الرئيسية آراء وأقلام جراح الفلسطينين هل تسعفها المفاوضات والتنديدات وحتى هتاف المسيرات ؟

جراح الفلسطينين هل تسعفها المفاوضات والتنديدات وحتى هتاف المسيرات ؟

IMG 20171210 WA0014.jpg
كتبه كتب في 10 ديسمبر، 2017 - 4:39 مساءً

جراح الفلسطينين هل تسعفها المفاوضات والتنديدات وحتى هتاف المسيرات ؟

صوت العدالة- صباح لحسيني/مكتب الخمبسات

مباشرة بعد إقرار ترامب أن القدس عاصمة لإسرائيل ، انهمرت التحليلات والتفسيرات والتنديدات ، فهناك من انتقد القرار الذي أكثر ما يستهدف هو إضعاف وإذلال الدول العربية الإسلامية لتكون سهلة الالتفاف و التبعية ، وهناك من وجد الفرصة سانحة لتوجيه السهام والطعنات إلى الدول العربية ووصفها بالخيانة .
فهل ما قام به ترامب هو حرب ضد المسلمين ويمس بالخصوص الهوية العربية الإسلامية من أجل استصغارها واحتقارها ؟ وكيف يكون التصدي لهذا القرار الكبير إذا ما علمنا أن العرب منهم من اكتفى بالدعاء على إسرائيل ومنهم من اجتهد بإصدار بلاغات جوفاء أو الهتاف في مسيرات تقشعر لها الأبدان ؟
تصفية البقاء العربي في فلسطين كان ولا يزال من الأهداف الإستراتيجية التي ركزت عليها السياسات الإسرائيلية التي مارست الاقتلاع والقذف بالشعب الفلسطيني خارج وطنه منذ بدايات الاحتلال ، فما كان من الفلسطينيين هو المقاومة لهذه السياسات بكل أنواعها الجسدي والثقافي ، وذلك بالتمسك بالأرض والتاريخ والحضارة الإسلامية ، وبالتصدي لكل السموم الفكرية التي غرسها العدو الإسرائيلي لإدخال الشعب الفلسطيني إلى نفق الشعور بالنقص والذل والتغليط كوصف أي تنظيم فلسطيني بالتنظيم الإرهابي رغم أن العالم يعلم أن الشعب الفلسطيني هو ضحية الإرهاب ويقاوم الإرهاب من أجل حياة آمنة في دولته.
إسرائيل عملت جاهدة منذ البداية وبدهاء على محو حضارة وتراث الشعب الفلسطيني ، وها هي اليوم تحكم قبضتها على القدس ليبقى من حظ فلسطين الجريحة المصائب التي تنهال عليها الواحدة تلو الأخرى على مرأى من الدول العربية التي لم تستطع حتى تجميع قواها للتصدي لكل ما يمس عروبتها ، صحيح أن الأراضي العربية تعرضت لمدى سنين طويلة للأطماع الأجنبية وتصدت لبعض منها ، وصحيح أنها عاشت لحظات التمرد والاستنفار والثورات وعاشت سقوط قادة كما وقع في ليبيا ومصر وتونس …. لكن هذا لا بد أن يكون الوازع من ٱجل توحد كل الشعوب العربية الإسلامية للتصدي بشكل نهائي لكل القوى التي تميل إلى استضعافها واحتلال مقدساتها الإسلامية بدون رادع .
الإقرار بأن القدس عاصمة لإسرائيل شيء لم يتصوره عقل ، فهل هناك قرار أكثر قسوة من قرار ترامب يجب علينا تحمله ؟ الضمير العربي يجب أن يكون حاضرا والنضال من أجل مصلحة العالم العربي الإسلامي برفض قرار ترامب بكل جرأة ووضوح أصبح ضروريا لكن بعيدا عن الأساليب التقليدية التي لا تسعف جراح الفلسطينيين ولا تحرك ساكنا كالبلاغات والتنديدات والمسيرات … كل ذلك حتى تمنع بضم التاء وبذكاء كل السياسات التي من شأنها الاستفراد بالكيانات العربية إما لتدميرها أو لسيطرة عليها .
لا ننكر أنه كان سهلا على إسرائيل تحكيم قبضتها على القدس خصوصا إذا ما علمنا أن الشعب الفلسطيني وجد نفسه وحيدا في مواجهة العدو الصهيوني الذي نزل بكل ثقله إلى تحطيم الكيان الفلسطيني ، معتمدا على الولايات المتحدة الأمريكية التي أتاحت لإسرائيل فرص شرعنة وجودها ، وبالتالي تمكينها من القدس كعاصمة لها مستغلة في ذلك حروب العرب الغير المباشرة فيما بينهم ، والتي ساهمت في اندلاعها بطرقها الخبيثة ، فكيف للعرب أن يقفوا جنبا إلى جنب مع إخوانهم الفلسطينين ، وينتصروا للحفاظ على أمجادهم وهم على هذه الصورة من التمزق والتفكك والتناحر .
الضمير العربي قد يكون موجودا لإسعاف الفلسطينيين ، لكنه مختبئ وراء عدم القدرة على التفاوض والرفض ، وما عليهم سوى القبول بما تفضلت به وتنازلت عنه أمريكا وإسرائيل ليبقى النضال بكل الوسائل هو البديل للشعب الفلسطيني الذي ربما قد يحرج السلطة المحتلة ، أو حتى أرغامها على منحهم لحقوقهم سواء الإنسانية ٱو السياسية ، بينما يبقى للعرب الرفض ويستحسن حتى المقاطعة لأني أجدها البديل لكل الحلول الممكنة ، فالولايات المتحدة الأمريكية قد مارستها سابقا على الاتحاد السوفياتي منذ الحرب العالمية الثانية وكانت السبب في انهياره .
وفي الأخير لا يمكننا القول إلا أن الموقف العربي لا يملك إلا أن يكون رافضا قبول القدس عاصمة لإسرائيل حتى نشوء قوة عربية متحدة تتحرك لمواجهة إسرائيل كي لا تبتلع ما تبقى من الأراضي العربية وتنتهك حقوقها دون أن تخشى مقاومة.

مشاركة