الرئيسية آراء وأقلام ذ. محماد الفرسيوي: تصريف المتابعات في زمن كورونا

ذ. محماد الفرسيوي: تصريف المتابعات في زمن كورونا

IMG 20200318 WA0433
كتبه كتب في 18 مارس، 2020 - 10:57 مساءً

تعتبر المتابعة ركيزة من ركائز استقرار المجتمع وضامنا لحقوق الأفراد، وتعتبر المتابعة الزجرية أهم وسيلة لتحقيق هذا الإستقرار عبر إعمال النيابة العامة لسلطة الملائمة، من خلال الاعتراف لها بالسلطة التقديرية في تقرير توجيه الإتهام لتحريك الدعوى العمومية أو حفظ الملف، فيكون للنيابة العامة أن تمتنع عن توجيه الإتهام على الرغم من توافر جميع أركان الجريمة، وهو بهذا المعني ليس مضادا لنظام الشرعية لكن هذا النظام يمنح النيابة العامة سلطة تقديرية تخولها قسطا من المرونة في تقدير ملائمة إتخاذ قرار الإتهام من عدمه وذلك وفقا لمصلحة المجتمع عموما، خاصة في بعض الظروف كالتي نعيشها اليوم.

وفي ظل الأوضاع الراهنة التي يعيشها العالم والتي لم يسلم منها المغرب، فقد بادرت كل السلطات في الدولة ومنها السلطة القضائية بمختلف مكوناتها إلى اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات الإستثنائية للتعامل مع هذا المعطى الجديد، وباعتبار الجريمة من الظواهر الحتمية في المجتمعات والتي وجب التصدي لها دوما.

والوسيلة القانونية لملاحقة المخالفين للقانون قصد معاقبتهم هي المتابعة كقناة يمر منها المتابع لاقتضاء الحقوق وإرجاع الأمور إلى نصابها المعتاد، ومن أجل ذلك فقد عرف هذا الإجراء هذه الأيام بعض التغيرات التي تدخل ضمن الترتيبات الموجهة للتصدي والتعامل مع الجريمة والمتابعات التي لا تتوقف ليل نهار.

وما يمكن تسجيله في هذا الصدد هو التوجه الذي سارت عليه النيابات العامة عبر التقليص والترشيد إلى حد الرفع من الإعتقال بخصوص المخالفات وبعض الجنح البسيطة التي لا تمس بالغير وكذلك النظام العام.

حيث يتم في الغالب الأعم تحرير محضر ضد المعني بالأمر لتلجأ بعد ذلك إلى حفظ الملفات مع إمكانية تحريك الدعوى العمومية اذا ارتأت أن هناك موجب لذلك لاحقا، على اعتبار أن قرار الحفظ هذا هو ليس بحكم ولذلك فيمكن للنيابة العامة أن تعدل عنها وقتما تشاء لما لها من سلطة الملائمة.

فضلا عن ذلك يتم تسجيل مذكرات بحث في حق من لم يتم توفيفه، على أساس إعادة تفعيلها وترتيب آثارها القاتونية في زمن تحدده النيابة العامة في ظل أوضاع غير التي نحن فيها الآن.

كما أنه وفي إطار تصريف المتابعات في هذه الظرفية الحرجة فقد تم اللجوء إلى تكليف كل واحد من أفرادها بالإنتقال دوريا إلى مخافر الشرطة والدرك لإجراء ما يلزم بشأن ما يرد عليها من شكايات وأشخاص ليتخذ في حقهم الإجراء المناسب، وكل ذلك من أجل ضمان وحماية أمن وسلامة كل الأجهزة المتدخلة في هذه العملية القضائية.

وفي الاخير وجب الإشارة إلى أن هذه الإجراءات لا تعني تعطيل دور العدالة؛ فقط هي تدابير احترازية وقتية، للحيلولة دون تفاقم الأزمة التي يمكن أن تؤول إليها الأوضاع إن لم تتخذ هذه التدابير في ابانها.

مشاركة