تطوان : عرض 12 كبسولة توعوية في دورته السادسة لملتقى الأجيال لسنة 2024 ، تمحورت حول موضوع القيم: احتفاء بالقيم والإبداع بمدينة تطوان.

نشر في: آخر تحديث:

صوت العدالة :عبدالقادر خولاني.

كانت سينما اسبانيول بمدينة تطوان مؤخرا ، مسرحا ثقافي بامتياز لفعاليات الدورة السادسة من ملتقى أجيال للكبسولة التوعوية لسنة 2024 ،بحضور الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الدكتور أحمد عبادي، الذي نظم في إطار اختتام برنامج التكوين، الذي أشرف عليه المخرج والباحث السينمائي الدكتور محمد سعيد الدردابي، وتنسيق الدكتورة حفصة البقالي، والمنظم من طرف مركز أجيال للتكوين والوقاية الاجتماعية بتطوان، التابع للرابطة المحمدية للعلماء الذي ترأسه الدكتورة دينا القادري.

و قد شهدت هذه الدورة عرض 12 كبسولة توعوية، تمحورت جميعها حول موضوع القيم، والتنافس على ثلاث جوائز رئيسية. و جاءت النتائج كالتالي:
جائزة العمل المتكامل كانت من نصيب فيلم” أمل” للمخرجة هناء العلمي، و جائزة لجنة التحكيم فاز بها فيلم “رؤية ضبابية” للمخرج ضياء الدين المسعودي ثم جائزة الجمهور فاز بها فيلم” أيادي رحيمة” للمخرج أسعد المساوي .

و قد تألّفت لجنة التحكيم من شخصيات بارزة في المجال الفني و التربوي و الفكري بالمغرب، وضمت كلاً من: الباحث والمفكر السينمائي الدكتور حميد العيدوني، الصيدلانية والفاعلة الجمعوية الدكتورة جميلة زيان، والفنان التشكيلي الأستاذ بوعبيد بزويد.
وقد عرفت هذه الدورة نجاحا باهرا وحضورا متميزا ضم أساتذة وطلاب شريحة من المجتمع المدني وكبار العلماء، وتخلل البرنامج عرض مسرحي قصير قدمه الطلاب، تناول موضوع “الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالقيم”، مما أضفى بُعدًا ثقافيًا إضافيًا على الفعالية.
كما أتيح للحاضرين فرصة الاطلاع على أحدث كتاب أصدره مركز أجيال بتطوان، والذي يضم صورًا فوتوغرافية من إنتاج شباب مكفوفون في إطار ورشة أشرف عليها المركز في مبادرة تهدف إلى تعزيز قيم الإدماج والتنوع.

كما شكل هذا الملتقى فرصة للشباب لإظهار مواهبهم و إبداعاتهم ، و كان للشاب ضياء الدين المسعودي، الفنان الفتوغرافي والمُخرج على الطريق الخطوة الأولى على درب السينما، بتتويجه في المرتبة الأولى ضمن فعاليات الأفلام القصيرة لملتقى أجيال الذي يشرف عليه مركز أجيال بتطوان ، بحضور وجوه ثقافية محلية و وطنية،حيث حصد فيلمه “رؤية ضبابية ” جائزة لجنة التحكيم الأولى عن جدارة و استحقاق ، الذي يحمل إرهاصات ميلاد مخرج شاب وممثل واعد، هو المُخرج فيه والمصوّر وصاحب دور البطولة ، وقد استطاع ضياء المسعودي في المدة القصيرة التي استغرقها هذا الفيلم أن يُدخل الجمهور في صمت تام وحيرة و ترقب ، ذهب بهم بعيدا في انكسار الزمان وتداخل الأسطورة والثقافة الإنسانية، بفعل تمحور الفيلم حول التحدي والإصرار على كسر وَهم الفشل عند شاب، و هو مصور فتوغرافي مهووس بالصورة ومُصر على تخطي كل الإكراهات و البدء في السعي إلى ترويض الكاميرا وكنس الضباب عن الصورة الأولى ، وفي قلب المعاناة تخترق المشهد شخوص الشاعر الألماني غوته من خلال مسرحية “فاوست والشيطان” مثقلة بإصرار مماثل لحل معادلة مستحيلة ، لكن لا مستحيل حينما تكون العزيمة بنفس قوة الأسطورة .
و كان التشكيل الفتوغرافي للشاب ضياء المسعودي بداية القصة،كما أسس لمسيرته الإبداعية في الموسم الثاني لبرنامج “دريم أرتيست “2023 الذي أطرته قناة دوزيم، حيث وصل الأطوار النهائية للمسابقة عبر أعمال تشكيلية تمزج بين الصورة الفوتغرافية ولمسات التشكيل الفني إلى جانب مشاهد تمثيلية قوية.
و حمل مَعرض ضياء في مسابقة “دريم أرتيست ” لوحات تستثير ذائقة المتلقي بكثير من الإدهاش والانفتاح على ما وراء المباشر، بشكل يجعل المشاهد يتساءل في قلب هذا الإبداع: من أين تأخذ اللوحة دهشتها؟
هذا التساؤل جاء بفعل ان ضياء اختار بأن يجمع بشكل باهر بين الصورة الفوتغرافية والتشكيل الفني ،و هو رهان صعب بلا شك…
فمعلوم أن التصوير الفني فرض نفسه اليوم بشكل لافت بعد أن كان الرسم متصدرا للفن التشكيلي لقرون، واليوم مع ثورة الصورة صار كل شيء في واقع من التفكيك وإعادة التشكيل ، وفي ذلك يتداخل ذوق فني جديد مع ثورة تكنولوجية تغير كل شيء استجابة لموجة الحضارة الثالثة كما عبّر منذ وقت مبكر المفكر الإنجليزي ألفين توفلير
واذا كان الرسم قد جعل الصباغة طريقا لاستنطاق الألوان، وبلغت في ذلك العبقرية الإنسانية سقوفا عالية مع مختلف مدارس الفن التشكيلي الكلاسيكي والمعاصر، هذا بعد أن ظل الفوتوغراف لسنوات حبيس دائرته الضيقة، ولم يتجرأ على مزاحمة تشكيل اللوحة ، كما لو أنه قد سلم منذ البداية بأن دوره هو نقل الصورة لا بناؤها أو ربطها بأبعاد تتجاوز النقل.
فالمصوّر بتصويبه العدسة والضغط على زر الكاميرا يقدم للمتلقي ــ الزبون محاكاة طبق الأصل لمشهد الواقع، لهذا ظل الفوتوغراف حبيس التداول الوظيفي منذ أن طبع (نيسيفور نيبس) أول صورة فتوغرافية باستخدام التصوير الشمسي 1827وانحصرت مهمته في درجة الدقة والأمانة، وهو ينقل الواقع من الواقع إلى الأوراق، ويقتطع لحظة في الزمان والمكان لتكون شاهدة في ألبوم الحياة بامتداداتها المتشعبة.
و كانت صورة تفاحة آدم التي أبهرت المشاهد هي إحدى إبداعات ضياء المسعودي التي طرحت العديد من التساؤلات..

وقد اختتم الدكتور أحمد عبادي فعاليات الملتقى بكلمة توجيهية، عبّر من خلالها عن اعتزازه بالجهود التي ساهمت في إنجاح هذا الحدث المتميز.
وأشار إلى أن الملتقى ليس مجرد احتفال عادي، بل هو مناسبة ذات طابع وظيفي تحمل أثرًا إيجابيًا على الأفراد والمجتمع.
وأشاد الدكتور أحمد عبادي بمستوى الإبداع والالتزام الذي أبداه المشاركون، مؤكدًا أن مجرد المشاركة تمثل خطوة أولى على درب الإبداع والنجاح. كما سلط الضوء على أهمية الصحة النفسية، واعتبرها ركيزة أساسية لتحقيق الطمأنينة والاتزان. وفي هذا الإطار، أعلن عن اختيار الصحة النفسية موضوعًا رئيسيًا للتنافس في دورة الملتقى القادمة.

اقرأ أيضاً: