الرئيسية حوادث بوعلام صنصال… حين تتحوّل الكلمة إلى تهمة في جزائر القبضة الأمنية

بوعلام صنصال… حين تتحوّل الكلمة إلى تهمة في جزائر القبضة الأمنية

70865502 804 750x750 1
كتبه كتب في 24 يونيو، 2025 - 1:23 مساءً

تشكل محاكمة الكاتب بوعلام صنصال محطة بارزة في المشهد السياسي الجزائري، ليس فقط لكونها تطال شخصية أدبية بارزة تجاوزت الثمانين من عمرها، بل لأنها تكشف بوضوح عن طبيعة العلاقة المتوترة بين حرية التعبير والسلطة في الجزائر، خاصة في ظل الحكم العسكري المقنع.

منذ توقيفه في نونبر 2024، إثر تصريحات أدلى بها لصحيفة “فرونتير” الفرنسية، حول ما اعتبره “اقتطاعًا فرنسيًا لأراضٍ مغربية وضمّها للجزائر إبان الاستعمار”، وجدت السلطات الجزائرية في تلك التصريحات “مساسًا بالوحدة الترابية” و”إهانة لهيئات نظامية”، لتسارع إلى توجيه اتهامات قاسية تصل عقوباتها إلى عشر سنوات سجناً.

هذا التعامل يعكس بجلاء حساسية النظام الجزائري تجاه كل ما يمس “السردية الرسمية” حول الحدود والتاريخ، وهي مواضيع يعتبرها النظام جزءاً من شرعيته السياسية. فبدل الرد بالحجج، يتم اللجوء إلى الترسانة القضائية لإسكات الأصوات المعارضة، ولو كانت في شكل رأي أدبي أو تحليل سياسي.

محاكمة صنصال تأتي في سياق تصاعد غير مسبوق في التوتر بين الجزائر وباريس، بعد سلسلة من الخلافات السياسية منذ صيف 2024، عمّقتها هذه القضية، خاصة مع مطالبة فرنسا بـ”مبادرة إنسانية” تُراعي سنّ الكاتب ووضعه الصحي، وهو ما تعتبره الجزائر “تدخلًا غير مقبولاً”.

إن استمرار احتجاز صنصال، في ظل انعدام بوادر العفو أو التسوية، يكرّس صورة الجزائر كدولة تُحاكم الكلمة وتُضيّق على حرية الرأي، كما يكشف هشاشة العلاقة بين السلطة والنخبة المثقفة، التي تجد نفسها اليوم أمام خيارين: الصمت أو المقصلة القضائية.

يبقى السؤال مفتوحًا: هل تمثل هذه المحاكمة نهاية لصوت معارض آخر، أم بداية موجة تضامن قد تُعيد طرح سؤال حرية التعبير في بلد لا يزال يحكمه منطق الخوف؟

مشاركة