الرئيسية أخبار عالمية بوعلام صنصال.. بين سلطة القلم وسطوة القضاء

بوعلام صنصال.. بين سلطة القلم وسطوة القضاء

70865502 403
كتبه كتب في 24 يونيو، 2025 - 4:43 مساءً

في مشهد يعيد إلى الواجهة مسألة الحريات في الجزائر، طالبت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالجزائر العاصمة، يوم الإثنين 24 يونيو، بتشديد العقوبة الصادرة بحق الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، إلى عشر سنوات سجنًا نافذًا وغرامة مالية قدرها مليون دينار، بعد أن أدين ابتدائيًا بخمس سنوات سجناً بتهمة “المساس بالوحدة الوطنية”.

التصريحات التي أثارت حفيظة السلطات جاءت خلال مقابلة صحفية مع موقع فرنسي محسوب على اليمين المتطرف، قال فيها صنصال إن “الجزائر استفادت من اقتطاع أراضٍ مغربية إبان الاستعمار”، وهو تصريح اعتُبر بمثابة تجاوز لـ”الثوابت الوطنية” وخطًا أحمر لا تسامح معه في الدولة الجزائرية.

ظروف محاكمة مثيرة للقلق

الجلسة التي عقدت هذا الأسبوع لم تكن عادية، فقد حضر صنصال إلى القاعة رغم معاناته من مرض السرطان، وشارك في أطوار المحاكمة دون حضور محامٍ إلى جانبه، في مشهد وصفه متابعون بـ”الصادم” بالنظر إلى الوضع الصحي الحرج الذي يمر به الرجل، والذي لم يُراع في سير الجلسات القضائية.

مصادر حقوقية عبّرت عن قلق بالغ إزاء ما وصفته بـ”القيود التعسفية” المفروضة على المحامين الراغبين في تولي الدفاع عن صنصال، وهو ما يضرب، بحسب هذه المصادر، في صميم حقوق المتقاضين وضمانات المحاكمة العادلة، بل ويكشف – بحسب وصفها – عن رغبة ضمنية في “كتم الصوت المخالف تحت غطاء القانون”.

محاكمة فكر أم خطاب؟

قضية صنصال تتجاوز الشخص نفسه، لتطرح سؤالًا جوهريًا حول حدود التعبير في الجزائر، خصوصًا حين يتعلق الأمر بمثقفين ذوي خلفية نقدية أو مواقف معارضة. فالرجل، المعروف بمواقفه الحادة وانتقاداته للنظام، طالما كان صوتًا غير منسجم مع السردية الرسمية، ما جعله عرضة، كما يرى مراقبون، لما يمكن تسميته بـ”الانتقام السياسي تحت غطاء قضائي”.

ويبدو أن جلسة 1 يوليوز، التي يرتقب أن تُصدر خلالها المحكمة حكمها النهائي، ستكون لحظة فاصلة: فإما أن تؤكد السلطة القضائية استقلاليتها وتستند إلى مبادئ المحاكمة العادلة، أو تكرّس مرة أخرى واقعًا مقلقًا من تضييق على الحريات والتعبير.

خاتمة: دولة أمام اختبار

يبقى أن قضية صنصال ليست مجرد قضية جنائية، بل اختبار حقيقي لموقف الدولة الجزائرية من حرية الرأي والفكر، خاصة حين يتعلق الأمر بمثقف جاوز الثمانين من عمره، يتحدث من موقع معرفي وأدبي لا منبر تحريضي. فهل سيغلب منطق الدولة العاقلة على منطق الدولة العقابية؟

مشاركة