بقلم عزيز بنحريميدة
في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، يجد العديد من الأجراء والعاملين أنفسهم تحت ضغط رقابة صارمة ومحاسبة مستمرة دون توفر أي ضمانات تضمن لهم حياة كريمة وأجورًا تليق بمتطلبات الحياة، حيث يواجه هؤلاء الأجراء تحديات مزدوجة، إذ أن الالتزام بالعمل والانضباط في الأداء يقابله انعدام الدعم الكافي لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يُعمّق الشعور بعدم التوازن بين الواجبات المهنية والحقوق الإنسانية.
فرض الرقابة والمحاسبة يعدُّ ضرورةً لضمان الكفاءة والجودة في الأداء، ولكنه يصبح أداة ضغط إذا لم يكن مصحوبًا بضمانات تضمن للعامل حياة كريمة ،فعندما يُطلب من الأجير كيف ما كان منصبه أو رتبته الالتزام بالمعايير المهنية العالية وتحقيق الأهداف الموضوعة، يجب أن يُقابل هذا بتوفير دخل يكفي لتلبية تكاليف المعيشة المتزايدة، خاصةً في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والإيجارات، والخدمات الأساسية. وفي ظل عدم التوازن الحالي، يشعر الكثير من الأجراء (قضاة،رجال الأمن،موظفون و أطباء) بأن الرقابة المفروضة عليهم تضعهم تحت عبء كبير دون مراعاة لظروفهم الاقتصادية الصعبة.
بدون رواتب تتناسب مع الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة، تصبح الرقابة وسيلة للضغط فقط، في حين أن الأجور الحالية بالمغرب تظل غير كافية لتغطية احتياجات الأسرة من السكن، الصحة، والتعليم. هذه الفجوة الواسعة بين المسؤوليات المهنية والمستوى المعيشي للعاملين تؤدي إلى تراجع الشعور بالانتماء وتحبط من معنوياتهم، ما ينعكس سلبًا على الإنتاجية ويزيد من احتمالية الإرهاق النفسي والمهني.
لتحقيق التوازن المنشود، ينبغي على المؤسسات والجهات الحكومية تبني سياسات دعم حقيقية تضمن للعامل أجورًا تتماشى مع تكلفة الحياة وتلبي احتياجاته الأساسية. ومن الضروري أيضًا توفير بيئة عمل تحترم حقوق العامل وتوازن بين الرقابة والمحاسبة وبين الأمان المالي والاستقرار الاجتماعي. بهذا فقط يمكن تحقيق معادلة ناجحة تحفز على الإنتاج وتضمن للعامل الحياة الكريمة المنشودة.