الرئيسية آراء وأقلام حركة وطنية متجددة في وجه امبريالية فرنسا

حركة وطنية متجددة في وجه امبريالية فرنسا

ce0299e2 d226 4de4 83e3 33f4187a4b10
كتبه كتب في 24 سبتمبر، 2023 - 12:20 مساءً

سعيد جعفر /رئيس مركز التحولات المجتمعية والقيم بالمغرب وحوض المتوسط

ما تحاول فرنسا القيام به عبر الوجه الظاهر لعقيدتها ممثلا في رئاسة الدولة وفي المجتمع السياسي، هو امتداد عضوي لما قام به ديغول وليوطي خصوصا بين سنتي 1930 و1934، عبر الظهير البربري وظهير فيشي.


تساعد قراءة كتب السوسي السوسيولوجيا السياسية و المونوغرافيات التاريخية على كشف الحقيقة الاستعمارية للدولة العميقة في فرنسا وكيف تسخر نفس الأدوات باختلاف المراحل والعصور، فنفس الشركات العملاقة التي استخدمت لاستنزاف المواد الأولية منذ 1912 هي نفسها التي “توسل” ماكرون في كلمته المسجلة وضعها رهن إشارة المغرب للمساهمة في إعادة الإعمار، ونفس الإعلام(راديو فرنسا) الذي وظف للتأثير على المغاربة في بداية الاحتلال هي نفسها التي تعمل اليوم على ابتزاز المغرب والضغط عليه(الإعلام الرسمي الفرنسي)، ونفس المستشرقين الذين اعتمدهم ليوطي للاستخبار حول النسيج والذهنية المغربية هو نفسه المثقفون! والباحثون والمؤثرون الذين يتم توجيههم اليوم لقلب الحقائق وتشويه الواقع في المغرب من أجل انهاكه، ونفس المحميين الذين اعتمدهم ليوطي لتفجير اللحمة الوطنية من الداخل هم فرنسيو المغرب الذين اتخذوا الصمت تقية إلى حين.


ونفس سلوك التفرقة والتمييز الذي نهجه ليوطي وفيشي للتفريق بين العرب والأمازيغ، وبين المسلمين واليهود حاول ماكرون وحكومته وجزء من الطبقة السياسية عبر إثارة حضور/غياب الملك(محاولة خلق تماثل ذهني بين سفر الملك محمد السادس وفراغ منصب السلطان محمد بن يوسف بفعل نفيه لمدغشقر)، وإثارة ثنائية المغرب النافع وغير النافع (محاولة أحياء ثنائية بلاد المخزن/بلاد السيبة)، وإثارة قضايا ذات طبيعة عرقية تحت تبرير التنمية والعدالة المجالية وغيرها من “المفاهيم” الامبريالية التي تستخدم لتبرير التدخل والاحتلال، وهي التقية التي سرعان ما تفضح عندما ينطلق اليمينيون الاستعماريون في الدعوة صراحة أو ضمنيا إلى التدخل في المغرب واستعماره.


لقد تشكل لنظام الحكم في المغرب وللطبقة السياسية والمجتمع المغربي مناعة ضد خطط التفرقة وتفتيت المجتمع منذ زمن طويل، عبر صد خطط التفرقة بين العرب والأمازيغ وبين المسلمين واليهود، وهو ما عكسه التحرك التلقائي والطوعي واللامشروط لكل مكونات المغرب من عرب وصحراويين وأصول اندلسية وافريقية ويهود لنجدة ودعم وعون اخواننا الأمازيغ الذين تعرضوا للزلزال في الحوز وتارودانت والمناطق الأمازيغية الأخرى.


إن حضور الآلاف من الشباب والنساء والرجال من كل مناطق المغرب، وحضور مسلمين ويهود وعرب وأمازيغ…، هو جواب شعبي لا يختلف عن الجواب الذي قاده العرب والمسلمون في المساجد (قراءة اللطيف) وفي الملاحات عبر شراء السلع والمصنوعات من الحرفيين اليهود وعبر وضع الحبوب والأغذية في أبواب الملاحات والمنازل التي يقطنها اليهود آنذاك.
وبدون شك فالدولة المغربية بقيادتها ومؤسساتها وشعبها تفهم وضع فرنسا اليوم، وتعرف جيدا ضعفها وخبثها، ولهذا يتم التعامل معها بهدوء شديد وفق التقاليد والأعراف المرعية كما تم التعامل مع اسبانيا وألمانيا قبلها لدفعها إلى الهدف الأسمى وهو الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، وبدون شك ستقاوم الدولة العميقة هذا المطلب المغربي العادل تفاديا لخسارة مصالحها في الجزائر، لكن المسألة مسألة وقت قبل الوصول إلى واقع رابح-رابح.

مشاركة