الرئيسية آراء وأقلام رحلة مع الكتابة

رحلة مع الكتابة

RIHLA.jpg
كتبه كتب في 8 يوليو، 2017 - 8:56 مساءً

ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺟﺎﻋﻨﺎ ﺍﻟﺼﺎﺭﺧﺔ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﺑﻴﻦ ﺛﻨﺎﻳﺎﻫﺎ ﺷﻈﺎﻳﺎ ﻗﺴﻮﺓ ﻭﺃﻟﻢ ﻳﺨﺪﺵ ﻣﺸﺎﻋﺮﻧﺎ ﺍﻟﻨﻘﻴﺔ، ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻣﺔ ﺍﻷﺣﺰﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﻄﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﻤﻄﺮ ﻳﺼﺐ ﻟﻴﺘﻌﻠﻖ ﻓﻲ ﺟﻮﻓﻨﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ، ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﺰﺍﻥ ﻣﺜﻞ ﺿﺮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﺓ، ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺴﺪﺩ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻧﺤﻮ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻻ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻣﻰ.
ﺳﺄﻟﻨﻲ ﺃﺣﺪ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻤﺴﻚ ﻗﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻗﻊ، ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﻜﺘﺐ؟ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻳﻜﺘﺐ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺮي ﺟﺮﻭﺡ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻟﻤﺘﻜﺴﺮ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﺐ، ﻳﺤﻮﻝ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﻳﺪﻓﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻋﻮﺍﻃﻔﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﺨﺬﻻﻥ ﻓﺘﺘﺤﻮﻝ ﺍﻷﻗﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺍﻫﻢ ﺗﺸﻔﻲ ﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ، ﺇﻥ ﺍﻹﻧﻐﻤﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺒﺮ ﻣﺜﻞ ﻣﻄﻬﺮ ﺑﺪﺍﻳﺘﻪ ﻛﻘﺮﺻﺔ ﺃﻟﻢ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻧﺸﻔﻰ، ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﻧﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﺁﻻﻣﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﺮﺟﻌﻬﺎ ﻟﻨﻮﺍﺟﻬﻬﺎ.
ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺍﻷﻟﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﺒﺔ ﻣﻦ ﻭﺭﻕ، ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺐ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ ﺗﺪﺭﻳﺠﻲ، ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺻﺮﺧﺎﺕ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﻬﺪﻳﺮ ﻣﺪﻭ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻧﺰﻳﻒ ﺣﺒﺮﻱ ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﺰﺍﺀ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺇﻣﺴﺎﻙ ﻗﻠﻢ ﻭﻻ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻖ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻤﺎ ﺗﻮﺩ ﻗﻮﻟﻪ ﻻ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ، ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻟﻲ ﻓﺎﺷﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺐ، ﺍﻟﻔﺎﺷﻠﻮﻥ ﻭﺣﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺐ ﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺒﻮﻥ ﻋﻨﻪ، ﻓﻠﻮ ﻧﺠﺤﻮﺍ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﺻﻼ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ.
ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻴﺘﺮﺟﻢ ﻟﻐﺔ ﻗﻠﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺳﻄﻮﺭ ﻳﺴﺮﺩ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻳﺮﻭﻱ ﺗﺠﺎﺭﺑﻪ ﻟﻴﻠﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮاء ﻭﺣﺘﻰ ﻳﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺻﻮﺭﺓ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﺭﺁﻫﺎ ﻓﻲ ﺷﺎﺭﻉ ﻣﺎ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺲ، ﻓﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻛﻬﺪﻫﺪ ﻳﻮﺻﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺩﻭﺍﺧﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻭﻃﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺣﺮﺍﻙ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺃﻭ ﺗﻄﻮﺭﻱ.
ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﺮﻯ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﻛﻌﺎﻟﻢ ﻣﻮﺍﺯ، ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺧﻴﺎﻝ ﻳﺨﻠﻖ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻭﻇﺮﻭﻑ ﻭﻳﺸﻜﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ ﻛﺮﺳﺎﻡ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﻟﻮﺣﺘﻪ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻳﻠﻮﺫ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻌﻪ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻭﻳﻼﻣﺲ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻐﻴﻢ ﻭﻳﺴﺎﻓﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﺠﺮﺓ، ﻫﺆﻻﺀ ﻳﻜﺘﺒﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺜﻤﺎﻟﺔ، ﻓﺎﻟﺒﻌﺾ “ﻳﺴﻜﺮ” ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﺘﺐ، فتحلق ﺃﺟﻨﺤﺔ ﻋﻘﻠﻪ ﻧﺤﻮ ﺃﺭﺽ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﺣﺪ ﺑﻬﺎ ﺇﻻ ﻫﻮ.
ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻭﺗﺮﺗﺒﻂ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻤﻬﻤﺔ ﻋﻤﻞ ﺃﻭ ﺩﺭﺍﺳﺔ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺣﻴﺎﺓ ﻗﺒﻞ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻋﻤﻞ، ﻓﻼ ﻣﺘﻨﻔﺲ ﺃﺭﻗﻰ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻨﺸﻖ ﻧﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺤﺮﻭف.

مشاركة