بقلم: معاذ فاروق
تحت سماء سطات التي ألفت أحلامًا لطالما رُسمت بين أزقتها وشوارعها، يمر الزمن وتحمل الرياح معها حكايات من الأمل والتحدي. ثلاث سنوات مرت منذ أن تسلم المجلس الجماعي دفة تسيير المدينة، ثلاث سنوات من وعود رسمت خيوط الأمل في قلوب سكانها، ولكن كما في قصائد الشعر لا تكون الأحلام دائمًا على قدر التوقعات. هنا، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، تقف المدينة بين واقع الإنجازات التي تحققت والآمال التي لم تكتمل بعد، تنتظر قراءة جديدة لكل خطوة، لكل مشروع وُضع على الورق أو سار بخطوات متعثرة نحو التحقق. ومع مرور هذه السنوات لم تقتصر التحديات على تحقيق التنمية فقط، بل تفاقمت الصراعات داخل المجلس الجماعي خصوصًا بعد توقيف رئيسه، هذه الأزمة أفرزت سلسلة من الانقسامات بين النخب المحلية التي وجدت نفسها في مواجهة تحديات جديدة لا تتعلق بالبنية التحتية أو الخدمات فقط، بل بصراعات على السلطة والإدارة. توقيف الرئيس أدى إلى تعطل العديد من القرارات والمشاريع وزاد من حدة التجاذبات بين أعضاء المجلس الذين باتوا يتنافسون على إعادة ترتيب المشهد السياسي والإداري للمدينة. في خضم هذا المشهد المتوتر تتزايد تساؤلات المواطنين حول مدى قدرة المجلس الجماعي على تجاوز هذه الصراعات والعمل بجدية على تحسين أوضاع المدينة. فهل سيتمكن المجلس من استعادة زمام الأمور وتحقيق التنمية المطلوبة؟ وهل ستنجح النخب في تجاوز خلافاتها لصالح ساكنة سطات؟ بعد ثلاث سنوات من تشكيل المجلس الجماعي الحالي لمدينة سطات يجد المواطنون أنفسهم يتساءلون عن مستوى التقدم في تحقيق وعود التنمية التي أُطلقت عند بداية الفترة الانتدابية. وفي ظل التحديات المستمرة في عدة مجالات يبرز التساؤل الرئيسي: هل حقق المجلس الجماعي ما كان متوقعًا منه؟ تظل البنية التحتية من أبرز الملفات التي أثارت جدلًا واسعًا بين سكان سطات فرغم الإعلان عن برامج لإصلاح الطرق وتطوير الأحياء فإن العديد من المشاريع ظلت على الورق أو تم تنفيذها بشكل جزئي. في الأحياء الشعبية والمناطق الهامشية ما تزال الطرق غير مهيأة والمجاري المائية تعاني من اختلالات خطيرة خاصة في فصل الشتاء. إلى جانب مشكلات الطرق يلاحظ غياب مشاريع كبرى في مجال البنية التحتية مثل تحسين شبكة النقل العمومي أو إنشاء محاور طرقية جديدة لربط المناطق الحيوية داخل المدينة. اقتصاد مدينة سطات لا يزال يعاني من ركود واضح حيث لم يتم تسجيل أي استثمارات كبرى تخلق فرص عمل جديدة أو تحفز النشاط التجاري داخل المدينة، البطالة خاصة بين الشباب لا تزال مرتفعة مما يثير القلق بين الأسر حول مستقبل أبنائها. كما أن غياب مبادرات حقيقية لدعم الشباب وإنشاء مشاريع اقتصادية ملموسة يجعل من الصعب على هذه الفئة إيجاد فرص عمل مستقرة،و رغم الحديث عن إنشاء مناطق صناعية جديدة إلا أن العمل في هذا الصدد لم يتجاوز الخطوات الأولية ما يحد من قدرة المدينة على استقطاب الشركات الكبرى. و كذلك على مستوى الخدمات الاجتماعية لم تشهد المدينة تحسينات جذرية تلبي تطلعات المواطنين، بحيث ان قطاع الصحة يعاني من نقص الأطباء والتجهيزات كما أن الشباب يفتقرون إلى الفضاءات الترفيهية والمراكز الثقافية التي يمكن أن تسهم في تطوير مهاراتهم. ومن أبرز الانتقادات الموجهة للمجلس الجماعي هي غياب التواصل الفعّال مع المواطنين حيث تُتخذ العديد من القرارات بدون إشراك السكان أو حتى إبلاغهم بالتحديات التي يواجهها المجلس. غياب الشفافية زاد من حالة عدم الثقة بين المجلس والمواطنين. البيئة والمرافق العامة هي ملفات أخرى لم تحظَ بالاهتمام الكافي حيث لا يزال ملف النفايات يعاني من سوء التنظيم كما أن الحدائق العامة والمساحات الخضراء تفتقر إلى العناية. أسباب تأخر الإنجازات تتعدد من بينها ضعف الإمكانيات المادية المتاحة إضافة إلى عدم التنسيق الكافي بين الفاعلين المحليين والجماعيين. أيضًا يلاحظ أن بعض أعضاء المجلس يفتقرون إلى الكفاءة أو الخبرة الضرورية لتسيير ملفات حساسة مثل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. رغم هذه التحديات لا يزال هناك متسع من الوقت لتدارك الموقف. إعادة ترتيب الأولويات وتحسين التواصل مع المواطنين قد يكونان الخطوة الأولى نحو استعادة الثقة وتحقيق تقدم ملموس. إلى جانب التحديات التنموية التي تعاني منها المدينة شهدت سطات صراعًا سياسيًا داخليًا داخل المجلس الجماعي. توقيف الرئيس أدى إلى تفاقم التوترات بين أعضاء المجلس والنخب المحلية مما أدى إلى تعطيل العديد من القرارات والمشاريع المهمة. هذا الوضع زاد من تعقيد مشهد التسيير الجماعي حيث باتت الخلافات الداخلية تشكل عائقًا إضافيًا أمام تحقيق التنمية المطلوبة.