الرئيسية إقتصاد سياسة جديدة لمساعدة بلدان العالم الأشدّ فقراً على إدارة أوجه الضعف المرتبطة بالديون

سياسة جديدة لمساعدة بلدان العالم الأشدّ فقراً على إدارة أوجه الضعف المرتبطة بالديون

IMG 20210308 WA0038.jpg
كتبه كتب في 8 مارس، 2021 - 4:39 مساءً

صوت العدالة – اقتصاد

دخلت البلدان المُؤهَّلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية، وهي صندوق البنك الدولي لمساعدة أشد البلدان فقراً، أزمة جائحة كورونا وهي تعاني بالفعل من ارتفاع مستويات الديون وضعف أوضاع المالية العامة. وتفرض الجائحة حالياً ضغوطاً هائلة على هذه البلدان لتمويل النفقات الإضافية الخاصة بالإغاثة والتعافي في ظل تقلُّص إيرادات المالية العامة ومحدودية القدرة على الحصول على تمويل مستدام. ويزيد ذلك من حدة مخاطر الاستدانة في وقت تعاني فيه هذه البلدان بالفعل بسبب الديون.

بعد عام تقريباً على اندلاع هذه الأزمة، ارتفعت نسبة البلدان المُؤهَّلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية (التي تم تقييمها باستخدام إطار استمرارية القدرة على تحمُّل أعباء الديون للبلدان منخفضة الدخل) التي تمر بحالة مديونية حرجة أو المُعرَّضة لذلك بدرجة عالية من 50% إلى 55%، مع استمرار الاتجاه المتدهور الواضح منذ عام 2013.

الشكل 1: تطوُّر مخاطر الديون الخارجية في البلدان المُؤهَّلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية (النسبة المئوية للبلدان)
تطوُّر مخاطر الديون الخارجية في البلدان المُؤهَّلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية (النسبة المئوية للبلدان)
فيما تتطلَّع البلدان إلى إنعاش النمو والشروع في تحقيق تعافٍ قادر على الصمود من آثار الجائحة، فإنها ستحتاج إلى الحصول على تمويل مستدام بمبالغ أكبر ومضاعفة الجهود لمعالجة أوجه الضعف المتصلة بالديون.

نهج المؤسسة الدولية للتنمية القائم على الحوافز يهدف إلى دعم الإصلاحات التي تعالج مواطن الضعف المتعلقة بالديون
لقد استجابت المؤسسة الدولية للتنمية بسرعة من خلال زيادة التمويل ميسر للغاية زيادةً كبيرةً، بالإضافة إلى تقديم منح للبلدان الأكثر عرضة لحالات المديونية الحرجة، لتلبية الاحتياجات العاجلة المتعلقة بالجائحة ودعم جهود التقدُّم نحو تحقيق الأهداف الإنمائية الحيوية.

وفي إطار جهود الاستجابة، زادت المؤسسة الدولية للتنمية من تركيزها على الديون. وتهدف سياسة تمويل التنمية المستدامة، التي ترتكز على أجندة البنك الدولي الأوسع نطاقاً المعنية بالديون، إلى مساعدة البلدان على إدارة أوجه الضعف والمخاطر المتزايدة المتصلة بالدين العام. وتُكمِّل هذه السياسة مبادرات أخرى، مثل مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين التابعة لمجموعة العشرين، بأساليب يعزّز كل منها الآخر من أبرزها تهيئة الظروف لتعزيز شفافية الديون.

تهدف سياسة الديون الجديدة هذه إلى تحفيز البلدان على التحوُّل نحو سبل التمويل المتسمة بالشفافية والاستدامة، وتعزيز التنسيق فيما بين المؤسسة والدائنين الآخرين. وبموجب برنامج تعزيز استمرارية القدرة على تحمُّل أعباء الديون في إطار سياسة تمويل التنمية المستدامة، فإن البلدان التي تعاني من ارتفاع مخاطر الديون تقوم سنوياً بتحديد إجراءات خاصة بالأداء والسياسات تكون ضرورية لتعزيز شفافية الديون واستدامة المالية العامة وإدارة الديون. ولن تتمكَّن البلدان التي لا تنفِّذ هذه الإجراءات بصورة مرضية من الحصول على 10 أو 20% من مخصصاتها لدى المؤسسة في السنة التالية، وذلك تبعاً لمخاطر الوصول إلى مستوى المديونية الحرجة.

ومع الإقرار بأن مسؤولية التمويل المستدام تقع على عاتق المقترضين والدائنين معاً، يهدف برنامج التواصل مع الدائنين في إطار سياسة تمويل التنمية المستدامة إلى تعزيز التواصل والتنسيق مع الدائنين بشأن ممارسات الإقراض الشفافة والمستدامة ويشمل ذلك شفافية الديون.

وضع أوجه الضعف المتصلة بالديون على رأس أولويات الحوار بشأن السياسات في البلدان المُؤهَّلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية
أظهرت التجارب الأولية في تنفيذ سياسة تمويل التنمية المستدامة أنها تضع قضايا الديون على رأس أولويات الحوار بشأن السياسات في البلدان المُؤهَّلة للاقتراض من المؤسسة، كما تؤثر في برامج الإصلاح المدعومة من خلال عمليات الإقراض التي يقوم بها البنك الدولي، لاسيما في عمليات التمويل لأغراض سياسات التنمية. وحتى الآن، أفادت التقارير بإحراز تقدُّم مطرد في تحديد إجراءات قوية خاصة بالأداء والسياسات تسترشد بتحليلات استمرارية القدرة على تحمُّل أعباء الديون، وخريطة شدة المخاطر للإبلاغ عن الديون الخاصة بالبنك الدولي، والتحليلات الأخرى. وفي الواقع، ففي أول خمسة شهور من التنفيذ الذي بدأ في يوليو/تموز 2020، كان قد وافق 26 بلداً من البلدان المُؤهَّلة للاقتراض من المؤسسة على تحديد إجراءات خاصة بالأداء والسياسات، وبلغ هذا الرقم 47 في منتصف فبراير/شباط تقريباً، أو ما يمثل 85% من البلدان التي طُلِب منها تحديد إجراءات كهذه.

وتُظهر نتائج البلدان السبعة والأربعين التي وافقت على تحديد إجراءات خاصة بالأداء والسياسات أن حوالي ثلاثة أرباع هذه البلدان حددت إجراء واحداً على الأقل يركِّز على شفافية الديون والذي تضمَّن تحسينات خاصة بشمولية بيانات الدين العام وإحكام توقيت تقارير الديون.

يؤكِّد تركيز السياسة الشديد على شفافية الديون أهمية تدقيق البيانات في تقييم مدى استمرارية القدرة على تحمُّل أعباء الديون بدقة، مع ضمان استخدام الموارد بكفاءة وفعالية لاسيما في ظل ارتفاع المخاطر وتزايد الاحتياجات. وهناك منافع مشتركة تتحقق من تحسين البيانات وتعزيز الشفافية: مساعدة واضعي السياسات على اتخاذ قرارات أكثر وعياً بشأن الاقتراض والاستثمار، وتمكين المستثمرين والدائنين من تسعير المخاطر السيادية بشكل سليم، ودعم آليات المساءلة الحكومية مما يعزز كفاءة الإنفاق.

الشكل 2: المجالات ذات الأولوية لتحديد الإجراءات الخاصة بالأداء والسياسات (النسبة المئوية للبلدان المُؤهَّلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية التي وافقت على إجراءات خاصة بالأداء والسياسات حسب المجالات ذات الأولوية)
المجالات ذات الأولوية لتحديد الإجراءات الخاصة بالأداء والسياسات (النسبة المئوية للبلدان المُؤهَّلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية التي وافقت على إجراءات خاصة بالأداء والسياسات حسب المجالات ذات الأولوية)
بخلاف شفافية الديون، تطرقت الإجراءات الخاصة بالأداء والسياسات أيضا إلى استدامة المالية العامة وإدارة الديون واللتين لهما القدر نفسه من الأهمية لضمان تحقيق تعافٍ قادر على الصمود من آثار جائحة كورونا. وقد ركَّزت الإجراءات المعنية باستدامة المالية العامة تركيزاً كبيراً على تحسين تحديد المخاطر المالية وإدارتها، بما فيها الناشئة عن المؤسسات المملوكة للدولة. وتمثل هذه الإجراءات الخطوات الأولى نحو إصلاحات تحسين كفاءة الإنفاق. وتحدد 85% من البلدان إجراء واحداً على الأقل بشأن إدارة الديون، كما تضع الإجراءات المحددة في ثلثي البلدان سقفاً للاقتراض الخارجي غير المُيسَّر. لكن رغم أهمية هذا السقف في المساعدة على تقليص أوجه الضعف المتصلة بالديون، فإنه قد يحد من فعالية جهود الاستجابة للأزمة والتعافي من آثارها إلا إذا توافرت موارد ميسَّرة كافية.

معالجة أوجه الضعف المتصلة بالديون تتطلب اعتماد منظور متوسط المدى
تتسم المسببات الأساسية لأوجه الضعف المتصلة بالديون بالتعقيد وتتطلب معالجتها معالجة وافية اعتماد منظور متوسط المدى. ولهذا، تم وضع سياسة تمويل التنمية المستدامة كعملية متعددة السنوات تسهِّل استمرار انخراط حكومات البلدان في هذه السياسة.

وبالفعل، تُظهر التجارب الأولية في تنفيذ هذه السياسة أن معظم الإجراءات الخاصة بالأداء والسياسات تكون في صورة برامج، حيث تضع أجندة متماسكة متوسطة المدى لمعالجة جوانب الضعف المرتبطة بالديون تدريجياً. لكن ستكون هناك حاجة إلى إجراء إصلاحات واسعة، مدعومة بتمويل مستدام، تتجاوز نطاق هذه السياسة للتصدي لجميع تحديات هذه الأزمة غير المسبوقة. وفي وقت كهذا، ستكون للقدرة الفريدة للمؤسسة الدولية للتنمية على التنسيق والتعاون بشكل وثيق مع المنظمات الدولية الأخرى وأصحاب المصلحة أهميةٌ بالغةُ لمساعدة البلدان على معالجة مواطن الضعف المتعلقة بالديون والتعافي بصورة أقوى من ذي قبل.

مشاركة