الرئيسية غير مصنف جدران تُهين المرتفقين ورقيّ أمني يُقاوم العبث: مداومة المنطقة الأمنية الثالثة بفاس تحت المجهر

جدران تُهين المرتفقين ورقيّ أمني يُقاوم العبث: مداومة المنطقة الأمنية الثالثة بفاس تحت المجهر

38051852 1926 47aa 83ca 3285c44c4d5e
كتبه كتب في 27 نوفمبر، 2025 - 11:04 مساءً

إيمان الفناسي

اليوم كنت على موعد مع كارثة متسلسلة كانت البداية من اتصال لصديقتي الفرنسية، ذات الأصول المغربية التي هاتفتني لتخبرني بأنها تعرضت لاعتداء على مقربة من مرجان في الطريق المتجه نحو واد فاس طريق مكناس ، اعتداء شبيه بالذي نتعرض له يوميا بسبب رعونة بعض الأشخاص وسوء تربيتهم ، شخص يوقف سيارته وسط الطريق بسبب خلاف حول الأسبقية أو شيء من هذا القبيل فلما احتجت السيدة لأنه عرقل حركة السير شتمها وهددها وشتم الأخضر و اليابس ، كنت أعلم أن صديقتي ستعجز عن التعامل مع الموقف فتوجهت بسرعة إلى حيث كانت تتواجد وحاولت تهدئتها ، على الأقل نحن تأقلمنا مع مثل هذه الأوضاع وصارت الفوضى والعنف جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية لكن صديقتي ترعرعت في بيئة مختلفة تماما ، بعد أن هدأت وامتصصت نسبيا غضبها بنكت بلا معنى أذعنت لطلبها بالتوجه إلى أقرب دائرة أمنية لوضع شكاية في موضوع الاعتداء.

وهناك بدائرة عين قادوس بالمنطقة الأمنية الثالثة
ستستقبلني الكارثة الثانية دائرة أمنية أشبه بمكان خرب
أحسست بحرج شديد أمام صديقتي التي حدثتها كثيرا عن فاس وعراقتها، فاس التي تحتضن أقدم جامعة في التاريخ وأول مستشفى عرفته البشرية في حقل العلاج النفسي
جدران مهترئة طلاؤها متآكل ومكان استقبال لا يليق بالمواطنين ولا الموظفين الذين يشتغلون فيه، كراسي صدئة
ومكتب متهالك كأنه مستورد من غزة في فترات القصف ، كل ما في الدائرة الأمنية لا يشرف المغرب ولا المغاربة باستثناء رقي الضباط ورجال الأمن الذين يشتغلون بها

ربما أدركوا ارتباكنا منذ الوهلة الأولى ، تقدم نحونا شاب في مقتبل العمر يسألنا عن حاجتنا ، وبابتسامة لطفت نسبيا هول الصدمة طلب منا أن ننتظر قليلا ريثما يفرغ من بعض الأشغال المتراكمة لديه مخفر الشرطة كان كخلية نحل الوافدون عليه من بندباب وعين هارون وعين قادوس ولابيطة بالعشرات
جحافل من المشتكين وعدد قليل من رجال الأمن يتوجب عليهم الاستماع لكل الزوار كل حسب قضيته.

تمسكت ضيفتي بذراعي وهمست في أذني بأن علينا أن نغادر سريعا خاصة وأن بعض الوافدين من المشتكين كانت تلوح على وجوههم أمارات العدوانية والشر كان علينا أن ننتظر أن يفرغ الضابط من الاستماع إلى الأشخاص الذين سبقونا ، صدقوني فالأمر لم يكن سهلا كما كنت أظن برودة الجو أضفت على الزمن الذي قضيناه هناك مزيدا من القسوة فلا مكيف ولا هم يحزنون المخفر أشبه بثلاجة باردة في أيام نوفمبر ، ويبدو أنه كان فرنا في أيام الصيف لعل حسن تعامل رجال الأمن خفف علي وعلى صديقتي من وقع الصدمة التي عشناها ونحن نرى عن كثب ظروف اشتغال رجال الأمن بالمغرب ولعلني لوهلة أيقنت أن شكايتي ستكون ضربا من ضروب الترف
فما الذي يعنيه خلاف أو تهجم لفظي في الطريق أمام القضايا التي وقفت عليها في دائرة عين قادوس لكني صراحة ومن كل قلبي أتمنى أن يلتفت المسؤولون عن صفقات الترميم والبناء بمديرية الأمن إلى هذا المخفر لأنه لا يحتاج فقط إلى ترميم بل إلى أن يعاد بناؤه من جديد،صديقتي الفرنسية التي تحب المغرب كثيرا والمنبهرة بمآثر فاس ستخبرني ونحن نغادر المخفر أنه لولا رقي رجال الأمن في تعاملهم معنا لظنت أنها في بلد آخر.

مشاركة