الرئيسية آراء وأقلام ذاكرتي مع قصة 16 ماي 2003 الأليمة

ذاكرتي مع قصة 16 ماي 2003 الأليمة

IMG 20220517 WA0002.jpg
كتبه كتب في 17 مايو، 2022 - 12:08 صباحًا


لازالت أذكر و ذكراها منقوشة ومحفورة في ذاكرتي، إنه الإرهاب
أذكر أنها كانت ليلة جمعة، وصبيحة يومه السبت، كان لي خال – محمد بلمراوح – رحمة الله عليه فقد قضى نحبه و كان من العاملين بجهاز الأمن الوطني بولاية أمن الدارالبيضاء، وكان آنذاك أي خلال خلال ميقات الاعتداء الآثم يستفيد من إجازة مرضية نتيجة لحادث شغل تعرض له.
على غير العادة نقر الباب نقرا في وقت يقارب منتصف من الليل، أتذكر كنت أول من استفاق، فتحت له الباب فأفادني أن انفجارات هزت مدينة الدارالبيضاء، ثم انصرف.
لا أخفيكم لم أصدق واعتقدت في بادئ الأمر أن الأمر يتعلق بانفجار قنينة غاز أو ما شاكل ذلك وما زاد في عدم وثوقي بالأمر أنني عند تشغيل التلفاز لم ألحظ أي شيء فقد كانت الأمور عادية.
حاولت بعد ذلك الخلود للنوم بيد أن النوم جفا أجفاني، استيقظت فيما بعدها وأعدت تشغيل التلفاز فاتحا إياه على قناة الجزيرة، فتبددت شكوكي وحلت محلها مخاوفي أنباء عن تفجيرات إرهابية بمدينة الدارالبيضاء!!!
أفقت والدي – رحمة الله عليه -وأخبرت إياه بالأمر وجلسنا مشدوهين مشاهدين لما تسرب من معلومات، ونظرا لنذرتها كانت تتكرر، غادر كل منا لمحاولة الخلود للنوم لكن لا أحد منا استطاع فكلانا بين الفينة و الأخرة يوقظ ضوء غرفته، وكلانا كان يعلم علم اليقين أن النوم جفا جفونه.
مر الوقت متاسارعا وفي نفس الوقت بطيئا، حتى حلت حوالي الساعة السابعة صباحا وحاول والدي – رحمه الله إيقاظي- لكنه وجدني يقظا.
جلسنا سويا نتناول وجبة الإفطار، وشغلنا التلفاز على القناة الثانية، ظهر وزير الداخلية آنذاك في ندوة صحافية بين يديه أوراق، وما تذكرت إلا عبارتين عبارة ” الإرهاب الدولي الذي ضرب مدينة الدارالبيضاء ” وعبارة أنه تم على الفور ” إحداث خلية، خلية أزمة”.
بعدها لملمت أفكاري محاولا الاستيعاب، ومحاولا فهم ما جرى وفي نفس الوقت غير مصدق لما جرى، خرجت متوجها إلى الثانوية حيث كنت أدرس و سيل من الأسئلة تجتاحني لماذا وكيف ومتى …
غير بعيد عن منزلنا – بعد السير لمدة ثلاث دقائق تقريبا – راعني مشهد غير مألوف، فقد شاهدت سدا قضائيا أمنيا تم تنصيبه بشارع محمد السادس – طريق مديونة – وما شد انتباهي أمران:
أولهما مشهد رجل أمن بزيه النظامي حاملا لبندقية رشاشة علمت فيما بعد أنها و بعد زمن طويل نسبيا أنها من نوع H K .
ثانيهما: إيقاف أي عربة للنقل الجماعي سواء تعلق الأمر بسيارة أجرة أو حافلة للنقل الجماعي سواء داخل المدينة أو خارجها تسمرت في مكاني لحظات لكن لم أستوعب شيئا.
أتممت طريقي ووصلت للثانوية حيث أدرس ولا زالت أتذكر أنه ذلك يوك سبت ويومه من الساعة الثامنة إلى العاشرة صباحا كانت لدينا حصة مادة الاجتماعيات وكان أستلذنا رحمة الله عليه الأستاذ محمد قوبع، لم يلق الدرس فقط جلسنا نتجاذب مشدوهين، بل إن من بيننا كتلاميذ من لم يكن قد بلغ إلى علمه النبأ حدثنا داخل الفصل و نقل إلى علم من لم يكن له علم الخبر ، ودخلنا في حديث حول الإسلام و خلص أستاذنا أن الاسلام دين الوسطية والاعتدال، وكنا نقف منه فقط موقف المتلقي لا ننبس ببنت شفة.
أتممتا حصصنا الدراسية ثم غادرنا إلى بيوتنا.
أتذكر حوالي الساعة الواحدة زوالا و نحن مجتمعون على مائدة الغذاء بمعية الوالد – رحمه الله – والوالدة أطال الله في عمرها و الأخوات، أخبرتنا الوالدة والتي كانت تعمل أستاذة للتعليم الابتدائي أن زوج زميلتها المدعو ي ع م فقد قضى نحبه بمطعم كاصا دي سبانيا، نزل علينا الخبر كالصاعقة، انتهت وجبة الغداء قبل أن تبتدئ، وأتذكر ما قاله والدي رحمة الله عليه، أو ليس رب العباد بقادر عليهم يرحمهم ويتوب عليهم إن شاء و يهلكهم إن شاء، بل زاد رحمه الله أنه بحكم عمله آنذاك فقد تردد على المطاعم و الملاهي الليلية فهل وجود شخص ثمة معناه أنه كافر، ثم من هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم مكان الخالق عز وجل!!!
انفضضنا بعدما أتم كلامه من حول المائدة.
شخصيا: في قرارة نفسي راقني مسك الوالد رحمة الله عليه ورأيه.
مرت أيام بعدها… ولأني كنت شغوفا بدراسة مادة القانون كشعبة في التعليم العالي زادني بعدها شغفا وحبا تصريحات السيد الوكيل العام للملك آنذاك باستئنافية الدارالبيضاء- مولاي عبد الله العلوي البلغيثي – وهو الصديق حاليا زادتني حركاته وسكناته أمام شاشة التلفاز وهو يأخذ الكلمة بارتجال من غير أوراق وبثقة منقطعة النظير في النفس شغفا وولعا بدراسة القانون وقد أفصحت له فيما بعد بذلك، فذلك ما كان درست القانون وصار مولاي عبد الله العلوي البلفيثي صديقي.
لكن ألا أن الإرهاب لا دين له ولا وطن له.
ألا إن للكون رب يحميه.
ألا إن مملكتنا الشريفة، شريفة عفيفة بملكها بحدودها برجالها بنسائها.
أدام الله علينا نعمة الأمن والأمان.
ذ / جدوي أشرف منصور.

مشاركة