الرئيسية أحداث المجتمع تقرير ميداني من تيفلت: عمال ” الموقف” بين قسوة الحقول وغياب الحماية الاجتماعية

تقرير ميداني من تيفلت: عمال ” الموقف” بين قسوة الحقول وغياب الحماية الاجتماعية

fle7a
كتبه كتب في 28 سبتمبر، 2025 - 8:43 صباحًا

صوت العدالة- عبد السلام اسريفي

مع أولى خيوط الصباح، وقبل أن تشرق الشمس تماماً، تبدأ ساحة قريبة من زنقة المهندس بمدينة تيفلت في الامتلاء بعشرات الرجال والنساء. يقفون جماعات متفرقة، يحمل بعضهم قففاً بلاستيكية، وآخرون زجاجات ماء، وآلات فلاحية،في انتظار سيارات أو شاحنات صغيرة ستقلهم إلى الحقول المجاورة. يسمونهم هنا “عمال الموقف”؛ عمال عرضيون يعيشون يومهم بيومهم، بلا عقود عمل ولا حماية اجتماعية.

1000342365

رحلة محفوفة بالمخاطر
تصل شاحنة قديمة، يلوح صاحبها بيده، فيتسابق العمال إلى الصعود. في دقائق قليلة، تكتظ العربة بعشرات الأجساد المتعبة، متراصة دون أي شروط للسلامة. أحد العمال الخمسينيين قال لنا: “نحن نعرف أن الأمر خطير، لكن ماذا نفعل؟ إذا بقينا في البيت فلن نجد ما نطعم به أبناءنا.”

عمل مرهق وأجر هزيل
بمجرد الوصول إلى الضيعة، يبدأ يوم طويل من العمل تحت أشعة الشمس. جمع الخضر، قطف الفواكه، تنظيف الأرض… ساعات مرهقة لا تقل عن عشر ساعات يومياً، مقابل أجر يتراوح بين 60 و80 درهماً. سيدة أربعينية شاركتنا بمرارة: “نشتغل من الصباح حتى المغيب، ولا نستفيد من أي تأمين صحي أو تعويض عن المرض. إذا مرضتُ أو أصبتُ، فأنا من أتحمل المصاريف.”

غياب الحماية والحقوق
المشهد يتكرر يومياً في مدن وقرى عديدة بالمغرب. مئات، بل آلاف العمال والعاملات يعيشون خارج القانون، بلا ضمان اجتماعي ولا تقاعد، محرومين من أبسط حقوقهم. وضعية جعلت العديد من الفاعلين الحقوقيين والنقابيين يدقون ناقوس الخطر، مطالبين بضرورة إدماج هذه الفئة ضمن المنظومة القانونية للقطاع الفلاحي.

أسئلة معلقة
أمام هذا الواقع، تطرح الساكنة والمهتمون سؤالاً ملحاً: متى يتم تقنين عمل هذه الفئة وتمكينها من حقوقها الاجتماعية؟ ومن المستفيد من استمرار هذا الوضع غير اللائق؟

ويبقى الأكيد أن عمال “الموقف” هم العمود الفقري للقطاع الفلاحي، لكنهم ما زالوا الحلقة الأضعف، في انتظار تدخل فعلي من وزارتي التشغيل والفلاحة لإنصافهم وضمان كرامتهم.

مشاركة