الحدود بين الدول ليست مجرد سياج يخط المساحات و يفصل المناطق و الأوطان بل هي شريط يختزن تاريخ البلدان المتجاورة و وضعها الأمني و السياسي . و نقطة تقاطع الدول التي غالبا ما تتحول الى نقطة صدام و عداء .
سبتة المحتلة , تلك المدينة الجميلة المطلة على البحر الأبيض المتوسط ذات النزاع الحدودي ما بين المملكة المغربية و دولة إسبانيا و التي أصبحت تتمتع بصيغة الحكم الذاتي داخل إسبانيا بقرار البرلمان الإسباني سنة 1995.
أول ما سيتبادر إلى ذهنك عند ولوجك مدخل مدينة سبتة في الحدود أنك تشاهد فيلما وثائقيا دراميا , نساء باهتات تحملن رزما ثقيلة فوق ظهورهن , أطفال متشردون يحومون حول حاويات الأزبال كطيور ابو سعن الإفريقي , رجال الحرس المدني الاسباني يحضنون بنادقهم بهبة , ( و هذه مواضيع سنتطرق اليها لاحقا) .
لكن ما سيثيرك أكثر هو اللامبالاة التي تعتري سحنات الوجوه هناك ، لأن تلك الأجواء أصبح متعودا عليها بل عادية و ربما اللاعادي هو دهشتك أنت لأنك زائر لأول مرة .
منذ افتتاح معبر تاراخال 2 في أواخر فبراير الماضي , أدى التدافع به إلى مصرع إمرأتين مغربيتين تم دهسهما في المعبر خلال خروج الآلاف من مهربي البضائع , و وفاة إمرأة مغربية ثالثة بعد أن دهستها إحدى دراجات الحرس المدني الإسباني عندما كانت تهم بقطع الطريق في باب سبتة , في حين أقدم مواطن مغربي على جرح جسده بسكين بسبب منعه من طرف الحرس المدني الاسباني ولوج مدينة سبتة المحتلة لكونه لا يتوفر على وثائق السيارة الجاري بها العمل .
غير أن مشاكل باب سبتة تختلف من فئة إلى أخرى , فمهربو البضائع يشتكون من سوء معاملة الأمن و الحرس المدني , حيث يقول أحمد و هو شاب ينحدر من مدينة تطوان : غالبا ما نجد مشاكل مع رجال الأمن و الحرس المدني الإسباني خصوصا الذين يحاولون الدخول مرات عديدة في اليوم . في حين تجمع المئات من تجار سبتة أمام قصر الحكومة بمدينة سبتة المحتلة ، مطالبين بإيجاد حلول للإزدحام الحاصل في باب سبتة دون اللجوء إلى قرار سلطات المدينة القاضي بتقليص عدد المغاربة الذين يدخلون إلى سبتة للتسوق و السياحة بجواز السفر فقط و فرض التأشيرة على معظمهم ، بل و قد رفعوا شعارات توضح أن بدون السياح المغاربة فإن تجارة المدينة ستتراجع إلى الحضيض . هذا و قد سبق أن نددت السنة الماضية ، مستشارة الحزب الإسباني “بوديموس ” بيانويبا رويث إدويا في لقاء مع مجموعة من الجمعيات الحقوقية بمدينة مرتيل بضرورة تحرك المغرب و إسبانيا بسرعة لحماية حمالات السلع المهربة مشيدة بأن المعابر الحدودية لسبتة و مليلية تشهد انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان و غالبا النساء هن الأكثر تضررا .
فيما يعاني رجال الجمارك من الأمرين : المهرب و الإدارة فغالبا ما ينتهي القيام بعملهم مع المهرب بعدم رضوخه للقانون الجاري به العمل مما يؤدي الى مشادات و شجارات هذا من جهة , و توبيخات الإدارة من جهة ، حيث أن المركز مجهز بكاميرات مراقبة موصولة بالإدارة العامة للجمارك مما يعرضهم للمحاسبة على كل تفصيل .
و تبقى لكل فئة تساؤلاتها الدفاعية
الجمركي : هل نحن من لم نوفر فرص الشغل ؟
المهرب : هل هناك بديل ؟
يبقى الجواب الوحيد و المستفيدون الوحيدون هم تجار سبتة و مافيا التهريب .
إعداد رباب بنقطيب