جرسيف..سبع سنوات من الإخفاقات والإنتقادات والاحتجاجات

نشر في: آخر تحديث:

وليد بهضاض _ صوت العدالة

بعد سبع سنوات من توليه المسؤولية على رأس إقليم جرسيف خانقا لنفس المدينة، وجدت السلطات المحلية والإقليمية الجديدة نفسها في مواجهة مشاكل عديدة ، مواطنون وسياسيون واعلاميون ونشطاء سبق وعبروا عن استيائهم الكبير من طريقة تسيير السيد حسن ابن الماحي لشؤون الإقليم والآثار السلبية المترتبة عنها، والتي أنتجت إبداعا في الاحتجاج وبشتى الأشكال والألوان الواقعية والافتراضية بلغ إلى حدود توديعه برفع لافتات تطالب بمحاسبته يوم تنصيب عامل الاقليم الجديد، بحضور وزير التجهيز ومسؤول مركزي ورجالات السلطة والقضاء والمنتخبون وعموم المواطنين في مقر عمالة إقليم جرسيف .

فلم يهدأ للمدينة بال طيلة مدة إقامة السيد حسن ابن الماحي عاملا عليها، بدأ من الإحتجاجات الشعبية جراء هدر الأراضي السلالية بعد تفويت مئات الهكتارات منها، حيث اعتبر السلاليون والمهتمون أن القرار العاملي يتعارض مع الإرادة الملكية، التي تؤكد على ضرورة توزيع الأراضي غير المستغلة بشكل يضمن استفادة الساكنة من خلق طبقة فلاحية وسطى للشباب، كما أن استفادة المقربين من عامل الاقليم من عقارات الوطن تحت غطاء الإستثمار زاد من شدة الإحتقان في صفوف ذوي الحقوق والمهتمون بالشأن الإقليمي خصوصا وأن مقرات العديد من الإدارات مكتراة.

لعلها واحدة من أكثر النقاط المثيرة للجدل وإلى حدود الآن، هي الإتهامات التي وُجهت للسيد عامل الإقليم بالتستر على جرائم الفساد في قضايا التعمير، خاصة في ما يتعلق بملفات إعادة إيواء قاطني أحياء غياطة وحمو والزركان وحمرية،وتم توجيه العديد من الإتهامات للجنة المكلفة بعملية الإحصاء بالتلاعب في لوائح المستفيدين واغتناء البعض على حساب ملفاتهم واستفادة الغرباء دون وجه حق،كما أن الساكنة تعتبر الواقعة هضما متعمدا لحقوقها وتسترا على أعوان العمالة ومرؤوسيها ممن تسببوا في العبث بلوائح المحصيين.

فلم تكن وحدة انتاج حليب جرسيف بمنأى عن الاختلالات، ويُرجح الكثيرون أن إفلاسها جاء نتيجة لسوء التسيير الإداري وعرقلة سير المشروع الاستثماري خلال فترة السيد عامل الإقليم وتم توجيه شكايات إدارية وقضائية في هذا الباب، كما كانت هنالك خطوات احتجاجية كثيرة تُظهر حجم الإستياء العارم لدى العديد من المواطنين من طريقة التعامل مع ملفاتهم ومطالبهم.

وأثار التعامل الميَّال للتسلط وقمع الصحافيين والحقوقيين والنقابيين والنشطاء، موجة انتقاد لاذعة، بعد نهجه لسياسة الإقصاء المتعمد والإنتقام الممنهج من الشرفاء والنزهاء والعقلاء، كما تم تسجيل العديد من الحالات المتابعة قضائيا من أجل الراي والتعبير، ومضايقة الأصوات المناهضة للفساد، ما ترتب عنه عقوبات مالية وزجرية منها السالبة للحرية، كما وُجهت له ولمن حوله اتهامات بممارسة الضغط والتأثير على القضاء،ما يطرح تساؤلات عدة حول استقلالية هذا الأخير،وسلامة المساطر والملفات التي يعتبر السيد عامل الإقليم و المقربين منه أطرافا رئيسة فيها.

فخلال حفل تسليم السلط وبحضور السيد نزار البركة بصفته وزيرا للتجهيز وشخصيات قضائية وسياسية و مدنية وعسكرية ووسائل إعلام عمومية وخصوصية، رفع بعض شباب المدينة لافتات تطالب بمحاسبة السيد عامل إقليم جرسيف، في خطوة تُظهر حجم الاستياء والغضب الذي يجتاح دواخل الشباب،فلم يتردد المواطنون في التعبير عن موقفهم بكل وضوح واقعيا ورقميا يوم رحيله وطيلة مدة توليه زمام المسؤولية .

ففي عهد السيد حسن ابن الماحي عاملا على اقليم جرسيف تدهور القطاع الصحي بشكل رهيب، و أصبحت المدينة تعيش انتشارا مقلقا للجريمة والمخدرات، لاسيما المواد الصلبة منها، خاصة الكوكايين، ويُعزى هذا الأمر إلى عدم فعالية الخطط الأمنية وضعف الموارد البشرية إضافة إلى تعاون المفسدين في تعزيز مثل هكذا ظواهر إجرامية مذرة للدخل، تحت ظل التزايد الكبير للمتعاطين ومن مختلف القطاعات والمجالات، كما يُتهم السيد العامل بقربه من بعض المنتخبين وأصحاب المال والنفوذ بتشجيع ثقافة الإفساد في الإقليم.

وحيث أن الإنتقادات اللاذعة لم تقتصر على القضايا الاجتماعية و السياسية والإدارية والاقتصادية والقضائية، بل تعدتها لتشمل الكفاءة والنزاهة والاستقامة ومعاكسة التوجهات والتعليمات الملكية إذ اعتبر الكثيرون أن السيد العامل ضعيف الكفاءة والتكوين ما زاد من تفاقم المشاكل في الإقليم.

ومن شدة هوسه بالإعلام والتقاط الصور لتحسين صورته أمام الرأي العام،قامت عمالة إقليم جرسيف في عهده بإنشاء وتحريك جرائد إلكترونية خارج نطاق قانون الصحافة والنشر، على أمل التحكم في المشهد الإعلامي المحلي والسيطرة عليه، في خرق واضح لمقتضيات الدستور والمذكرات المصلحية الصادرة عن رئاسة النيابة العامة في هذا الباب .

إن الوضع الراهن في إقليم جرسيف مضطرب ويتطلب تظافرا للجهود وإعادة تقييم شامل للأشخاص والشخصيات والسياسات والتوجهات المتبعة، وسط دعوات مستمرة للمسؤولين الجدد قصد تطهير المدينة من المفسدين والسعي خلف تحقيق الازدهار والتنمية والعدالة والأمن،مع الحرص على تفكيك الشبكات الإدارية التي أضرت عمدا طويلا وكثيرا بالوطن والمواطنين.

اقرأ أيضاً: