بقلم :ذ محمد الموستني
لقد أصبحنا نلاحظ في المجتمعات المتخلفة خلق التفاهة من أجل تكريس الجهل المقدس ، والعبارة هنا تعبر عن أن الجهود غالبا ما قد تكون متعمدة لنشر التفاهة والسطحية في المجتمعات الغرض منها نشر ثقافة الجهل وتعزيزها وتعميقها وعدم الوعي بما يجري داخل مكونات المجتمع بشكل يتطلب العقلانية بما في ذلك الدقة في الملاحظة والتركيز والتوازن والاعتماد على النفس لتكوين شخصية الفرد والجماعة والتناغم فيما بينها بشكل صحيح حيث هنا يتم تمييش المعرفة الحقيقية والعقلانية واستبدالها بأمور تافهة لا تسهم في خدمة الانسان وتطوره وتقدمه.
ان نشر المحتوى التافه يخلق التفاهة فيتم فقط التركيز بشكل أو بأخر على الأمور السطحية والتعاطي للترفيه الأجوف الفارغ والعمل بكل الوسائل على الاهتمام به فيصبح الشغل الشاغل للمتلقي فيسعى وراء المظاهر الوهمية بدلا من الجوهر، ومن هذا المنطلق الخطير يتم ترسيخه وتوطيد حالة معينة فيصبح التعامل مع الجهل كأمر مقدس لا يجب المساس به حيث فكرة التساؤل والتحليل والتفكير النقدي مرفوضة فتكمن الخطورة وتنعكس اثارها على التقدم والانتقال الديمقراطي.
طبعا لا يمكن أن ننفي أن هناك فئات وجهات تسعى لالقاء المجتمعات والناس في حاله من الجهل والسطحية من خلال ترويج لمصالح معينه غالبا ما تصب في صالحها من جهة ومن جهة أخرى للحفاظ على وضع معين على حساب التطور المعرفي والعقلي بعقلانية وروح النقد البناء للافراد والمجتمعات وخاصة بأحزمة الفقر والتهميش التي تقتات على فتات جيوب هذه الطبقة. فيصبح الوضع يتطلب الدعوة الى التفكير العقلاني بنهج اسلوب النقد والوعي بأهمية المعرفة والثقافة والتعلم، وتنبيه الناس الى قوة المخاطر المحتمله والمحذقة بهم لتجاهل الأمور الجوهرية ومحاربة من خلق التفاهة وتكريس الجهل المقدس الذي يعتبر بمثابة طاعون ينخر المجتمعات والشعوب.
وفي هذا الصدد يمكن ان أستحضر ما قاله الكاتب الروسي أنطون تشيخوف عن طبيعة المجتمعات الفاسدة قال : “في المجتمعات الفاسدة يوجد ألف أحمق مقابل كل عقل راجح وألف كلمة خرقاءازاء كل كلمة واعية تظل الغالبية بلهاء دائما وتغلب العاقلة بأستمرار فاذا رأيت الموضوعات التافة تتصدر النقاشات في أحد المجتمعات ويتصدر التافهون المشهد فأنت تتحدث عن مجتمع فاشل جدا فعلى سبيل المثال الأغاني والكلمات التي لا معنى لها تجد ملايين الناس يرقصون ويرددونها ويصبح صاحب الأغنيه مشهورا ومعروفا ومحبوبا بل حتى الناس ياخذون رأيهم في شؤون المجتمع والحياه. اما الكتاب والمؤلفون فلا أحد يعرفهم ولا أحد يعطيهم قيمه أو وزنا فمعظم الناس يحبون التفاهة والتقدير فشخص يخدرنا ليغيب عقولنا عنا وشخص يضحكنا بالتفاهات أفضل من شخص يوقظنا للواقع ويؤلمنا بالقول الحق.”( انتهى كلام الكاتب)
نامل أن تستيقظ شعوبنا من أمرها، وأن تحارب أسلوب التفاهة والسيطرة عليها وأن تكرس مبدأ العقلانية والنقد العلمي البناء بدل خلق التفاهة و تكريس الجهل المقدس

