بقلم: حسن نطير
خلص المشاركون في الندوة الفكرية التي نظمتها الجمعية الدولية المغرب واجبات وحقوق فرع المغرب، السبت الماضي ،بمقر الجمعية الوطنية للمحامين الشباب بالخميسات، إلى مجموعة من التوصيات الهادفة إلى تحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي حقيقي عبر الرفع من مردودية القطاعات الأساسية والاستثمار الأنجع للموارد الطبيعية والبشرية التي تزخر المنطقة وفق رؤية شمولية مبنية على الحكامة الجيدة تراعي الخصوصية المحلية .
وافتتحت أشغال الندوة الفكرية المنظمة تحت شعار “أي نموذج تنموي جديد لإقليم الخميسات “بكلمة ترحيبية ألقتها الرئيسة زهرة كروال التي أبرزت السياق العام لتنظيم هذه الندوة موضحة أن هذا اللقاء يرمي تشخيص الحالة الراهنة بإقليم الخميسات ومناقشة المشاكل التي تحول دون تحقيق التنمية و الانكباب على المقاربات الرامية إلى تيسير التفكير المشترك في موضوع النموذج التنموي الجديد وإتاحة تسطير برنامج فعال ومنسجم يسهم في بروز نمو اقتصادي قوي ومستدام ونموذج لتنمية اجتماعية شاملة تماشيا مع مضامين الخطاب الملكي السامي وفي ظل الإصلاحات التي نهجها المغرب في عدد من القطاعات من اجل إدماج البلاد في الاقتصاد العالمي وتحسين مناخ الأعمال وتوفير الشروط الملائمة للاستثمارات وإنشاء البنيات التحتية الضخمة فضلا عن الإصلاحات السياسية والاجتماعية التي جعلت الجماعات الترابية فاعلا أساسيا على عدة مستويات تنفيذا لدستور 2011 باعتبارها كيانات ترابية لها دور كبير في تعزيز الديمقراطية المحلية واللامركزية الإدارية ووضع آليات الحوار ومخططات التنمية المندمجة بإشراك المجتمع المدني الذي بات قوة إقتراحية مهمة وفاعل أساسي في التأطير والتوعية والتحسيس .
وقدم الخبير المختص في الاقتصاد الاجتماعي التضامني احمد ايت حدوث عرضا تناول فيه دور الاقتصادي الاجتماعي التضامني في خدمة التنمية الاقتصادية من خلال الرفع من مستوى الدخل الفردي للأشخاص كما طرح تصورا شموليا لجعل الاقتصاد الاجتماعي التضامني رافعة أساسية لتحقيق التنمية المحلية على ضوء المؤهلات الاقتصادية والاجتماعية التي يزخر بها الإقليم، مبرزا الحاجة الماسة إلى العدالة المجالية في مجال الاقتصاد الاجتماعي التضامني من خلال إحداث وحدات تثمين كل المنتجات المحلية سواء في المجال ألفلاحي على اعتبار أن الفلاحة تتصدر الأنشطة الأساسية التي يتعاطى السكان أو على مستوى الصناعات التقليدية وباقي المنتجات المتعددة والمتنوعة سيما أن إقليم الخميسات غني بثرواته الطبيعية والبشرية .
من جهته قدم مراد العلمي الريفي الخبير الدولي في السياسات الثقافية المنسق العام لوجدة عاصمة الثقافة الدولية وخبير دولي لدى اليونيسكو والاسيسسكو والاليسكو عرضا شيقا وشاملا ابرز فيه الدور الفعال لقطاع الثقافة في خدمة التنمية المحلية المستدامة موضحا أن إقليم الخميسات يعتبر خزانا ثقافيا كبيرا ومتنوعا في تاريخه وماضيه وحاضره ،سواء في تراثه أو من خلال عاداته وتقاليده وأعطي قامات كبيرة في مختلف مجالات الثقافة والفن كما يحتضن مواقع تاريخية وسياحية في غاية الأهمية تؤرخ لحقب متنوعة من تاريخ البشرية وتحتضن تحفا نادرة ،مبرزا الدور الكبير الذي يلعبه قطاع الثقافة في خدمة التنمية الاقتصادية والسلم الاجتماعي.
ودعا الريفي إلى ضرورة جعل الفعل الثقافي فعلا مؤثرا في السياسات العمومية والاعتماد على الثقافة كفاعل أساسي في تحقيق التنمية من خلال حسن تدبير التراث اللامادي وتسويق المنتوج الثقافي المحلي والوطني على المستوى الداخلي والخارجي مبرزا المكانة التي تحظى بها الثقافة في باقي المجتمعات كما أوضح أن التوجه العالمي الحالي يسير نحو اعتماد الثقافة كآلية أساسية في رسم الخريطة السياسية والتنموية للكثير من البلدان والتي استطاعت بفضل الاهتمام الذي توليه للمجال الثقافي بلوغ درجات عليا من التقدم الاقتصادي والسلم الاجتماعي،وعلى هذا الأساس يطرح المتحدث نموذجا تنمويا يجعل قطاع الثقافة قطاعات مجديا وذا فعالية في ترسيخ اقتصاد قوي ومستدام .
وهم المحور الرابع من الندوة الفكرية التي حضرها ثلة من الجمعويين والمثقفين والمثقفات وشخصيات من عالم المسرح والسينما والإعلام والاقتصاد دور مؤسسة محمد الخامس للتضامن في تنمية وتقوية قدرات الشباب حيث قدم عبد الهادي الهيلالي ممثل المؤسسة عرضا تناول فيه المجهودات التي تبذلها مؤسسة محمد الخامس للتضامن لتحقيق التنمية تماشيا مع التوجهات الملكية السامية عبر خلق ودعم المشاريع المدرة للدخل و إدماج الشباب في سوق الشغل من خلال التكوين المهني وخلق المقاولات كما طرح نموذجا تنمويا مهما يرمي إلى فتح آفاق مستقبلية أمام الشباب وخلق الرواج الاقتصادي ومحاربة البطالة عبر تعزيز سوق الشغل من خلال التكوين المهني وإنتاج يد عاملة تتماشى مع حاجيات سوق الشغل خاصة أن قطاع الصناعة والخدمات يعرف تطورا مهما في المغرب مضيفا أن المؤسسة منفتحة على كل المبادرات الشبابية في مجالات اختصاصاتها كما ابرز دورها المحوري مع باقي الشركاء وخاصة المجالس المنتخبة الجهوية وعبر الجماعات الترابية لانجاز مشاريع تنموية في مختلف مناطق المغرب .
إلى ذلك ابرز الكاتب الصحفي حسن نطير خلال تناوله محور التربية والتعليم والبحث العلمي مكامن الخصاص الذي يعانية قطاع التربية والتكوين والبحث العلمي موضحا في مداخلته أن الحاجة ماسة إلى عدالة مجالية في توزيع الجامعات ومراكز التكوين على التراب الوطني موضحا أن معظم المؤسسات الجامعية تتمركز في المدن الكبرى ما يساهم في الانقطاع عن الدراسة بالنسبة للكثير من الطلبة الذين ينحدرون من المدن الصغيرة او من مدن الجنوب حيث يجدون أنفسهم غير قادرين على تحمل أعباء الدراسة في المدن الكبرى بالنسبة للفئة الأولى كما أشار أيضا إلى أن التعليم العالي تشوبه الكثير من النواقص ويحتاج إلى إشراك كل الفاعلين والمتدخلين لوضع برامج ومناهج تعليمية تتماشى مع متطلبات سوق الشغل وتعزيز الجامعات ببعض التخصصات العلمية الجامعية التي تنحصر على بعض الجامعات بالرباط والدار البيضاء وتطوير البحث العلمي ودعمه من خلال إحداث المزيد من المختبرات والمؤسسات ووضعها رهن إشارة الطلبة لضمان نظام تعليمي وتكويني متكامل ومنفتح على محيطه ومساهم في الاقتصاد المحلي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ولا يعطينا جيوش المعطلين الذين نتقاسم معهم هموم التشغيل ،مضيفا ان المسالة مجتمعية ولا تقتصر على فئة معينة من المواطنين لذا يجب العمل على خلق نموذج تعليمي جيد ومتوازن يتيح فرص التعليم لكل فئات المجتمع ويفتح الآفاق أمام الشباب وخاصة الفئات الهشة التي ليس باستطاعتها ولوج الجامعات والمعاهد الدولية وذلك كله لدحض الطبقية وتكسير الفوارق الاجتماعية وجعل الحق في تعليم متساوي بين كل المغاربة لان النموذج الحالي منغلق ومحدود الأفق وبذلك يكرس الطبقية والتمييز بين المواطنين.




