الرئيسية أخبار وطنية رقمنة مساطر وإجراءات إبرام الصفقات العموميةفي ظل مستجدات المرسوم الجديد لسنة 2023

رقمنة مساطر وإجراءات إبرام الصفقات العموميةفي ظل مستجدات المرسوم الجديد لسنة 2023

IMG 20250303 WA0051
كتبه كتب في 3 مارس، 2025 - 6:27 مساءً


الدكتور عبد العزيز موهيب
أستاذ زائر، كلية العلوم القانونية والسياسية،
جامعة الحسن الثاني، سطات
 
 
 
 
 
 
    يرتبط البحث في موضوع رقمنة مساطر وإجراءات إبرام الصفقات العمومية في ظل مستجدات المرسوم الجديد بمجموع التحولات التي أصبحت تشكل فيها تكنولوجيا المعلوميات[1]، في مغرب اليوم، رافعة أساسية ودعامة مهمة لتحديث القطاع العمومي والرفع من جودة خدماته، في ظل محيط يعرف جملة من المتغيرات المتسارعة التي أصبحت معها الإدارة العمومية المغربية مدعوة بكل مكوناتها إلى الانخراط فيها، بتبسيط ورقمنة مساطرها لتحقيق التغيير الذي يصبو إليه الجميع دولة ومجتمعا (أفرادا وجماعات)[2]. ووعيا من المشرع المغربي بالأهمية التي تحتلها الصفقات العمومية والضمانات المالية في بلورة التنمية الشاملة.
ما فتئ يحرص على الإصلاح المتتالي لمختلف المجالات التي لها صلة برقمنة الطلبيات العمومية[3] والتي
كان آخرها سنة مرسوم رقم 2.22.431 صادر في 15 من شعبان 1444 (8 مارس 2023) يتعلق بالصفقات العمومية[4] والذي جعل من تجريد المساطر والوثائق والمستندات من الصفقة المادية أحد المحاور الكبرى التي يقوم عليها[5]، حيث تلعب بوابة الصفقات العمومية دورا فاعلا في تسهيل التعاقد الإلكتروني للطلبيات العمومية والذي جعل من تجريد المساطر والوثائق والمستندات من الصفة المادية أحد المحاور الكبرى العمومية (المحور الأول)، بنزع الصفة الورقية عن الإجراءات والمستندات اللازمة لإبرام الصفقات العمومية الإلكترونية (المحور الثاني).
المحور الأول: دور بوابة الصفقات العمومية في آليات الشراء العمومي بالمغرب
تتميز الصفقات الإلكترونية بمجموعة من الخصوصيات حيث تنعدم العلاقة المباشرة بين أطرافها اعتمادا على مجموعة من الركائز الإلكترونية في تنفيذ التعاقدات والمعاملات، حيث تتم كافة العمليات بين التفاعل المتوازي في آن واحد بين طرفي الصفقة الإلكترونية، حيث يمكن أن يتم التعاقد.
طرفي التعاقد إلكترونيا دون أي وثائق ورقية متبادلة في اي مرحلة من مراحل التعاقد، وهو ما يؤدي إلى أكثر من طرف. بل الأكثر من ذلك إمكانية تنفيذ كل مراحل العملية التعاقدية بما فيها تسليم الخدمات والسلع غير المادية عبر الانترنيت عكس وسائل الاتصال الأخرى التي تعجز عن القيام بالتسليم… إلخ. وفي إطار ذلك، يحتل التعاقد الإلكتروني عبر بوابة الصفقات العمومية مكانة متميزة (الفقرة الأولى)، خاصة طبيعة الوثائق الواجب نشرها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أهمية التعاقد الإلكتروني عبر بوابة الصفقات العمومية
تعتبر بوابة الصفقات العمومية مدخل موحد لعدد من الخدمات والوظائف صممت من أجل تسهيل الوصول إلى المعلومة من طرف مستخدميها والاضطلاع على آخر الأخبار وطلب الوثائق المتعلقة بالمستخدمين المسجلين بها، من خلال مجموع الوظائف التي تؤديها، خاصة منها تلك المرتبطة بالنشر والتسجيل والبحث”. هذا ويندرج برنامج المعالجة المعلوماتية للصفقات العمومية الذي تشرف عليه الخزينة  العامة للمملكة منذ سنة 2007 في إطار تنزيل برنامج الحكومة الإلكترونية بالمغرب الذي يرمي إلى ترسيخ الشفافية وتبسيط المساطر وتحديث آليات الشراء العمومي، حيث يعتبر إطلاق بوابة الصفقات العربية نواته الأساسية، والتي جعل منها المشرع المغربي قناة إلزامية لنشر المعلومات باللغتين العربية والفرنسية المتعلقة بصفقات مؤسسات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، بما يمكن الجميع من ضمان حرية الولوج للطلبية العمومية والمساواة في التعامل مع المتنافسين وكذا تعزيز التنافسية بين المقاولات.
وقد مكنت المقاربة التشاركية المعتمدة منذ انطلاق العمل بوابة الصفقات العمومية من التقييم المستمر العموميين، إذ تم التركيز في البداية على استقرار البواب وتحسين فعاليتها التقنية.
لجودة الخدمات التي تقدمها ومن القيام بجرد للجوانب التي يجب تطويرها من لبن المقاولات والمشترين.
وقد تم في مرحلة ثانية إنشاء نظام إشعار للمشترين العموميين الذي يمكنهم من تدارك الأخطاء المتعلقة بالمساطر المنظمة للصفقات العمومية من جهة، ومن جهة أخرى تعتبر قاعدة المعطيات الإلكترونية للمعلومات المتعلقة بهم. تشمل هذه المعلومات مقرات تواجد الشركة وتوزيعها الجغرافي ومجالات منها الخدماتيين نظاما إلكترونيا لتسجيل المقاولين والموردين والخدماتيين مما يمكن من توفير سجل كامل والقطاعات التي تنتمي إليها، ومجالات الاعتماد التي تتوفر عليها، وشهادات إنجاز الأعمال والوسائل البشرية والتقنية والمالية… إلخ. كما تعتبر القاعدة الإلكترونية للخدماتيين سجلا أمنا لتخزين وثائق الشركات معا يمكن المشترين العموميين من التأكد من الوضعية القانونية والجبائية للمتنافسين بما ييسر البحث عن طلبات العروض في إطار نفس مجال الأعمال، مما يجعل منها فضاء لتعزيز وتيسير ولوج المقاولات الطلبية العمومية”.
الفقرة الثانية: الوثائق الواجب نشرها في بوابة الصفقات العمومية تدعيما لورش الكترونية تدبير الصفقات العمومية وتكريسا للتوجه القانوني القاضي بتجريد المساطر والوثائق والمستندات المتعلقة بها من صفتها المادية عهد المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2003 للخزينة العامة للمملكة بتدبير بوابة الصفقات العمومية والتي يتم في إطارها يتم نشر الوثائق التالية:
النصوص التشريعية والتنظيمية المنظمة للصفقات العمومية:

  • آراء اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية
  • البرامج التوقعية للصفقات وبرامج تحيينها
     – إعلانات الإشهار والإعلانات التعديلية المتعلقة بها
  • إعلانات طلب إبداء الاهتمام
  • إعلانات المناقصات الإلكترونية
  • ملفات الدعوة إلى المنافسة وكذا التغيرات المتعلقة بها
  • محاضر الاجتماعات أو زيارات المواقع
    مستخرجات من محاضر جلسات فحص العروض
    نتائج طلبات العروض والصفقات التفاوضية مع إشهار مسبق وإجراء منافسة، والمباراة، والاستشارة المعمارية، والمباراة المعمارية والاستشارات المعمارية التفاوضية، وكذا سندات الطلب مقررات إلغاء المسطرة:
  • تقارير تقديم الصفقات؛
  • تقارير انتهاء تنفيذ الصفقات؛
  • مقررات الإقصاء من المشاركة فى الصفقات العمومية أو في عقود الهندسة المعمارية
  • مقررات سحب شواهد تأهيل وترتيب المقاولات وشهادة الاعتماد المتعلقة بالإشراف على العمل
    والترخيص بمزاولة المهنة، ولاسيما بالنسبة للمهندسين المعمارين؛
  • ملخصات تقارير المراقبة والتدقيق؛
  • لائحة الاتفاقيات والعقود الخاضعة للقانون العادي[6]
  • لائحة سندات الطلب.[7]
  • لائحة الصفقات العمومية المسندة إلى المقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة والصغرى والتعاونيات
    واتحاد التعاونيات والمقاول الذاتي[8].
    هذا ويمكن تغيير أو تتميم لائحة الوثائق المشار إليها أعلاه بقرار للوزير المكلف بالمالية.
    ينضاف إلى ذلك أنه عندما تكون مسطرة إبرام الصفقات بطريقة إلكترونية، تعوض البيانات المشار إليها بعده المضمنة في إعلانات الإشهار والإعلانات التعديلية المشار إليها أعلاه، بالبيان التالي: “عنوان بوابة الصفقات العمومية حيث يمكن تحميل الملفات ويمكن للمتنافسين إيداع الأظرفة بطريقة إلكترونية خاصة بالنسبة لإعلان إشهار طلب العروض المفتوح والرسالة الدورية بالنسبة لطلب العروض المحدود[9] وبالنسبة لإعلان إشهار طلب العروض بالانتقاء المسبق[10]؛ وبالنسبة لإعلان إشهار المباراة[11]؛ وبالنسبة لإعلان إشهار المسطرة التفاوضية بإشهار مسبق وإجراء منافسة[12]؛ وبالنسبة لإعلان الشراء بسند الطلب[13] وبالنسبة لإعلان إشهار استشارة الهندية المعمارية[14]؛ وبالنسبة لإعلان إشهار استشارة الهندسة المعمارية التفاوضية[15].
     
     
    المحور الثاني: تجليات رقمنة الصفقات العمومية في ظل المرسوم الجديد
    ساهم الانتقال التدريجي من الإدارة التقليدية إلى تبني الإدارة الإلكترونية في تطوير العديد من الخدمات الإدارية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بحاجيات المرتفق، ومن أبرزها ما يرتبط بالصفقات العمومية حيث عملت السلطات العمومية على وضعها ضمن المجالات المعنية بسيرورة الانتقال التدريجي من الإدارة الورقية إلى  الإدارة الإلكترونية[16]، لذلك اعتنى المشرع المغربي برقمنة الصفقات العمومية بتجريد مساطرها والوثائق والمستندات المرتبطة من الصفة المادية، منظما كل ذلك في إطار المواد من 134 إلى 141 من المرسوم الجديد لسنة 2023، وهي المعطيات التي سوف نحاول أن نستجلي من خلالها تبسيط الإبرام الإلكتروني للصفقة العمومية (الفقرة الأولى) ، ثم وسائل شفافية عقد الصفقات العمومية الإلكترونية ( الفقرة الثانية).
    الفقرة الأولى: تبسيط إجراءات إبرام الصفقات العمومية
     تحقيقا لأهداف الحكامة الإدارية في ميدان إبرام الصفقات العمومية أصبحت الإدارة ملزمة بتبسيط إجراءات الشراء العمومي منذ الإعلام عن الصفقة، مرورا بعملية الإبرام وانتهاء بمرحلة التنفيذ، بغاية عقلنة تدبير الطلبيات العمومية وتكريس شفافية ونزاهة النفقة العمومية[17]. ولعل من جملة الضوابط التي أقرتها مستجدات المرسوم الجديد نجد إيداع أظرفة وعروض المتنافسين وسحبها بطريقة إلكترونية ثم فتح أظرفة المتنافسين وتقييم عروضهم بطريقة إلكترونية. وقاعدة المعطيات الإلكترونية للمقاولين والموردين والخدماتيين.
    أولا: إيداع أظرفة وعروض المتنافسين وسحبها بطريقة إلكترونية
    يتم إيداع وسحب أظرفة وعروض المتنافسين بطريقة إلكترونية في بوابة الصفقات العمومية. هذا وتحدد
    بقرار للوزير المكلف بالمالية شروط وكيفيات تطبيق مقتضيات هذه المادة. يتخذ بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية[18].
    ثانيا: فتح أظرفة المتنافسين وتقييم عروضهم بطريقة إلكترونية
    يتم فتح الأظرفة وكذا تقييم العروض المودعة بطريقة إلكترونية من لدن المتنافسين وفق مقتضيات
    المواد التالية[19]:
    –        المواد من 39 إلى 44 من هذا المرسوم بالنسبة لطلبات العروض المفتوح والمحدود، باستثناء البندين 2 و4 والفقرة (ب) من البند 13 من المادة 39 والبند 4 من المادة 42.
  • المادة 64 من هذا المرسوم بالنسبة لطلب العروض بالانتقاء المسبق، باستثناء البندين 2 و5 والفقرة
    ج) من البند 6 من هذه المادة؛
  • المادتان 81 و82 من هذا المرسوم بالنسبة للمباراة، باستثناء البند 2 من المادة 81؛
  • المادة 88 بالنسبة للمسطرة التفاوضية.
  • المواد من 107 إلى 110 من هذا المرسوم بالنسبة للاستشارة المعمارية، باستثناء البنود 2 و3 و6 من المادة 107 والبند 3 من المادة 109.
    وتحدد شروط وكيفيات تطبيق هذه المادة بموجب قرار للوزير المكلف بالمالية يتخذ بعد استطلاع رأي
    اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية.
    ثالثا: قاعدة المعطيات الإلكترونية للمقاولين والموردين والخدماتيين
    يتم توطين قاعدة المعطيات الإلكترونية للمقاولين والموردين والخدماتيين لدى الخزينة العامة للمملكة التي تتولى تدبيرها. وتحتوي هذه القاعدة على المعلومات والوثائق الإلكترونية المتعلقة بالمقاولين والموردين والخدماتيين وبمؤهلاتهم القانونية والمالية والتقنية المنصوص عليها في مرسوم أن تحدد بقرار للوزير المكلف بالمالية، يتخذ بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية كيفيات مسك قاعدة المعطيات الإلكترونية المذكورة واستغلالها[20].
    الفقرة الثانية آليات الإبرام الإلكتروني للصفقات العمومية
    تعتبر رقمنة الصفقات العمومية وتجريد الصفة المادية عن مساطر إبرامها مدخلا رئيسيا لمجابهة مختلف التحولات التي يشهدها عالم المال والأعمال، بحيث صارت المبادلات الإلكترونية والمراسلات والتوقيع والإشهار الإلكتروني… إلخ تحتل أهمية كبرى لتدبير الطلبيات العمومية إلكترونيا، لذلك عمدت مستجدات المرسوم الجديد إلى العناية بمختلف آليات الإبرام الإلكتروني للصفقات العمومية التي نجد على رأسها كل من مسطرة المناقصات الإلكترونية، والمشتريات في مصنفات إلكترونية ثم تبادل المعلومات مع أنظمة الأغيار وأخيرا تجريد الوثائق والمستندات من الصفة المادية.
    أولا: مسطرة المناقصات الإلكترونية
    تعتبر المناقصة الإلكترونية مسطرة، تنجز بطريقة إلكترونية، لاختيار العروض وتمكن المتنافسين من مراجعة الأثمان التي يقترحونها بالتخفيض طيلة سريان المناقصة الإلكترونية، وذلك في حدود المدة الزمنية المحددة لهذه المناقصة. ويجوز لصاحب المشروع أن يلجأ إلى المناقصة الإلكترونية بالنسبة الصفقات التوريدات. ويجب أن يتم، مسبقا، وصف هذه التوريدات بصورة دقيقة. إذ يجب عند اللجوء إلى المناقصات الإلكترونية التقيد بقواعد الإشهار المسبق. ولهذه الغاية، يجب على صاحب المشروع أن ينشر إعلان المناقصة الإلكترونية في بوابة الصفقات العمومية طيلة عشرة أيام على الأقل. ويجب أن يبين هذا الإعلان على وجه الخصوص موضوع المناقصة الإلكترونية والشروط المطلوبة من المتنافسين وكيفيات المشاركة في المناقصة والعدد الأدنى للمتنافسين. ويقبل صاحب المشروع، عند نهاية المناقصة الإلكترونية، العرض الأقل ثمنا والذي يتم إعلان المتنافس الذي تقدم به نائلا للصفقة المزمع إبرامها. كما يخضع إبرام الصفقة الناتجة عن مسطرة المناقصة الإلكترونية للقواعد والشروط المنصوص عليها في مرسوم الصفقات العمومية وتحدد بموجب قرار للوزير المكلف بالمالية، يتخذ بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية، كيفيات وشروط اللجوء إلى المناقصات الإلكترونية وإجرائها[21].
    ثانيا: المشتريات في مصنفات إلكترونية
      من أجل اقتناء توريدات، يمكن لصاحب المشروع، أن يشترط على المتنافسين تقديم عروضهم في شكل مصنفات إلكترونية. مع مراعاة المبادئ المنصوص عليها قانونا[22]، يكون تقديم العروض في مصنفات إلكترونية موضوع استشارة بطلقها صاحب المشروع، على أن تحدد شروط وكيفيات تقديم العروض في مصنفات إلكترونية بقرار للوزير المكلف بالمالية، يتخذ بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية[23].
     
    ثالثا: تبادل المعلومات مع أنظمة الأغيار
      يمكن للجنة فتح الأظرفة الاطلاع عبر بوابة الصفقات العمومية على المعلومات والمعطيات المتعلقة ببعض وثائق ملفات المتنافسين المتأتية من أنظمة الأغيار. وتحدد شروط وكيفيات تطبيق هذه المقتضيات بموجب قرار للوزير المكلف بالمالية، يتخذ بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية[24].
    رابعا: تجريد الوثائق والمستندات من الصفة المادية
    يمكن أن يتم تجريد إعداد الوثائق والمستندات المنصوص عليها في مرسوم الصفقات العمومية وحفظها وإرسالها من الصفة المادية ويكون التوقيع على الوثائق والمستندات المجردة من الصفة المادية على شكل توقيع بالمسح الضوئي أو توقيع إلكتروني على أن تحدد شروط وكيفيات تجريد الوثائق والمستندات المنصوص عليها في هذا المرسوم من الصفة المادية بقرار للوزير المكلف بالمالية، يتخذ بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية[25].
    وفي الختام، يمكن اعتبار الصفقات العمومية من بين أهم الوسائل التي تلجأ إليها الإدارة لتلبية حاجاتها
    ولتنفيذ السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة، ولأجل ذلك يكتسي هذا الموضوع أهمية قصوى مادام أن المشرع حرص على ضمان تنظيم محكم لمجال الصفقات العمومية منذ مرحلة إبرامها إلى مرحلة تنفيذها ثم إنهائها. وهو ما يسمح لـ لنا بالقول أن الأهمية التي يكتسيها الموضوع والتغيرات التي يعرفها النظام القانوني المنظم لكيفية إبرام الصفقات العمومية هي من ضمن التحديات التي ينبغي على كل متعامل وعلى رأسهم رجال الإدارة والقضاء والفاعلين الاقتصادين أن يرفعها متسلحين بإدراك واف للمقتضيات القانونية التي تنظم هذا المجال والإشكاليات العملية التي تطرحها تلك المقتضيات عند التطبيق من أجل ضمان تنفيذ فعال لهذه النصوص تحقق غاية المشرع وتقي من الوقوع في منازعات كان يمكن تجاوزها لأجله.
    مختلف التشريعات المقارنة ومعها القانون المغربي على استخدام وسائل التكنولوجية الحديثة في العقود الإدارية، حتى أصبحت معها الصفقات العمومية الإلكترونية واقعا لا محيد عنه بالنظر للمميزات التي تحققها سواء بالنسبة للإدارة أو لنائل الصفقة.
    وعليه، يمكن الإقرار أن مستجدات المرسوم الجديد للصفقات العمومية المتعلقة بنزع الصفة المادية على مساطر إبرامها هو من المستجدات الهامة في ميدان الدراسات القانونية التي تعنى بالعقود الإدارية، حيث أصبحت المعاملات الإلكترونية أسلوبا جديدا في إبرام الطلبيات العمومية في سياق توجه السلطات العمومية للحد من الاستعمال الورقي والتدخل البشري في عمليات الإبرام والمصادقة والتنفيذ بغاية الحد من الظواهر السلبية التي قد ترافق إنجاز الصفقة العمومية إعمالا لمبادئ الشفافية والمساواة والحكامة المكرسة دستوريا والمقررة قانونا، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتعداه إلى أن التدبير الإلكتروني للصفقات العمومية يحقق أهداف أخرى لها علاقة بتخفيض المصاريف الإدارية وربح الوقت وتقليل الجهد المبذول بالانتقال من التدبير الورقي إلى التدبير الإلكتروني بشكل سلس وشفاف للمساطر الإدارية المتعلقة بنظام الصفقات العمومية بالرغم من المخاطر التي قد ترافق ذلك والتي تحتاج إلى تظافر جهود جميع المتدخلين في الميدان لتجاوزها.
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     

[1]- شهدت الألفية الثالثة ثورة تكنولوجية غير مسبوقة جعلت من العالم قرية صغيرة لا سيما في مجال الإعلام والاتصال أين أصبحت شبكات الاتصالات، وعلى رأسها الشبكة العنكبوتية العالمية «الأنترنيت» العصب الرئيسي للدول والطريق السريع للمعلومات والتجارة وغيرها. هذا التطور الجديد والمتسارع أدى إلى ظهور مفاهيم جديدة كالتجارة الإلكترونية والمواطن الإلكتروني وغيرها من التسميات التي تعتبر وليدة التكنولوجيا. إذ مع انتقال مفهوم الدولة وتطور وظائفها الأساسية اهتم الفكر الإداري المعاصر بالتطورات التكنولوجية الحديثة، وما نتج عنها من وسائل ساهمت في مشكلات الإنسان وإشباع رغباته وسد حاجاته، وشملت جميع نواحي الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغيرها من أجل تطوير العمل الإداري الحكومي من جهة وبغاية إشباع رغبة المواطن الذي أصبح في حاجة إلى إدارة ذكية تراعي وتلبي احتياجاته بشكل سريع ومجدي من جهة أخرى. ولأجل ذلك تم الاهتمام بتطويع الوسائط التكنولوجية المتعددة والمتنوعة من أجل خدمة العملية الإدارية ولصالحها فنتج عن ذلك دخول الحواسيب والأجهزة الرقمية والشبكات المحلية والعالمية وأجهزة الإعلام والاتصال … إلخ محيط الإدارة بصفة عامة، فظهرت ما يسمى بالخدمة العمومية الإلكترونية التي تعتبر نتاجا للتطورات المتسارعة للتكنولوجيات الحديثة المدمجة في الميدان الإداري. للمزيد من التفصيل يراجع هنا: محمد بومديان، الإشكاليات القانونية لاعتماد الإدارة الإلكترونية بالمغرب مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى، 2020، ص 4.

[2] – مصطفى الباهي، رقمنة الصفقات العمومية للجماعات الترابية، ضمن مؤلف جماعي بعنوان: «صفقات الجماعات الترابية بين حكامة النص التشريعي ومتطلبات «التنمية»، مجلة العلوم القانونية، سلسلة فقه القضاء الإداري، العدد 11، 2020، ص 221.

[3] – قرار لوزيرة الاقتصاد والمالية رقم 1982.21 صادر في 9 جمادى الأولى 1443 14) ديسمبر 2021) يتعلق بتجريد مساطر الصفقات العمومية والضمانات المالية من الصفة المادية، الجريدة الرسمية عدد 7104، 30 ذو القعدة 1443 (30) يونيو 2002).

[4] – مرسوم رقم 2.22.431 صادر في 15 من شعبان 1444 (8) مارس (2023) يتعلق بالصفقات العمومية، الجريدة الرسمية عذذ7176، 16 شعبان 1444 (9) مارس (2023، ص 2870

[5] – المواد 134 إلى 141 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.
 

[6] – المادة 4 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[7] – المادة 91 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[8] – المادة 148 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[9] – ج) ود) وهـ) من المادة 23 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[10] – ج) ود) وو) من المادة 50 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[11] – ج) (ود) وهـ من المادة 68 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[12] -(ج) وهـ من المادة 88 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[13] – ج) من البند (4) وفي البند (5) من المادة 91 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[14] – د) وهـ) وو) من المادة 96 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[15] – البند (2) من (III من المادة 133 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.
 

[16] – آسية الحراق، الإدارة الإلكترونية بالمغرب: الصفقات العمومية نموذجا، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى، 2015، ص 96.

[17] – عبد الكريم حيضرة، دور الشفافية في حماية المال العام: الصفقات العمومية نموذجا، المجلة الدولية للأبحاث الجنائية الحكامة
الأمنية، العددان 1 و2: الجزء الأول، 2019، ص 371.

[18] – المادة 135 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023

[19] – المادة 136 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[20] – المادة 137 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

[21] – المادة 138 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023

[22] – تنص المادة 1 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023 على أنه: يخضع إبرام الصفقات العمومية للمبادئ التالية:
–        حرية الولوج إلى الصفقات العمومية
–        المساواة في التعامل مع المتنافسين
–        ضمان حقوق المتنافسين؛
–        الشفافية في اختيارات صاحب المشروع.
كما يخضع إبرام الصفقات العمومية لمبدإ النزاهة ومبادئ الحكامة الجيدة.
يأخذ صاحب المشروع بعين الاعتبار، عند إبرام الصفقات العمومية، حسب الحالة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإيكولوجية وكذا أهداف التنمية المستدامة والنجاعة الطاقية والحفاظ على الموارد المائية وتثمين المنظر المعماري وحماية التراث الوطني والمآثر التاريخية ومتطلبات تشجيع الابتكار والبحث والتطوير.
تروم المبادئ والمتطلبات المنصوص عليها في هذه المادة تأمين فعالية الصفقات العمومية وحسن استعمال المال العام. وتستلزم تحديدا قبليا للحاجات واحترام وجوب الإشهار واللجوء إلى المنافسة واختبار العرض الأفضل اقتصاديا.
يتم تفعيل هذه المبادئ والمتطلبات طبقا للقواعد المنصوص عليها في هذا المرسوم».

[23] – المادة 139 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.
 

[24] – المادة 140 من المرسوم الجديد للصفقات العمومية لسنة 2023.

مشاركة