الرئيسية أحداث المجتمع زيارة بابا الفاتيكان للمغرب تؤجج الصراع بين التيارات الاسلامية… !

زيارة بابا الفاتيكان للمغرب تؤجج الصراع بين التيارات الاسلامية… !

IMG 20190402 WA0036
كتبه كتب في 2 أبريل، 2019 - 2:56 مساءً


صوت العدالة/عبد السلام أكني

يبدو أن تداعيات زيارة بابا الفاتيكان للمغرب لا زالت تلقي بظلالها على الساحة الاسلامية.
فبعد مباركة عدد من دعاة العلم بوزارة الأوقاف للزيارة وللأنشطة التي رافقتها، خرجت شخصيات سلفية ومنهم الشيخ حسن الكتاني وأحمد القباج بانتقادات لاذعة لها، خاصة ذلك النشاط المتعلق بمعهد تكوين الائمة بالرباط، حيث تم خلط الأذان الاسلامي مع بعض الترانيم المسيحية واليهودية.
وفي المقابل خرج عبد الوهاب رفيقي الباحث في الفكر الاسلامي، بتصريحات مضادة مهاجما التيارات السلفية التي انتقدت زيارة بابا الفاتيكان للمغرب.
وقال رفيقي إن “هذه الأصوات التي تولول وتصيح وتستنكر ما تضمنته اللوحة الإبداعية الجميلة التي قدمت أمام الملك محمد السادس والبابا فرانسيس، بحجة تعارض ما فيها مع عقائد المسلمين، ولأن الأذان لا يمكن أداؤه بطريقة غنائية أو خلطه بما هو فني، هؤلاء ينطلقون في كل ذلك برأيي من أصلين أساسيين؛ الأول عقدة التفوق”.
وأضاف رفيقي، في “تدوينة” نشرها على حسابه الرسمي الفايسبوك أن المنطلق الأول يقصد به “اعتقاد بطلان كل العقائد سوى ما يؤمنون به، وجزمهم بأن من لم يكن على عقيدتهم فهو من أصحاب النار خالدا مخلدا فيها أبدا، ولا يخفى ما في ذلك من عنصرية استنكرها القرآن على أهل الكتاب أنفسهم”، مستدلا بمجموعة من الآيات القرآنية التي أكد أنها “نصوص موجهة للمسلمين حتى لا يقعوا فيما وقع فيه من قبلهم”.
المنطلق الثاني، وفق الباحث الديني، يكمن في “العداء التاريخي للفن”، موردا: “كيف تريد ممن يعتبر مجرد سماع معزوفات موسيقية دون كلمات منكرا ولهوا من الحديث، ويستحق سامعها صب الرصاص في أذنه يوم القيامة، أن يستسيغ سماع كلمات مقدسة تؤدى بألحان موسيقية، كيف وهو يرى الفن رجسا ودنسا أن يقبل بخلطه بالمقدس؟ كيف تريد ممن لا يعرف للفن قيمة ولا دورا في الحياة ولا علاقته التاريخية بالأديان أن يوافق على ترنيم جزء من الأذان؟”.
وقال إن هذه الفئة “لا تدري أن ما تسميه بعلم تجويد القرآن ليس إلا ترنيما للقرآن وتوظيفا للمقامات الغنائية التي لم يعرفها المسلمون في قرونهم الأولى”، مبرزا أنه من الطبيعي أن “يكون رد الفعل بهذه الانفعالية والصخب، وإن كان الغريب المضحك أن هؤلاء أنفسهم من يتحدث عن التسامح، وهم أنفسهم من هللوا لحضور النيوزيلنديين مراسيم صلاة الجمعة، فالتسامح برأيهم هو تسامح الآخر معهم لا تسامحهم مع غيرهم”، خاتما بالقول: “بعد كل هذا يقال من أين أتت داعش، ومن أين لها بهذه الأفكار المتطرفة، وأنها مؤامرة على الإسلام والمسلمين”.
ومن جهته أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بيانا له عبر فيه عن قلق وحزن لما آلت إليه أحوال الأمة، مؤكدا أنه فوجئ لما وقع في معهد تكوين الائمة بالمملكة المغربية، من التلفيق بين الاذان الذي يعد من أعظم شعائر الاسلام وبين الترانيم والاناشيد الكنسية.
وأكد أن عزة الاسلام وقوته تكمن في الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله، مشيرا إلى أن مبدأ التسامح والتعايش والحوار هو مبدأ ثابت وواسع في الاسلام، ولكنه لا يعني التنازل عن الثوابت، والتلفيق بين الشعائر الاسلامية العظيمة والترانيم الكنسية، التي تتناقض مع العقيدة الاسلام وشعائره.
وطالب الاتحاد علماء المسلمين جميعا ومؤسساتهم الدينية بالقيام بواجبهم وتحمل مسؤولياتهم نحو دينهم وأمتهم وقضاياهم باعتبارهم ورثة الانبياء.
كما انتقدت رابطة علماء المسلمين في بيان لها هذه الزيارة وأكدت أن التلفيق بين الاذان وشعائر الكفر، محرم شرعا، وأن هذا الحدث الخطير ضرب لثوابت الأمة في دينها وعقيدتها، بخلاف ما يظنه بعضهم أنه من قبيل نشر ثقافة التسامح والتقارب بين الاديان، ولا يعد هذا الحوار مع أهل الكتاب الذي أمرنا به، لأن الأصل الشرعي في الحوار مع أهل الاديان هو الدعوة إلى الله بيان الحق ورد الباطل بالادلة الصحيحة.
ودعت المجلس العلمي الأعلى ووزارة الاوقاف بالمغرب إلى تحمل مسؤولياتهم في بيان الحق ودعوة الخلق.
ورد رفيقي على بيانا الاتحاد والرابطة، وقال إن الرابطة والاتحاد بهذين البيانين الشديدي اللهجة، الهيئة الأولى بمرجعيتها ومكوناتها السلفية، والثانية بمرجعيتها الإخوانية وهواها السلفي، يمثلان نموذج التدين المشرقي وإن كان على رأس الثانية فقيه مغربي اشتغل على مقاصد الشريعة وألف فيها، وهذان البيانان لا يخرجان عن السياسة القديمة التي ينتهجها شيوخ المشرق حين يعتقدون أنهم أوصياء على كل المسلمين في تدينهم، وأن لهم من الحق ما يسمح بتحديد ما يجوز وما لا يجوز ذبا عن العقيدة وحفاظا على الدين برأيهم.
وأضاف في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية أنه لابد من القطع المطلق مع سياسة تدخل المشارقة في ما يختاره المغاربة لدينهم، كما لا يتدخل المغاربة في تدين الآخرين المنسجم مع طبيعة المنطقة وخصائص أهلها، ولا بد من الوعي بأنه إن كان الدين واحدا فإن التدين أنواع، حسب الخصائص التاريخية لكل بلد وطبيعته الجغرافية والاجتماعية.
وختم رفيقي تدوينته أنه ينبغي الوعي بأن حملات التهييج التي يمارسها البعض احتجاجا على لوحة جمالية بديعة من الخطر بمكان، فاللعب على عواطف الناس تجاه معتقداتهم، وتجييشها لصالح موقف معين، من شأنه زرع بذور الفتنة والتطرف، وإن كنت أستغرب جدا أن بعض من وظفوا هذه الشعبوية لحشد الناس تجاه مخالف لهم، هم أنفسهم من يسمون اليوم من يعارضهم او ينتقد مسلكهم بالذباب.

مشاركة