الرئيسية غير مصنف طفولتي و شغفي بكتاب “جهنم”

طفولتي و شغفي بكتاب “جهنم”

IMG 6349
كتبه كتب في 1 مارس، 2025 - 11:19 مساءً

بقلم عزيز بنحريميدة

لطالما كانت المكتبة في حينا مكانًا ساحرًا بالنسبة لي، ذلك المكان الذي تفوح منه رائحة الورق القديم والحبر الطازج، حيث تصطف الكتب على الرفوف كجنود صامتة تحمل في طياتها عوالم خفية وأسرارًا لا تحصى. كنت طفلًا فضوليًا، أبحث عن كل ما هو غامض، وأتوقف عند أغلفة الكتب التي توحي بأشياء لا أفهمها بعد، لكنها تثير بداخلي إحساسًا غريبًا مزيجًا من الرهبة والانجذاب.

في كل مرة أمر فيها أمام تلك المكتبة، كان هناك كتاب واحد يشدني أكثر من غيره، كتاب يحمل عنوانًا مخيفًا: “جهنم”. غلافه كان مرعبًا، صورة لأناس يصرخون بينما تلتهمهم ألسنة اللهب، وكأن النار تحاول الخروج من بين صفحاته. كنت أقف للحظات أمام الزجاج، أحدق في تلك الصورة، أشعر برعشة غامضة تسري في جسدي، ثم أكمل طريقي وأنا أفكر: ما الذي يوجد داخل هذا الكتاب؟ هل هو حكاية؟ أم حقيقة؟

كبر فضولي مع كل مرة أمر فيها بالمكتبة، لكنني كنت صغيرًا ولم أملك الجرأة للدخول وطلب الكتاب. كنت أخشى أن يسألني البائع عن سبب رغبتي في قراءته، أو أن يخبرني أن هذا الكتاب ليس مناسبًا للأطفال. لكن في كل مرة، كنت أعود إلى نفس المشهد: وقوفي أمام الزجاج، التحديق في الغلاف، محاولة تخيل ما تخبئه تلك الصفحات خلفه.

ذلك الفضول لم يكن مجرد اهتمام عابر، بل كان بداية لشغفي بالكتب والقراءة. لم أكن أدرك ذلك حينها، لكن تلك اللحظات الصغيرة أمام المكتبة، وذلك السؤال الذي لم يفارقني عن محتوى الكتاب، كانا جزءًا من رحلتي نحو حب المعرفة. ربما لم أقرأ “جهنم” في طفولتي، لكنني تعلمت أن الكتب هي نوافذ تفتح على عوالم مجهولة، وأن الفضول هو مفتاح الدخول إلى تلك العوالم.

اليوم، كلما مررت أمام مكتبة، أتذكر ذلك الطفل الصغير الذي وقف مشدوهًا أمام غلاف كتاب مرعب، وأبتسم. لأنه بفضل ذلك الفضول الذي أشعلته صورة على غلاف، أصبحت شغوفًا بالقراءة، وأدركت أن كل كتاب يحمل سرًا، في انتظار من يجرؤ على اكتشافه

مشاركة