الرئيسية آراء وأقلام حينما….. يعاني …….القضاة !!!!

حينما….. يعاني …….القضاة !!!!

web sick bed light old woman alyssa l miller cc.jpg
كتبه كتب في 21 سبتمبر، 2018 - 3:42 مساءً

القضاة ثروة.. المنظومة القضائية بالمغرب تحظى بثورة بشرية حقيقية.. فهي التي خرجت بقطاع العدالة من نفق بطء التقاضي و اصدار الاحكام ،الى اعتماد سبل اكثر نجاعة في فصل الخلاف وحل النزاع، وبذلك تكون قد قطعت مع معضلة تراكم آلاف الملفات والقضايا التي كانت تكتظ بها رفوف المحاكم ، فالقاضي وبكل فخر هو صمام الامان الذي يعتز به المجتمع..يحكم في الدعاوى المنظورة باسم العدالة.. ليكون للمظلوم الظهر والسند..لكن المفارقة العجيبة، تبدأ حين يبقى القاضي بلا سند، خاصة في خريف العمر الذي يحمل اهات ينحني معها ظهره، ليقف حائرا.. عاجزا أمام عاصفة تأتي لتخلط اوراقه و لتربط حاضره المرير بماضيه ومستقبله، الذي يبدو انه عسير ..

اكراهات اجتماعية..ليس من المبالغة قطعا إذا قلنا ان معاناة اهل العدالة قاسية.. فهم في لحظة من لحظات حياتهم قد يصبحون ضحية اكراهات صحية تمتد الى حياتهم الاجتماعية، فمن يحمي القاضي في ظل هذه القوانين العتيقة، والتي صارت فى حكم الأثر.. وقد مر على وجودها بون من الزمن، فصارت في معظمها سجينة توابيت موصدة، لا تجاري ما تعيشه هذه الفئة إجتماعيا وصحيا داخل نظم المجتمع.. كثيرا ما سمعنا هتافَ القضاة على اسرة المرض بلا سند ،هتاف بطعم الالم.. الوجع .. المأساة، انها الحقيقة التي تتوارى عن الناس.. ولا يدركها الا القليل منهم ، قوام نحيف، وصوت منكسر مفعم بالانين، ووجه شاحب بلون داكن يقطرُ يأساً كالموت… انها معاناة قضاة مع المرض الخبيث.

المرض والمعاناة ..حال القضاة مع المعاناة كباقي الفئات .. بل أدهى وأمر، فبعد سنوات في خدمة للعدالة الانسانية، وانصاف المظلوم .. ورغم كل العلل والوعكات الصحية يستطردَ رجل العدالة ويكافح من أجل أن يبقى متماسكاً.. فحياته المعاشة اجتماعيا كأب وزوج .. او أم وزوجة.. كثيرا ما تتأثر بحالة التهميش بعد ان تتدهور حالته الصحية، فيبدوا وكأنه في خريف الحياة وقد بلغ ارذل العمر.. انه ألم تجاوز ما يمكن احتماله.. فعلى السرير يقطب جبينه في نظرات تائهه وكأنه يبحث عن شيء ضائع.. انه يبحث فعلا عن السند ، بعد اتعبت كاهله تكاليف العلاج التي يتحمل قسطها الوافر.. في انتظار ان تحظى بالتفاتة.

حرقة وألم ..كثيرة هي الحالات التي عاشها المجتمع ورآها عن كثب، بدت في ظاهرها متماسكة .. فمنهم من راح يطالع مرة تلو مرة نتائج الفحوصات المختبرية ، مدركاً أن اصابته بالمرض لن تكون امرا سهلا من الناحية الاجتماعية، بل و ستجعله يشعر بحزن بالغ، وسيبدأ فوراً في التفكير في كل تعقيدات المرض التي ستؤثر عليه في المستقبل.. نظرات حسرة مقرونة بالوجع، وجع داخلي يعتريه كأب أو أم، وكانه يحاول أن يهرب من «لحظة الحقيقة» التي كان يبحث عنها طوال حياته على المنصة .. بينما يظل افراد الاسرة تائهين، غارقين في التفكير عن حل يعين .. او قلب للحالة يلين..

بين المطرقة والسندان..المعطى الاجتماعي .. والاكراه الصحي، وبينهما تولد حالة من التأزم نتيجة المجهود الكبير الذي تقوم به هذه الفئة سواء تعلق الامر بردهات المحاكم وملفاتها التي لا تنتهي من جهة.. او بنظرة المجتمع التي تحول دون تقديم صورة حقيقية عن رجل العدالة .. الذي هو انسان قبل ان يكون قاضيا. فالمعاناة لا تستثني احدا.. والاقدار غالبا ما تحمل في طياتها افراحا واقراحا واحزانا .. فمن يقف مع هذه الفئة اذا بلغت من الكبر عثيا .. او احالها العوز الصحي على ان تكون عاجزة مقهورة ..فهل من العدل والعدالة ان يصبح رجل العدالة على هامش المجتمع بعد كل هذه الخدمات والتضحيات؟!! سؤال مفتوح على واقع مغلق ينتظر الاجابة..

مشاركة