الرئيسية أحداث المجتمع د.محمد نبيل اسريفي يوجه رسالة مفتوحة للعثماني بخصوص ادراج مصطلحات عامية بكتاب اللغة العربي للابتدائي

د.محمد نبيل اسريفي يوجه رسالة مفتوحة للعثماني بخصوص ادراج مصطلحات عامية بكتاب اللغة العربي للابتدائي

FB IMG 1536171240781
كتبه كتب في 5 سبتمبر، 2018 - 7:36 مساءً

 

 

صوت العدالة – عبد السلام اسريفي

 

 

في سياق اعتماد وزارة التعليم لمصطلحات ” عامية” بكتاب للغة العربية  بالتعليم الابتدائي، وجه  محمد نبيل اسريفي،أستاذ باحث بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة. ،رسالة مفتوحة  الى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني ،معربا فيها عن قلقه كإطار تربوي مما أسماه بالاستخفاف بمصير جيل بأكمله وتمييع المضمون التربوي وتسفيه الفعل التعليمي وتدثيره بثوب الرداءة ” تحت وقع الصدمة التي تقاسمت مرارتها مع ملايين المواطنين المغاربة، جراء إدراج عبارات “دارجة عامية” في مقررات دراسية معتمدة، وأفقدتنا شهية تناول وجباتنا المفضلة من “بريوات” و”بغرير” و”غريبة”، ورفعت ضغطنا الدموي وحرارة أجسامنا فلم نعد بحاجة إلى انتعال”الشربيل” ولا إلى التوجه للحمام كما تفعل “للا نمولة لتسخن عظيماتها”، وبدل ذلك أنشدنا مجتمعين إحدى السمفونيات الخالدة والمؤثرة في تاريخ البشرية “واحد جوج تلاثة” وترجمناها للغة أجنبية تعميما للفائدة !!!”.

وطلب الدكتور اسريفي نبيل محمد من رئيس الحكومة،بوقف ما أسناه بالتسيب ،مذكرا بالفصل الخامس من دستور المملكة الذي ينص على  أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للمملكة بالاضافة الى اللغة الأمازيغية ” أتوجه لكم بهذه الرسالة، سيدي رئيس الحكومة، لوقف ارتفاع منسوب التسيب والاستخفاف بمصير جيل بأكمله وتمييع المضمون التربوي وتسفيه الفعل التعليمي وتدثيره بثوب الرداءة. إن هذه الواقعة المهزلة تكشف بشكل ملموس على وجود أزمة عميقة في السياسية اللغوية المعتمدة بالمدرسة المغربية، والتي أضحت حاجزا منيعا أمام متطلبات الانفتاح والتنمية والاندماج في العصر”. مضيفا  في السياق ذاته “ولست بحاجة لتذكيركم، وأنتم خير العارفين، أن دستور المملكة قد حسم، وفق الفصل الخامس، في كون اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، وأن الأمازيغية أيضا هي لغة رسمية للدولة، بما يعني أن الدولة ملزمة باستعمالهما في الإدارة والتعليم وجميع المعاملات الرسمية”.  وتساءل الباحث اسريفي عن  تسلل تلك العبارات الى الكتب الدراسية  ضد ارادة الشعب  “فكيف تسللت هذه العبارات “الدارجة” ضدا على الإرادة العامة للشعب المغربي التي يجسدها الدستور؟ ومن يمتلك سلطة المس بالقدسية الرمزية للكتاب المدرسي كونه الوعاء الكفيل باحتضان وتوفير ما يلزم من قيم ومعارف ومهارات وقدرات وتمثلات ستسهم في تحديد وعي وشخصية أجيال المستقبل؟ وكيف للكتاب المدرسي أن يتحول – دون رقابة من حكومتكم الموقرة- إلى ساحة معركة تتصارع فيها أطراف، باسم لغة التدريس، بهدف حماية مصالحها وتأبيد السيطرة الاجتماعية؟ وكيف لتعليم يعتمد على “الدارجة” أن يمكن أجيال المستقبل من التفاعل الحضاري والنهل مما أنتجه الفكر الإنساني؟ “.  كنا أوضح في سياق حديثه عن المبررات التي قدمتها الوزارة ،”أن تدريس اللغات في كل الدول التي تحترم نفسها تتم وفق قواعدها الإملائية والنحوية المعيارية وليس بلهجاتها العامية”.

وتساءل الدكتور كغيره من المغاربة  “كيف يمكننا أن نكتب بدارجة لا تتوفر على قواعد للكتابة، ولا يمكن إخضاعها لمعايير وضوابط حتى على مستوى التداول الشفهي في مناطق جغرافية محدودة. فدارجة المنطقة الشمالية تختلف عن دارجة المنطقة الشرقية، والتي تختلف بدورها عن دارجة الغرب والجنوب وهكذا ذواليك. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن “بغرير” مرشدي في اللغة العربية ليست هي “أبغرير” مناطق الأطلس وليست هي “حرطيطة” منطقة جبالة…”.
واعتبر المتحدث في ذات الرسالة ،أن العمل بمبدإ التنوع اللغوي والتربوي لا ينبغي أن يسقطنا في مستنقع التيه اللغوي المؤدي حتما إلى الانغلاق والعزلة، وقطع صلات الربط التاريخي والهوياتي والحضاري. وإذا كانت اللغتان الأمازيغية والعربية، بإرثهما الحضاري والتاريخي وإسهاماتهما في بناء الفكر الإنساني، وامتدادهما الجغرافي والتداولي الواسع، يسهمان في تقوية الشعور بالإنتماء الوطني وإغناء الهوية الوطنية وفي تعزيز اندماج وتفاعل بلادنا في محيطها الإقليمي والجهوي والدولي، فإن استعمال الدارجة في المقررات الدراسية، إضافة إلى كونه يضعف إمكانيات التأثير والانفتاح الخارجيين، فإنه يشكل تهديدا حقيقيا للتماسك الوطني، ويذكي نعرات التطرف والانغلاق، والتاريخ غني بالنماذج التي استعملت فيها اللهجات المحلية كمطية لتفكيك الكيانات الوطنية وإضعاف وحدتها.
وخلص كلامه الموجه لرئيس الحكومة عن الأمن اللغوي الذي اعتبره  ركيزة أساسية لتعزيز تجانس النسيج الاجتماعي ودعم المصالح السياسية والاقتصادية والثقافية للبلدان.

منبها أن  إدراج المصطلحات والتعبيرات الدارجة في المقررات الدراسية الرسمية، ضدا على المقتضيات الدستورية، يشكل مسا خطيرا بالأمن اللغوي لبلادنا، ولربما يشكل جزءا من مخطط خطير يروم الإجهاز على الهوية المغربية والمس بوحدة الوطن وتضبيع الأجيال القادمة.

وطلب في الأخير من رئيس الحكومة بسحب هذه المقررات الدراسية من التداول وترتيب ما يلزم من ربط للمسؤولية بالمحاسبة، وإعادة النظر في مساطر النشر المدرسي وإعداد المناهج التربوية، صيانة لحق بنات وأبناء الشعب المغربي في تعليم عصري منفتح ومنتج، قادر على استيعاب واستثمار الطاقات الإبداعية والفكرية وتثمين وتأهيل الرأسمال البشري بما يمكن بلادنا من الاندماج الناجح في مجتمع المعرفة وتحقيق التقدم والنهضة الشاملة.

مشاركة