الرئيسية آراء وأقلام سيدي بنور… حين يتحول التلاعب الطفيلي إلى نظام .

سيدي بنور… حين يتحول التلاعب الطفيلي إلى نظام .

IMG 20251222 WA0076
كتبه كتب في 22 ديسمبر، 2025 - 8:24 مساءً

بقلم: عثمان لبصيلي

ما تعيشه سيدي بنور اليوم ليس لغزًا يحتاج إلى فكّ شيفرته، ولا واقعة تحتاج إلى تأويل.
الحقيقة واضحة، فاضحة، مهما حاول البعض تغليفها بمحاضر رسمية، أو إلباسها لبوس القانون.
نحن أمام مدينة تُدار من خارجها،
وأمام منظومة تقتات على تعطيل الكفاءات وتمكين التابعين،
بأسلوب طفيلي يجعل من الخداع سياسة، ومن العبث نظامًا.

ليست هذه لغة انفعال، بل تشخيص لمرض مستشرٍ اسمه: التلاعب الطفيلي.

التلاعب الطفيلي… الفساد حين يلبس قناع الشرعية

الفساد الصريح يُدان ويُفضَح،
أما التلاعب الطفيلي فهو يتسلل تحت الجلد،
يُخنق القانون دون أن يخرقه،
ويُفسد النصوص دون أن يصطدم بها.

هو لا يوقّع قراراته، لكنه يفرض نتائجها.
لا يتحمل المسؤولية، لكنه يتحكم في كل شيء.

سلوكه قائم على أربع ركائز قاتلة:

تحكم بلا مسؤولية،

تعطيل بلا تبرير،

إقصاء بلا مواجهة،

ووصاية بلا صفة.

وهنا مكمن الخطر:
إنه يقتل المؤسسات من الداخل، ويحوّلها إلى جثث إدارية تتحرك بلا روح.

السياسة في سيدي بنور… ديمقراطية تُمارس دون سيادة

في سيدي بنور، نصوّت، ننتخب، نشكّل المجالس ونعقد الدورات…
لكن القرار، في لحظات الحسم، يُصنع خارج أسوار المدينة.

قرارات تُطبخ في أماكن مجهولة،
تُمرَّر عبر قنوات لا تُرى،
ويُفرض على المنتخبين أن يكونوا منفذين لا فاعلين.

كل من يرفع صوته مطالبًا بالاستقلالية،
يُحاصر أو يُهمَّش أو يُشيطَن.

هكذا تحوّلت السياسة من وسيلة لتدبير الشأن العام
إلى أداة للضبط والإخضاع،
ومن خدمة المواطن إلى خدمة مراكز النفوذ.

الرياضة… حين تُعاقَب المدينة خارج الملعب

الرياضة، كما السياسة، تعكس وجه الأزمة.
ففي سيدي بنور، تُهزم الفرق قبل أن تبدأ المباراة.

مدينة تُنجب المواهب، وتفيض بالشغف،
لكنها تُكافأ بالتعطيل والإقصاء.

مواسم تُجهض بقرارات مكتبية،

تأهيلات تُعلَّق دون مبرر،

دعم يُمنح بالمحسوبية لا بالاستحقاق،

ومسؤولون محليون بلا سلطة تُذكر.

الرياضة هنا لا تُدار بروح المنافسة،
بل بمنطق التحكم والانضباط الإجباري،
وما يبدو “خللًا إداريًا” ليس إلا قرارًا سياسيًا مقنّعًا.

التحكم من خارج المدينة… لبّ المأساة

القاسم المشترك في كل ما يحدث بسيدي بنور واحد:
القرار ليس ابن المدينة.

هناك من يقرر دون أن يعيش هنا،
ومن يتحكم دون أن يواجه الناس،
ومن يفرض خياراته دون أن يتحمل تبعاتها.

تُعامل المدينة كخزان انتخابي،
ومصدر للمواهب عند الطلب،
ثم تُركن على الهامش حين تطالب بحقها في القرار.

الصمت تواطؤ… لا حياد

في هذه المرحلة، الصمت ليس حيادًا، بل شراكة في استمرار التلاعب.
حين يُقنعون الناس بأن “هذا هو الواقع”،
ويُسوّقون الخضوع على أنه حكمة،
ويُهاجم كل صوت حرّ باسم “الاستقرار”،
حينها تتحول المدينة إلى رهينة.

وسيدي بنور، التي تُكبل اليوم،
إن فقدت قرارها،
فقدت كرامتها قبل أن تفقد تنميتها.

سيدي بنور ليست غنيمة

سيدي بنور ليست غنيمة انتخابية،
ولا حديقة خلفية لأي مركز نفوذ،
ولا ميدانًا للتجريب أو العقاب.

هي مدينة لها تاريخ، وكرامة، وحق مشروع في:

قرار سياسي مستقل،

منافسة رياضية نزيهة،

ومؤسسات تُحاسِب ولا تُدار من خلف الستار.

كلمة الموقف

هذا المقال ليس تصفية حسابات،
بل صرخة موقف ضد منهج طفولي في السلطة
يعيش على تعطيل الكفاءات،
ويخشى الشفافية،
ويرى في الاستحقاق خطرًا على وجوده.

وسيدي بنور — مهما طال الحصار —
مدينة تعرف كيف تصبر،
لكنها لا تُكسَر، ولا تُدار إلى الأبد من خارجها.

مشاركة