الرئيسية آراء وأقلام حداري من وهم المعرفة

حداري من وهم المعرفة

IMG 20200509 WA0135
كتبه كتب في 9 مايو، 2020 - 9:59 مساءً

بقلم :ذ. عبد القادر مسعودي

دائما يقع الخلط بين المعلومة والمعرفة….لكن في الحقيقة هناك مسافة كبيرة بين المفهومين ….مسافة تجسد مستوى الارتباط بموضوع المفهومين…وهذا ما ينعكس سلبا على مستوى التواصل العام …ويفتح هامش سوء الفهم والمناوشات وردود فعل غير سليمة..والاشكال في الاصل يرجع الى مفهوم اعمق من المفهومين السابقين وهو مفهوم البناء…الذي يغيب في جميع صوره المتعددة …كمثال البناء الديموقراطي والبناء العمراني والبناء المواقفي…لانه في اخر المطاف عبارة عن منظومة تتفاعل داخلها مكونات بدور ما… لتشكيل تصور عام والمعبر عنه بالبناء…والجميل في مسألة تقييم اي بناء هي الرجوع الى ادوار مكوناته المتفاعلة و مدى احترامها لحدودها انسجاما مع مسؤوليتها في ترسيم الاطار المرجو من اي تفاعل تفاعل….
ان اي بناء يحتاج الى مواده الحقيقية والى تصميم يستوعب قدرة تناغم مكونات البناء في مشهده النهائي شكلا ومضمونا….ظاهرا وعمقا….انها فلسفة تحتاج الى ارادة حقيقية وصارمة لقطع الطريق على كل هفوات ومحاولات تشويه سياقات البناء….وكمثال على ذلك هو سيناريوهات البناء الديموقراطي ببلدنا ومحاولة تفسيرها من منطلقات مادية محسوسة….من خلال ثنائيات عديد تكشف المستور ….هذه الثنائيات مجسدة في الغنى والفقر..في الكفاف والقفة..في المرض و المرافق الصحية…في العمل والبطالة…في الحق والظلم…في المساواة والمحاباة…في…وفي….انها ثنائيات عديدة يمكن من خلالها تقييم المسلسل الديمقراطي …وباعمال قاعدة الترجيح بين اطراف الثنائيات نستطيع تحديد علامة المنظومة الديموقراطية…فاما ان تكون سلبية او ايجابية…وهنا يستوقفني صراع القفة والغضب الذي صاحبه والانتقادات التي لم يسلم منها احد….فالقفة مبدئيا هي محطة كاشفة لوضع اجتماعي هش لا يشرفنا من الناحية المبدئية اولا..وثانيا يطرح سؤال الجدوى المؤسساتية المكرسة لخدمة المواطنين مستهلكة اموالا طائلة من اجل اهداف سقط قناعها امام صور القفف المنتشرة في ربوع الوطن ….ما جدوى البرلمان وشريحة عريضة من المجتمع متعلقة برحمة قفة…؟! ما الجدوى من وزارة الفلاحة ومصير وطن متعلق بجود السماء …؟! ما جدوى وزارة الصحة وارقام ضحايا تتوسل اعانات مواطناتية لتوفير ابسط شروط التمريض…؟! وما جدوى وزارة العدل وملفات تطوى بمجرد فتحها انصياعا لشرط الكم بدل الجودة ضدا على نظرية الاثبات الجنائي المنصوص عليها في المواد 286 و287 من قانون المسطرة الجنائية…؟! ما جدوى وزارة التشغيل وطابوهات عديدة تعيش تحت رحمة رقم 1212 …؟! وما جدوى …وما جدوى …واكبر سؤال الجدوى يتعلق بمؤسسة دستورية تبلع لسانها في ملفات شائكة يعقد عليها شرط المصالحة المطلوب للانتقال الى مرحلة احراج جميع المؤسسات الاخرى التي يغلب عليها وقف التنفيد…. ان البناء دعوة الى هدم طابوهات المجاملة المريضة…دعوة الى الغوص الى صلب اوجاعنا العديدة…دعوة الى جعل الوطن فوق الجميع…دعوة الى هدم الفوارق الاجتماعية…دعوة الى استثمار الكفاءة بدل التفاهة…دعوة الى علاج واقعنا بجرأة اعتمادا على تشخيص دقيق..انها دعوات عديدة لا تنتهي …نحن لسنا ضد القفة …لانها حل مقبول في اطار جدور التضامن في علاقات المغاربة لتجاوز عطب اكيد في اخر المطاف له مسؤول عنه…فالقفة كانت فرصة لمسح الغبار عن وجهنا التي الف لبس قناع مزيف سقط مع اول امتحان جماعي في زمن كورونا…ان القفة علمتنا ان الطريق امامنا صعب وشاق لتحقيق المواطنة الكاملة….ان القفة كانت لفحة ساخنة ادابت مسحوق ديموقراطية الكسالى الذين يدافعون عن معاشاتهم في زمن القفة و افواه جائعة….ورقم 1212…ومسلسل اعانات عديدة…انها لغة تغلب على المجال لسيطرة وهم المعلومة وضياع المعرفة بين ثنايا صراعات مجانية…افسدت شروط البناء المعرفي المعول عليه لتحقيق المواطنة الحقيقية في ابعادها المؤسساتية الواقعية… وبين هذا وذاك نحتاج الى فهم المفارقة بين المعلومة والمعرفة…..لاسثئناف مسارات البناءات المتعددة….وفي انتظار كسب رهان المعرفة…سيبقى الوطن تحت رحمة فتات معلومات متناثرة مستقاة من هنا وهناك بدون اساس ومرتكز….وبدل ان نناقش بهدوء كنعمة للمعرفة ..ستبقى نقاشاتنا عبارة عن ضجيج لا يصلح لاي بناء…

مشاركة