الرئيسية آراء وأقلام حان الوقت لمغرب جديد: دعوة إلى إصلاح عميق للقطاعات الاجتماعية

حان الوقت لمغرب جديد: دعوة إلى إصلاح عميق للقطاعات الاجتماعية

images 55
كتبه كتب في 4 أكتوبر، 2025 - 1:28 مساءً

بقلم: عبد السلام اسريفي

لا يمكن النظر إلى خروج جيل “Z” واحتجاجه في الشارع بمعزل عن السياق العام الذي يعيشه المغرب منذ سنوات. فالمطالب المرفوعة، والمتعلقة أساساً بالصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية، ليست طارئة ولا عابرة، بل هي نتاج تراكم اختلالات بنيوية، لم تُعالج بالجدية والعمق المطلوبين.

  1. أزمة الصحة: أولوية لا تحتمل التأجيل

الواقع الميداني يكشف هشاشة المنظومة الصحية، خاصة في “المغرب غير النافع”، حيث يضطر المواطن إلى قطع مسافات طويلة من أجل العلاج، بسبب ضعف التجهيزات أو غياب الأطر الطبية. الأرقام التي كشفها وزير الصحة مؤخراً حول الخصاص في الموارد البشرية تعكس عمق الأزمة.
إن استثمار المغرب في البنيات التحتية لا بد أن يوازيه استثمار مماثل في العنصر البشري والعدالة المجالية، حتى يصبح الحق في الصحة ممارسة فعلية لا مجرد شعار.

  1. التعليم: جوهر التنمية

قطاع التعليم بدوره يعيش حالة من اللااتوازن. فالمقررات مثقلة بالمواد، والموارد البشرية موزعة بشكل غير عادل، ما ينعكس سلباً على مردودية المتعلم وعلى جودة تكوينه. الإشكال لم يعد يقتصر على المناهج، بل على فلسفة التعليم ذاتها، التي ينبغي أن تعيد ترتيب الأولويات: من الكم إلى الكيف، ومن التلقين إلى الإبداع.
إصلاح التعليم يتطلب رؤية استراتيجية جديدة، تُراعي قدرات المتعلم وتضمن تكافؤ الفرص، بما ينسجم مع متطلبات سوق الشغل وضرورة تأهيل الرأسمال البشري.

  1. ضرورة مقاربة شمولية

المغرب حقق نجاحات معتبرة في مجالات عدة، منها تدبير جائحة كوفيد-19 وتجاوز ارتدادات الحرب في أوكرانيا، وهو ما يثبت قدرته على مواجهة الأزمات. لكن التحدي القائم اليوم هو الانتقال من منطق إدارة الأزمات إلى منطق الإصلاح الهيكلي المستدام.
القطاعات الاجتماعية لم تعد تحتمل المعالجة الجزئية أو التدخلات الظرفية. المطلوب هو نهضة حقيقية، شاملة وعادلة، تضع المواطن في صلب السياسات العمومية، وتوازن بين إنجازات البنية التحتية وجودة الخدمات الأساسية.

خاتمة

لقد حان الوقت لصياغة “عقد اجتماعي جديد” يربط المواطن بالدولة على أساس الحقوق والواجبات، ويمنح الشرعية الحقيقية للمؤسسات من خلال الاستجابة لحاجيات المواطنين الأساسية. دون ذلك، سنظل ندور في حلقة من الإصلاحات المجتزأة التي تعطي انطباعاً بالتقدم، بينما الواقع يعكس تراجعاً بخطوتين إلى الوراء مع كل خطوة إلى الأمام.

مشاركة