلطات المعنية، وقد يحرج وزارة الصحة، وربما يسبب أزمة نفسية لأصحاب القرار أنفسهم، مما يستوجب إدخالهم إلى المستشفى بدلًا من المرضى الحقيقيين!

“مختلون” في الشوارع… و”عقلاء” في المكاتب المكيفة!

أصبح من الطبيعي أن نصادف أشخاصًا يتجولون في الشوارع بملابس ممزقة، يتمتمون بكلمات غير مفهومة، وربما يلوحون بقطع خشبية في الهواء وكأنهم في معركة غير مرئية! نحن نراقبهم من بعيد، نتجنب الاحتكاك بهم، نحاول ألا نلتقي أعينهم، وإذا اقتربوا منا، نركض وكأننا في سباق أولمبي. لكن السؤال هنا: لماذا هؤلاء الأشخاص خارج المستشفيات وليسوا داخلها؟ ولماذا أصبحت شوارعنا بديلاً لأقسام العلاج النفسي؟

عائلات في مواجهة القنبلة الموقوتة

في الجهة الأخرى، نجد أسرًا تعيش تحت ضغط ومعاناة يومية، لا تعرف متى سينفجر أفرادها المرضى في وجوههم. يريدون العلاج لهم، لكن لا مستشفى يقبلهم. يريدون وضعهم في مراكز الإيواء، لكن الأخيرة ترفضهم بحجة أنها “ليست مصحة”. السلطات المحلية تبذل جهدًا، وتحاول المساعدة، لكنها بدورها عاجزة أمام “الجدار البيروقراطي العظيم”. وهكذا، يصبح الحل الوحيد هو أن يتحول هؤلاء المرضى إلى قنابل بشرية مؤجلة، قد تنفجر في أي لحظة، في وجه أقرب الناس إليهم، أو في وجه المجتمع ككل.

الحلول المقترحة… ولكن من يسمع؟

الحلول ليست سرًا دفينًا، ولا تحتاج إلى لجان خبراء يجتمعون في فنادق خمس نجوم لمناقشتها، فهي واضحة وضوح الشمس:
1. توسيع الطاقة الاستيعابية للمستشفيات النفسية حتى لا يكون “لا يوجد سرير شاغر” عذرًا أبديًا.
2. تبسيط الإجراءات القانونية حتى لا يصبح إيداع مريض عقلي في المستشفى مهمة أصعب من دخول كلية الطب.
3. إنشاء مراكز إيواء متخصصة، لأن هؤلاء المرضى ليسوا بلا مأوى فقط، بل بلا رعاية أيضًا.
4. توفير دعم نفسي للأسر، لأن العائلة التي تعيش مع مريض نفسي بلا علاج قد تصبح بدورها بحاجة إلى علاج!
5. إجبار الجهات المعنية على التحرك، بدلًا من الاكتفاء بإصدار بيانات باردة بعد كل جريمة جديدة.

الخاتمة: متى سنستيقظ؟

إلى متى سنظل نسمع الأخبار نفسها، ونطرح الأسئلة نفسها، وننتظر “الكارثة القادمة” دون أن يتحرك أحد؟ هل يجب أن تكون الضحية شخصية مشهورة حتى نرى استنفارًا رسميًا؟ أم أن الحل الوحيد هو أن ننتظر أن يُصاب أحد المسؤولين أنفسهم باضطراب عقلي ليدركوا حجم الأزمة؟ الحقيقة أننا لا نحتاج إلى مزيد من الضحايا لنفهم أن هذه مشكلة خطيرة، بل نحتاج فقط إلى قليل من المنطق وكثير من الإرادة السياسية لحلها قبل فوات الأوان.

اقرأ أيضاً: