وهو معك لن تحتاج لعطر فرنسيّ ولا لساعة سويسريّة لتبدو أنيقا كما يجب، هو وحده يستطيع منحك جواز سفر فوريّ لتبتعد عن المُخلفات الرّديئة لتفكير البشر، هو وحده يجعل الملل بهذا الكوكب هُلاما غير موجود تطبيقيّا، الكتاب يا رفاق لا يُشبه كعكة أمّي ولا تلك الفرحة الصّغيرة حين كانت معلمتي تُعطي مثالا باسمي .. إنّه لا يشبهُ بذخ فترة الشباب ولا العطل الصَّيفية، لا يُشبه ضحكات صغير في شهره الثالث ولا حركات فلامينغو إِسبانية، إنه لا يُشبه شيئا بالتحديد لأنَّه بالحقيقَة يُشبه كلَّ ملذات الحياة الصّغيرة ! هل يمكن أن تحمل كتابا حين تجدُك ابتلعت قرص أسبرين وتنتظر مفعوله، هل أدهشك كتاب يحمله أحد المارة و وجدت عُنقك يمارس رياضة الانحناء رغما عنه لقراءة عنوانه، هل كان الكتاب يوما سببا في صداقتك مع أحدهم، هل سبق واستغربت كمّ الزمن الذي سال منك وأنت مُفتتن بأدراج مكتبة، هل جربت أن تركب حافلة وتفوتك المحطة لأنك كنت مشتّتا على سجيتك في كتاب، هل قصدت يوما مكانا لتشتري بعض الحاجيات ووجدت نفسك تقتني كتابا، هل سبق وأنهيت كتابا وفكرت أنك فارقت حياة، هل سبق أن قرأت كتابا وأعدته ثم أعدته ثم تمنيت لو أنك اكتشفته من جديد لتعيد طقوس الأوّل مرّة معه ؟ هل حدث أن أنهيت كتابا وأعلنت الفتوحات بعالمك، هل كان أحد الكتب سببا في تغيير جذريّ بعاداتك السيّئة ؟ هل جربت أن تقرأ كتابا بلغة وتجدك تقرأه بسيميائيتك الخاصّة .. هل جربت أن تغير أحداث رواية على طريقتك، فتجعل نهايتها أسوء مما هي عليه أو أكثر جنونا مما كانت ستكون عليه ! هل جربت أن تلعب بأقدار الأحرف على طريقتك!؟ هل ناقشت وأحدهم أزمة القراءة كما تناقش أزمة الاحتباس الحراري وارتفاع الأسعار ؟ هل وفّرت مالا لشراء كتب من المعرض الدولي للكتاب أم للاحتفال بالڤالانتاين ؟ هل أنت من أولئك الذين قال عنهم نزار قباني : ” إنهم يريدون أن يفتحوا العالم وهم عاجزون عن فتح كتاب ويريدون أن يخوضوا البحر وهم يتزحلقون بقطرة ماء “، هل لا زلت تظنّ أن حمل كتاب أكثر فعالية من ابتلاع حبوب مُنوّمة .. وأن قارئ كتاب من الضرورة أن يكون من الطبقة المثقفة ! إن كنت كذلك .. صدّقني، كل الشواهد والديبلومات لا تعدل كثافة عقل تخمّر بعصارات كتب متنوّعة، فالمنظومات التعليمية العجوز لا تمنح كل شيء ولكي تكون موجودا لا حيّا فقط .. يجب أن تكون لديك نواة فكر المثقف، لكي تكون مثقفا يجب أن تعلم شيئا عن كلّ شيء والقراءة وحدها تمنحك ذلك وتمنحك الخيار لكي لا تكون كذلك ! بل إنّ ڤولتير حين سئل عمّن سيقود الجنس البشري، أجاب : الذين يعرفون كيف يقرؤون ! وإنّ محاولة قياس فكر أحدهم يتوقّف على عدد صنف الكتب التي قرأها وكتّابه المفضلين، وإنّ جسّ تفاهة أحدهم يتوقّف على ماركة حذائه وساعته التي يتباهى بها والمقاهي والمنتجعات التي ارتادها .. و في الختم ..، إن كانت زكاة العلم إنفاقه، فإنّ زكاة الكتاب إعارته وصدقته إهداءُه ووصلُه قراءته
سافِر دون تأشيرة

كتبه Aziz Benhrimida كتب في 20 أبريل، 2017 - 10:00 مساءً
مقالات ذات صلة
12 ديسمبر، 2025
حين تصبح الحقيقة جريمة: لماذا يهاجمون كل من ينصف أهل الرشيد؟
بقلم:ذ. عبد القادر برهوما تعرّضت في الأيام الأخيرة لوابل من الهجومات غير المبررة على خلفية نشر مقال تناول المشاركة المتميزة [...]
11 ديسمبر، 2025
الفاعل السياسي مقابل المقعد الصامت: حسن الشاديلي يحرك الملفات، وصلاح الدين أبو الغالي يغلق باب الرقابة
يعتبر الأداء البرلماني أحد الركائز الأساسية للممارسة الديمقراطية، باعتباره الأداة الدستورية التي تجسد تمثيلية المواطنين داخل المؤسسة التشريعية، وتضمن مراقبة [...]
10 ديسمبر، 2025
محمد أمين ترابي… خريج «الأخوين» الذي أعاد إلى مؤسسته روح المبادرة، وفتح أمامها آفاقاً جديدة بتدبير حديث ورؤية اجتماعية رصينة.
بقلم رشيد حبيل. يقول ونستون تشرشل: «إنّ مستقبل كل مؤسسة يُبنى حين يتقدّم أشخاص يملكون الشجاعة ليفعلوا ما هو صائب، [...]
10 ديسمبر، 2025
العقوبات البديلة وعقلنة تدابير الاعتقال الاحتياطي: رؤية حديثة للسياسة الجنائية المغربية
يشهد التشريع الجنائي المغربي تحولا نوعيا يعكس تبنّي رؤية حديثة لمنظومة العدالة الجنائية، تقوم على اعتماد العقوبات البديلة باعتبارها آليات [...]
