الرئيسية آراء وأقلام *تجربة الاستاذ العياسي.. مواقف ثابتة.. وإسهام في نقل المنظومة من مرحلة إثبات الذات إلى الريادة..*

*تجربة الاستاذ العياسي.. مواقف ثابتة.. وإسهام في نقل المنظومة من مرحلة إثبات الذات إلى الريادة..*

IMG 20181020 WA0213.jpg
كتبه كتب في 28 أكتوبر، 2018 - 11:07 مساءً

صوت العدالة

كثيرة هي تجارب النجاح،عظيمة هي المواقف التي تصنع الرجال في مجتمع لم يعد يقبل الغثاء، فبناء المجتمع لا يتأتى حقيقة إلا بسواعد من طينة خاصة، يفرضون مواقفهم وأفكارهم بحرص شديد على التأثير بشكل إيجابي على الوسط والمحيط.. إنها تجربة الانسان قبل أن يكون رجل العدالة بامتياز، إنه القاضي والاستاذ عبد الحق العياسي.

حياة هذا الرجل جمعت بين الكفاح والتحدي، كفاح مع الذات ولأجل الذوات، وتحدي عوائق الحاضر والمستقبل بآليات الحاضر، حياة الاستاذ والقاضي عبد الحق العياسي كانت رمزا لتداخل الاجيال مع بعضها، فقد حمل الافكار في لحظة كما هي.. ليتم بلورتها في تجارب إستثنائية خاصة، فجعل منها نهجا يميزه عن غيره ممن سبقهم أو سبقوه الى الميدان.

خلال حياته تقلد الاستاذ العياسي مناصب، وتغلب على إكراهات ومتاعب، بل و ترك بصمته جلية واضحة للعيان تحكي ولو بعد حين أجمل الخصال والمناقب..فقد كان في بدايات توليه المسؤولية إنسانا حازما، أنيق المواقف، يحسم في القضايا بما لا يدع للشك أملا.. بدأ حياته كقاض بالمحكمة الابتدائية بابن مسيك.. مؤكدا جذارته أكثر من غيره في تبني افكار الاجرأة والتفعيل.. رافضا لكل ما من شأنه أن يماطل الأحكام في القضايا.. فكان العون والسند لتحقيق العدل و تحري الصواب خلال توليه المنصب.

حرص الرجل على تحقيق العدالة، فقاده القدر الى ترأس غرفة بمحكمة الاستئناف بالبيضاء سنة 1987، والتي خاض من خلالها تجربة مميزة أبانت عن حنكة الرجل وقدرته على فصل الخطاب في القضايا المعقدة..و المطروحة على أنظار هيئة القضاء. والاكيد أن لا احد يختلف على أن الفترة التي قضاها الاستاذ العياسي على رئاسة الغرفة كانت من أرقى الفترات التي سمحت باكتساب وتسريع وثيرة العمل القضائي وقطع الطريق أمام إكراهات سالفة.

تسلقه لمراتب المسؤولية لم ينتهي، فخلال سنة 1991 عين قاضيا للتحقيق بمحكمة الاستئناف بالبيضاء معززا مكانته داخل مصاف الريادة القضائية بالمغرب.. وأكد حضوره أكثر كرئيس للغرفة الإجتماعية بنفس المحكمة
سنة 2002، ليليها قاضيا للتحقيق بالمحكمة ذاتها في عام 2006. والتي باشر خلالها عمله الجاد المثابر بحكمة رجل العدالة الذي لا تفوته دقائق الامور وأبسطها.

وفي سنة 2008 عين الاستاذ العياسي رئيسا لغرفة بالمجلس الأعلى، فكانت تجربة فريدة من نوعها جمعت بين التكليف والتشريف، فهو الايقونة الخبير في مجال القضاء .. الذي صبر أغوار المجال فهم خطاب ردهاته، ليترقى بعد سنتين فقط من تعيينه في المنصب في أبريل 2010 وكيلا عاما للملك بمحكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء خلفا لمصطفى فارس الذي تولى مهمة رئاسة المجلس الأعلى.

لنعرج الى التنويه الكبير الذي حظيت به قيادته للودادية الحسنية للقضاة، خاصة وأن حجم الانتظارات تعكس قوة شخصية الرجل، و إسهاماته في الدفع بها نحو الامام لمواصلة الانجازات الكبرى التي دأبت الودادية على الظفر بها وتحقيقها خلال الفترات السابقة و الحالية.. مكرسا انها كانت الى عهد قريب رمزا للاشعاع والرقي والتعالي على سفاسف الامور، فأبرز مكانتها داخل المنظومة القضائية بقوة بريقها وبصمتها داخليا وخارجيا.

من جهة أخرى، لا تفوت الإشارة الى الدور الريادي الذي لعبه الأستاذ عبد الحق العياسي داخل الودادية الحسنية للقضاة في تمكين رجال ونساء العدالة من اثبات الذات وترسيخ قيم من شأنها أن ترفع مكانتهم أكثر داخل المنظومة القضائية، وتعزيز حضورهم في الفضاء المجتمعي من خلال تحصين المكاسب ضمن برامج تهدف الى تمكينهم من حقوق عدة كالسكن بمدن شتى.

ولإعطاء كل ذي حق حقه،فقد كانت حقبة تولي الرئيس السابق مصطفى فارس للودادية متميزة بشكل كبير، اذ طبعت بتنظيم المؤتمر الافريقي للقضاة الذي عرف نجاحا كبيرا وخرج بخلاصات أثرت بعدها في المنظومة القضائية..كما كان للمؤتمر الدولي للقضاة وقع هام في رسم معالم كانت الى عهد قريب غير واضحة وجلية بما يكفي، دون إغفال تنظيم الندوة الوطنية حول إصلاح القضاة ومدونة القيم.. لتبقى التجربة الأبرز هي نجاح المؤتمر السنوي للإتحاد الدولي للقضاة الذي عرف تنويها من منظمات وهيئات دولية عدة و إشادات المستوى التنظيمي الإحترافي الكبير للمغرب والذي لعب فيه الأستاذ عبد الحق العياسي و أعضاء اللجنة المنظمة دورا كبيرا سيحسب الرجل في مساره المهني رفقة شخصيات قضائية محترمة كرست نفسها لخدمة العدالة الإنسانية.

مشاركة