بقلم عزيز بنحريميدة
في مسرح الحياة تدور أعنف المعارك ليس بالسلاح بل بالصراع على الكراسي ذلك الصراع الذي يبدأ بالحلم والطموح ثم يتحول إلى معركة ضارية تنتهي في كثير من الأحيان بالمآسي وخسارة النفس والأصدقاء والزملاء وأخيرا خسارة العمر نفسه.
لطالما كانت السلطة مغرية تحمل في طياتها بريق النفوذ واتخاذ القرار والتحكم في مصائر الآخرين لكن ما يغيب عن أذهان الكثيرين هو أن هذا البريق ما هو إلا سراب يقود صاحبه إلى رحلة محفوفة بالمكائد والتضحيات الجسيمة ليدرك بعد فوات الأوان أنه قد خسر أكثر مما ربح.
في غمار الصراع يتحول الحلفاء إلى أعداء ويتبدل الوفاء إلى خيانة يظن البعض أن البقاء في القمة يستوجب الإطاحة بالآخرين حتى لو كانوا رفاق الدرب ولكن ماذا يبقى حين يسقط الجميع عندما ينظر المرء خلفه فلا يجد إلا أطلال العلاقات التي هدمها بيديه.
أقسى ما في هذا السباق المحموم أنه يستهلك الإنسان حتى آخر رمق فتضيع القيم وتهتز المبادئ ويصبح المرء مجرد ظل لما كان عليه يسير مدفوعا بنشوة الإنجاز غير واع بأن الزمن يمضي حتى يستفيق متأخرا على حقيقة أنه قد ضيع عمره في معركة خاسرة.
عندما ينتهي الصراع وعندما تسقط الأقنعة يبقى الواقع الأليم لا كرسي يدوم ولا سلطة تبقى الجميع عابرون والمناصب زائلة وما يتبقى في النهاية ليس سوى الذكرى إما حسنة تذكر بالخير أو سيئة تلاحق صاحبها حتى بعد رحيله
إن أعظم انتصار ليس في احتلال الكراسي بل في كسب القلوب والحفاظ على القيم وبناء إرث يبقى بعد الفناء فكم من شخص ظن أنه امتلك العالم لكنه في النهاية خسر نفسه وكان ثمن ذلك باهظا لا يعوض.