بقلم: عبد السلام اسريفي
مرة أخرى، خرج الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بخطاب شعبوي أمام قادة الجيش، أعاد فيه اجترار سردية قديمة تجاوزها الزمن، حين وصف قضية الصحراء المغربية بأنها “قضية تصفية استعمار”، في تجاهل تام للواقع السياسي الدولي ولمستجدات الملف كما يقرها مجلس الأمن.
خطاب تبون الأخير يؤكد أن النظام الجزائري ما زال سجين مواقفه الجامدة، وأنه يرفض التفاعل مع المتغيرات التي فرضها المنطق الأممي القائم على الحل السياسي الواقعي والمتوافق عليه، وهو الحل الذي تترجمه مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب منذ سنة 2007 وحظيت بدعم واسع من المنتظم الدولي.
لقد كشف تبون، دون أن يدري، أن الجزائر لم تغادر بعد مربع الدعاية القديمة، وأنها ما تزال تحاول تضليل الرأي العام الداخلي عبر توظيف قضية الصحراء كأداة لتصريف أزماتها الداخلية، مستعملة في ذلك إعلاماً فقد مصداقيته، وسياسيين يكررون الخطاب ذاته دون وعي ولا قدرة على مجاراة الحقائق الميدانية.
فبينما يعيش المواطن الجزائري يوميات مثقلة بالأزمات الاجتماعية والاقتصادية، من ندرة المواد الأساسية وغلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية، يواصل النظام الحاكم إلهاء الشعب بشعارات وهمية حول “قضية مبدأ وكرامة”، في الوقت الذي يعلم الجميع أن المغرب ماضٍ بثبات في تنمية أقاليمه الجنوبية، عبر مشاريع كبرى واستثمارات أجنبية متزايدة، جعلت الصحراء نموذجاً تنموياً يحتذى به.
ويرى مراقبون أن الرئيس تبون لا يملك حرية القرار في ما يتعلق بملف الصحراء، إذ إن خطابه المتكرر حول المغرب لا يعدو أن يكون تنفيذاً لتوصيات صادرة عن قيادة الجيش، التي تتحكم فعلياً في القرار السياسي الجزائري. وبذلك، يظل تبون رئيساً بصلاحيات شكلية، يردد ما يُملى عليه حفاظاً على موقعه الرمزي لا أكثر.
لقد أصبح من الواضح أن الجزائر، وهي تكرر سردياتها المتجاوزة، تقف خارج منطق الأمم المتحدة وخارج روح العصر، فيما يواصل المغرب كسب الرهانات على الأرض، بحكمة ورؤية استراتيجية تقطع مع الخطاب العدمي وتُكرّس منطق الفعل والتنمية.

