الرئيسية آراء وأقلام سناء حاكمي تكتب عن.. رقابة المجتمع

سناء حاكمي تكتب عن.. رقابة المجتمع

IMG 20220509 WA0014.jpg
كتبه كتب في 9 مايو، 2022 - 12:34 مساءً

بقلم:سناء حاكمي

أعلن عن عرض فيلم جديد تحت عنوان “الاخوان” ابتداء من 11 ماي، في القاعات السينمائية المغربية، و لحد الان لا نعرف شيء عن احداث القصة الا البرومو الذي تم اعلانه، و الذي ويحكي عن قصة 3 أصدقاء ينحدرون من حي صفيحي بالدار البيضاء، كل شخص منهم له قصته الفرعية، غير أنهم سيفكرون في أحد الأيام في خلق “البوز” عبر تصوير فيديو للترفيه فيما بينهم، قبل أن يقرروا عدم عرضه، إلا أن يتم تسريبه عبر الأنترنت ليكون سببا في إصدار مذكرة بحث أمنية عنهم.
و كما نعلم ان مثل هذا النوع من القصص و ربما اعمق منها تناولتها السينما المصرية و التلفزيون السوري والكويتي من ذي قبل باسلوب مفصل و حبكة سلسة و صور تحاكي الواقع العربي، و تفصيل و فضح ايديولوجية الجماعات الاسلامية المتطرفة، مما ساعد المشاهد ان يعرف معلومات اكثر و خفايا اكبر عن هذه التنظيمات.
و اخص بالذكر مسلسل “غرابيب سود” و مؤخرا مسلسل “بطلوع الروح” الذي حبكت قصته من خلال وقائع و شهادات العائدات من التنظيم و لا ننسى مسلسل “فاتن امل حربي” الذي بدوره غير مادة قانونية بكاملها و انتقد النصوص و المفاهيم التراثية و عوضها بنصوص و مفاهيم سمحاء، مما اثارا نقاشا اجتماعيا و سياسيا و دينيا مهما في البلاد.
اما نحن فهيهات ثم هيهات ان يفكر فنان او كاتب او مفكر او اي مبدع ان يحاكي الواقع او ينتقده، الا و نجد كل من هب دب يرد عليه و يسبه و يتهمه بتفكيك المجتمع و الضرب في مقدسات الدين، و ارجح انه من الاسباب التي تقلص من جودة الاعمال الفنية هي هذه الاخيرة.
و من خلال ملاحظتي لردود افعال سابقة ، مثلا رفع دعوة ضد سيت كوم بتهمة تشويه صورة المحاماة او مهن اخرى ، و مناصرة احد الشيوخ و الضرب في العمل الفني بكامله لمجرد انه حاول كسر الصورة النمطية عن الشيخة و اظهار امراة تدخن سجارة الكترونية،و الان تم تجييش عدد كبير من الاشخاص الكترونيا يهددون بعدم السماح بعرض فيلم ” الاخوان ” و الا سنرى ما لا نحمد عقباه.
الهذه الدرجة اصبحت اللحية مقدسة ؟؟؟!! الهذه الدرجة اصبح بعض المغاربة يناصرون الجماعات و الفكر المتطرف؟؟؟!!
و اما زلتم تتساءلون لما نحن اصبحنا اقل تطورا من الدول المجاورة ، بينما كنا افضل منها ؟؟؟
مصر الاكثر عدد سكانيا و التي مرت بأزمات سياسية و دينية و اقتصادية، تتقبل “جزيرة غمام ” و ” بطلوع الروح” اللذان ينتقدان بكل قوة الاسلام السياسي و التشريعات التعسفية و التمييزية، و نحن نهاجم فيلما كوميديا لم نراه بعد لمجرد تسميته بالاخوان و اظهار صور ابطال العمل بلحية.
هنا اتساءل ايضا اين دور مؤسسات الدولة ؟؟!! اي هو دور حماية الابداع ؟؟؟!!
الم يحن الوقت بعد لوقف هؤلاء المهرجين الذين يقودون شبابنا كالقطيع نحور التطرف و منهجية الفكر الواحد ؟؟؟؟

اين دور الاعلام الرسمي السمعي البصري في اعادة هيكلة و اصلاح ما افسده اليوتوب و الفيسبوك و شيوخ الظلام؟؟؟؟!!!
متى يمكننا الوصول الى ماوصلت اليه مصر و دول الشرق من الانتاجات الضخمة و طرح المواضيع الشائكة، نعم قلت الشرق و لم اقل الغرب لاني اعلم اننا مازلنا بعيدين كل البعد عن ما وصل اليه الغرب في الانتاج الفني و الابداع الفكري، اطمح فقط ان نشاهد انتاجات و برامج تتحدث دون خجل و بكل واقعية عن المشاكل التي نواجهها و تطرح من خلالها الحلول حتى تساهم في تنوير الرأي العام ، بدل ان نشاهد امرأة تعنف او تغتصب ، و يروج لنا السيناريست فكرة انه ليس من الضروري القيام بمتابعة قانونية ، نجد الاب يصرخ في وجه الضحية و يخبرها انه لا يريد مشاكل و انها المذنبة ، كما حصل في مسلسل “بيا و لا بيك” او صورة الفتاة القاصر الحامل اثر اغتصاب دون تسليط الضوء عن حقيقة ماحصل و التوضيح للمشاهد انه فعل مشين و يترتب عنه عقوبة.
انتاجاتنا تشبه مجتماعتنا المظلمة، اسكت و عيب و حشومة و شوهة… كل شيء موجود و كل شيء مباح في الخفاء، و مجرد تسليط الضوء عليه نصبح مجتمعا محافظا و لا يجب الحديث عن الواقع . كسرت اقلام الكتاب باسم لا نريد فضائح و دمر عقل المبدع تحت عنوان المجتمع المحافظ، و انحطت صورة الفن باسم الرقابة الاجتماعية، و ممارسة الرقابة على الفنانين و الممثلين.
سابقا كان الابداع يعاني بسبب رقابة و سلطة الحكومات، و مع ذلك لم يتوقف المبدعين و لم يصمت الفنانين، لكن هذه المرة رقابة مجتمع بكامله ، رقابة الظلامية و رقابة الجهل و رقابة قطع الرقاب رقابة الارهاب الناعم .
و ها نحن الان كساه و عراه عشرون سيتكوم و مسلسل لا سيناريو و لا فكرة و لا ابداع ، لان الكل يعملون تحت شرط ما يطلبه المشاهدون ، و كيف يمكننا تلبية طلب مشاهد قاصر يريد الطبطبة عليه و ايهامه انه بخير ، بدل الدخول في مغامرة و تحدي لكي يتم تحسين الذوق العام و الخروج من هذه الرتابة.

مشاركة