في تصعيد جديد يكشف عن حالة من التذمر والاحتقان، وجهت الفيدرالية الوطنية لحوادث الشغل والأمراض المهنية بالمغرب مراسلتين حادتين إلى كل من نائب برلماني عن إقليم الرحامنة ووزير الصحة والحماية الاجتماعية، تطالب فيهما بتدخل فوري وعاجل لإنصاف ضحايا حوادث الشغل والأمراض المهنية، محذرة من أن غياب الحوار سيدفعها إلى خوض اعتصام مفتوح أمام مقر الوزارة بالعاصمة الرباط.
وجاء في المراسلتين، اللتين توصل بهما موقع “صوت العدالة”، أن تأخر إصدار المراسيم التطبيقية للقانون رقم 27.23، المتعلق بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن الأمراض المهنية، يشكل انتكاسة تشريعية غير مبررة، خاصة بعد مرور أشهر على نشر القانون بالجريدة الرسمية في مارس 2023، دون أن تُفعّل بنوده، رغم تعهدات رسمية سابقة.

وأكدت الفيدرالية في مراسلتها إلى الوزير المسؤول أن هذا الإهمال يعمّق من معاناة آلاف الضحايا وعائلاتهم، الذين يعيشون أوضاعًا صحية واجتماعية مزرية، ويُحرمون من حقوقهم المشروعة، خاصة أولئك المصابين بأمراض مزمنة ناتجة عن ظروف العمل، من قبيل مرض السيليكوني الخطير، الذي يتسبب في اختناق تدريجي وينتشر بشكل خاص في أوساط عمّال المناجم.
كما أشارت الفيدرالية إلى أن لقاءاتها السابقة مع مسؤولي الوزارة لم تفضِ إلى نتائج ملموسة، رغم وعود برلمانية بدعم الملف، مؤكدة أن البرلمان احتضن جلسة استماع بمشاركة أكثر من 1500 حالة، دون أن يُترجم ذلك إلى قرارات عملية.
وتساءلت الفيدرالية عن مصير الكرامة الإنسانية لهؤلاء المصابين، مستنكرة “الاستخفاف غير المقبول” بمطالبهم، ووصفت هذا الوضع بأنه يمثل “وصمة عار في جبين السياسات العمومية”، مطالبة بتحمل الحكومة لمسؤولياتها الكاملة في ضمان الحماية الاجتماعية لهؤلاء الضحايا.
وحذرت الهيئة النقابية من أن هذه المرة لن يظل احتجاجها حبيس القاعات أو البيانات، بل ستنتقل المعركة إلى الشارع، بتنظيم وقفات واعتصامات مفتوحة أمام الوزارة، كخطوة تصعيدية إذا استمر ما وصفته بـ”التجاهل الممنهج”.
ويُنتظر أن تشهد الأيام المقبلة تحركات ميدانية للفيدرالية إذا لم يتم التجاوب مع مطالبها، وسط تضامن متزايد من عدد من البرلمانيين ومكونات المجتمع المدني، في ملف يأخذ أبعادًا إنسانية واجتماعية تتجاوز الحسابات الإدارية الضيقة.