الرئيسية آراء وأقلام تبون.. حين يختزل الإحباط ملامح نظام فقدَ بوصلته

تبون.. حين يختزل الإحباط ملامح نظام فقدَ بوصلته

FB IMG 1762071635692
كتبه كتب في 2 نوفمبر، 2025 - 9:32 صباحًا

بقلم: عبد السلام اسريفي

في يوم عيد الثورة الجزائرية، اليوم الذي يفترض أن يكون رمزاً للعزة والكرامة الوطنية، بدا الرئيس عبد المجيد تبون تائهاً، مثقلاً بالخذلان والإحباط. فملامحه في تلك المناسبة لم تكن تخطئها العين: نظرات شاردة، وجه متعب، ابتسامة باهتة، وكأن الرجل يعلن بصمت أن الجزائر الرسمية تلقت ضربة موجعة في ملفٍ اعتبرته تاريخياً “قضية حياة أو موت”.

لقد شكّلت قضية الصحراء المغربية لعقودٍ طويلة طوق نجاة للنظام العسكري الجزائري، ووسيلة ناجعة لتصريف الأزمات الداخلية، عبر خلق عدو خارجي دائم اسمه “المغرب”. كانت الورقة التي تُلوَّح بها كلما تصاعد الغضب الشعبي، والدرع الأيديولوجي الذي يختبئ خلفه كل فشل اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي.

لكن الرياح هذه المرة جاءت بما لا تشتهيه المؤسسة العسكرية، فقرار مجلس الأمن الأخير الذي ثبّت المقترح المغربي للحكم الذاتي كأساس وحيد للحل، أسقط كثيراً من الأقنعة، وفضح حدود الخطاب الرسمي الجزائري الذي ظل يروج لوهمٍ لم يعد يصدّقه أحد.

من هنا يمكن فهم تعبيرات تبون المأزومة في احتفالات عيد الثورة. فهي لم تكن مجرد انفعالٍ عابر أمام الكاميرات، بل انعكاسٌ لحالة نظامٍ فقدَ البوصلة، بعدما تهاوت كل أدواته القديمة في التلاعب بالرأي العام. فـ”المسكنات الإعلامية” لم تعد تنفع، و”الأسطوانة الوطنية” عن الجيش وحماية الوطن باتت بلا صدى في الشارع الجزائري الذي يرزح تحت أزمات خانقة.

إن الجزائر اليوم أمام لحظة مفصلية: إما أن تواجه واقعها بشجاعة وتعيد ترتيب أولوياتها بعيداً عن عقدة العداء للمغرب، وإما أن تستمر في الدوران داخل الحلقة المفرغة ذاتها، حيث يُستعمل التاريخ لتبرير الجمود، والوطنية لتغطية العجز.

لقد قال وجه تبون ما لم يقله لسانه: “خسرنا الصحراء… خسرنا الوهم”. ومعها خسر النظام العسكري آخر ورقة كان يلوّح بها لإسكات شعبٍ بدأ يستعيد وعيه.

مشاركة