انس خالد | صوت العدالة
في تطور مثير للقلق في قضية بناء إحدى العمارات في مدينة السعيدية، كشف تقرير تسعة خبراء عن وجود غش في عملية البناء، ما يجعل العمارة مهددة بالانهيار في أي لحظة. ورغم تعدد التقارير التي تثبت هذه المخالفات، لم يتم اتخاذ الإجراءات الكافية لحماية سكان العمارة أو لمعاقبة المسؤولين عن الغش في البناء.
تتعلق القضية بمشروع بناء جديد تعرض لشبهات غش في المواد المستخدمة وأعمال البناء. صاحب البناية، الذي اكتشف هذه المخالفات بعد البدء في المشروع، لجأ إلى الجهات القضائية لتقديم شكوى حول خطورة الوضع. تم تكليف الخبراء بإجراء تقييم شامل للبناء لتحديد مدى التزامه بالمعايير القانونية.
تقرير الخبرة القضائية الأولي أثار العديد من التساؤلات بعد أن تضمن تناقضات واضحة. لم يكن هذا التقرير الوحيد، حيث قام صاحب البناية بإحضار تسعة خبراء آخرين بشكل مستقل، وجميعهم أكدوا أن البناية غير صالحة للسكن وأنها قد تنهار في أي وقت بسبب الغش في المواد المستخدمة وسوء التنفيذ.
الخبراء أثبتوا وجود مجموعة من العيوب الخطيرة التي تهدد سلامة البناء، منها:
استخدام مواد بناء ذات جودة متدنية: حيث لم تطابق المعايير المطلوبة للبنية التحتية.
أخطاء إنشائية: في الأساسات والهيكل الخارجي، مما يزيد من احتمالية انهيار المبنى.
عدم الالتزام بالتصميم الهندسي: حيث تبين أن بعض أجزاء البناء تم تعديلها بشكل غير قانوني، ما أثر سلباً على السلامة الإنشائية.
رغم تعدد التقارير الفنية التي تثبت وجود غش في البناء، لم يتم اتخاذ أي إجراء فوري لتفادي الكارثة المحتملة. هذا يثير تساؤلات حول دور القضاء في حماية حقوق الأفراد وسلامتهم، بالإضافة إلى دور الجهات المختصة في متابعة مثل هذه الحالات وضمان عدم تكرارها.
القضية أثارت استياء واسعاً بين سكان المنطقة والمجتمع المدني، حيث دعت عدة جهات إلى ضرورة التعامل بجدية مع هذه التقارير وتوقيف العمل في المبنى حتى يتم التحقق من سلامته بالكامل. كما أن هناك مطالب بإعادة النظر في المعايير المعتمدة في الخبرة القضائية لضمان مزيد من الشفافية والمصداقية.
وفقًا لما تنص عليه المادة 6 من القانون، فإن رئيس مجلس الجماعة يتحمل المسؤولية الأساسية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمباني التي تشكل خطراً على السلامة العامة، سواء على شاغليها أو على المارة أو على المباني المجاورة. تنص هذه المادة على أن قرار تدعيم أو هدم المبنى يتم بعد تحقق السلطات المختصة من خطورة الوضع، بناءً على خبرة تقنية أو تقرير من اللجنة الإقليمية.
ورغم وجود هذه الآليات القانونية التي تسمح باتخاذ إجراءات عاجلة في حالات الخطر المماثلة، لا يزال هناك تساؤل حول مدى تفعيلها في هذه القضية بالتحديد. فهل سيتحرك رئيس الجماعة بسرعة استناداً إلى تقارير الخبراء؟ أم أن المصالح المعنية ستستمر في تجاهل الخطر الذي يهدد السكان والمارة؟
تفتح هذه القضية باب التساؤلات حول كيفية تعامل السلطات القضائية مع قضايا الغش في البناء، ومدى استعدادها لحماية حقوق المواطنين وضمان سلامتهم. يجب أن تكون هناك رقابة صارمة على مثل هذه المشاريع لضمان الالتزام الكامل بالمعايير القانونية والفنية، وتفادي أي كوارث مستقبلية قد تنجم عن الغش في البناء.