بلاغ صادر عن اجتماع المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان

تدارس المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان خلال لقائه الدوري، يومي السبت والأحد 05 و 06 أكتوبر 2024، مجموعة من القضايا الحقوقية التي تهم الشأن الوطني والدولي، إلى جانب مناقشته النقط ذات الصلة بالشؤون التنظيمية والداخلية للمركز.
وعليه، يعلن المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان للرأي العام الوطني ما يلي :
أولا : القضايا الوطنية :
1- إضراب طلبة كليات الطب والصيدلة : يعرب عن أسفه الشديد إزاء فشل وزير التعليم العالي في حل أزمة طلبة الطب والصيدلة، بسبب غياب المقاربة التشاركية في معالجة المشاكل التي يتخبط فيها الطلبة وما يترتب عنها من تحديات تهدد مستقبلهم المهني، بل ودفعه إلى تفاقم الأزمة بين الحكومة وطلبة الطب والصيدلة. ويعبر عن إدانته الشديدة للتعنيف والقمع الذي تعرض له الطلبة خلال اعتصامهم السلمي بالرباط، ويدعو إلى إسقاط جميع المتابعات القضائية الجائرة بحقهم. كما يعبر عن دعمه ومساندته الكاملة للطلبة المضربين، ويدعو الحكومة إلى فتح حوار جدي، صريح ومسؤول مع ممثلي الأساتذة وطلبة الطب، بهدف إيجاد حلول معقولة تفضي إلى طمأنتهم واستئناف الدراسة على أساس اتخاذ تدابير عملية كفيلة بتحسين ظروف التكوين والتأطير.
2 – إضراب كتاب وكاتبات الضبط بمحاكم المملكة : يثير المكتب التنفيذي للم م ح إ الإضرابات المستمرة لكتاب وكاتبات الضبط في مختلف المحاكم، والتي تسببت في شلل تام بغالبية المحاكم بمختلف درجاتها ، علما أن النقابات قد أجرت عدة لقاءات مع وزير العدل، والتي استغرقت سنتين تقريبا، أسفرت عن اتفاق بين الطرفين، إلا أن وزيرة المالية لم تبدي موافقة على مخرجات تلك اللقاءات، ولم تبدي أي اعتراض، مما أدى إلى عدم الاكتراث لمطالب هذه الفئة ذات الدور الحيوي في منظومة العدالة، ويطالب الحكومة المغربية بضرورة الانسجام في سياساتها والعمل على تفعيل مخرجات الاتفاق بين وزير العدل وممثلي كاتبات وكتاب الضبط دون تماطل أو تسويف.
3 – معاناة الساكنة المتضررة من زلزال الحوز : يشير المكتب التنفيذي للم م ح غ إلى المعاناة المستمرة التي يعيشها كثير من المواطنين المتضررين من زلزال الحوز. ويوضح أن عملية التعويضات وإعادة إعمار المناطق المنكوبة قد شابتها اختلالات كبيرة، دون أن تكون هناك محاسبة فعلية للمتورطين في هذه الاختلالات، التي دفعت بالعديد من المواطنين إلى تنظيم مسيرات طويلة مشيا على الأقدام تنديدا بما يعانونه جراء تلك التجاوزات، والتي أبطالها بعض رجال وأعوان السلطة، حيث أن التحقيقات المنجزة لم تُجرَ بشكل كافٍ وفعال لإنصاف المتضررين. كما يعبر عن قلقه البالغ إزاء معاناة التلاميذ في المناطق المتضررة، حيث يجد عدد منهم صعوبة في متابعة دراستهم، مما أدى إلى تفاقم نسبة الهدر المدرسي في المناطق التي تعرضت للزلزال.
4- ضحايا الفيضانات بأقاليم طاطا، تارودانت، ورزازات، زاكورة، تنغير، الراشيدية… : يقدم المكتب التنفيذي تعازيه العميقة لأسر وعائلات ضحايا فاجعة الفيضانات رحمهم الله، ويعبر عن استيائه الشديد إزاء الوضع الذي تعيشه ساكنة المناطق المتضررة من الفيضانات، بسبب الفقر وسياسة التهميش المتعاقبة وهشاشة البنيات التحتية… . ويرى أن تدخلات ممثلي السلطات العمومية لم تكن كافية، مطالبًا بإجراء تحقيقات محايدة حول تقاعس المسؤولين عن اتخاذ الإجراءات الضرورية الاستباقية لمواجهة هذه الكارثة، وعدم إشعار المواطنين بالوقت الكافي لتفادي الخسائر في الأرواح والممتلكات، كما يدعو إلى ضرورة تعزيز البنيات التحتية وتطوير برامج الإنذار المبكر لتجنب تكرار مثل هذه الفواجع، ويطالب بتعويض الساكنة المتضررة فعليا من الفيضانات عن منازلهم المنهارة جزئيا أو كليا، وعن قطعان الماشية وواحات أشجار النخيل التي جرفتها مياه السيول والأودية القوية، إضافة إلى الممتلكات والأمتعة… كما يؤكد على ضرورة التنزيل الحقيقي للتنمية والعدالة المجالية في المناطق المهمشة…
5- تعاني العديد من القرى والمداشر النائية والمنسية من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب و لسقي الماشية، مما يؤثر بشكل كبير على حياتهم ومعيشهم اليومي. هذا النقص دفع العديد من ساكنة بعض القرى إلى تنظيم مسيرات احتجاجية (أقاليم الرحامنة،الحوز، أكادير، الراشيدية، وارززات، زاكورة…)، جوبهت غالبيتها بحصار وقمع وبعضها بمتابعات قضائية في حق نشطاء، مثلما حدث بالنسبة لحراك فكيك، مما يعكس فشل السياسات الحكومية في ضمان الأمن المائي للمغاربة، في ظل موجة جفاف مسترسلة.
6 – ارتفاع أسعار المحروقات : يعبر المكتب التنفيذي للم م ح إ عن قلقه إزاء الارتفاع غير المبرر في أسعار المحروقات وما استتبعه من ارتفاع مهول لأسعار كافة المواد الاستهلاكية والخدماتية، في ظل صمت أشبه بالتواطؤ من طرف الحكومة الحالية، حيث يعود هذا التضخم المصطنع بالأساس إلى تلاعب شركات التوزيع بأسعار المحروقات بأسعار المحروقات، بعيدا عن نطاق التنافس، بما ساعدها على تحقيق أرباح فاحشة على حساب جيوب المواطنين، رغم الانتقادات التي وجهت للحكومة في هذا الاتجاه. كما يشير إلى الفشل الحكومي في حل مشكلة “لاسامير”، التي تلعب دورا حيويا في الأمن الطاقي للمغرب، في ظل غياب شبه كلي لمراقبة القطاع، مما أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي لشرائح عريضة من المواطنين. ويطالب الحكومة المغربية بتحمل مسؤوليتها التاريخية، واتخاذ خطوات عاجلة لحل هذه الأزمة المفتعلة.
7- الهجرة غير الشرعية للشباب: يثير المكتب التنفيذي للم م ح إ محاولة المئات من الشباب اقتحام السياج الحدودي للوصول إلى مدينة سبتة، خلال منتصف شهر شتنبر الماضي، ويعتبر ظاهرة الهجرة الجماعية في تفاقم خطير في صفوف الشباب المغربي وكذا الأطفال بين الفئة العمرية من 10 إلى 17 عامًا. ويرى أن هذه الظاهرة تعكس مدى تأثير تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على الأجيال الصاعدة، ويدعو إلى وضع استراتيجية شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة السرية قبل فوات الأوان، من خلال تحسين فرص التشغيل والتعليم ومحاربة الهدر المدرسي، وتوفير بيئة اقتصادية واعدة لتشغيل الشباب وتوفير فرص العيش الكريم لهم ، ويطالب بالكشف عن نتائج التحقيق القضائي الذي امر به الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بتطوان إزاء تسريبات مرئية لمظاهر تعنيف تخللت عملية توقيف بعض المرشحين للهجرة السرية.
8- اصلاح التعليم : يعبر المكتب التنفيذي للم م ح إ عن قلقله البالغ إزاء الصعوبات التي يواجهها التلاميذ والأطر التربوية المعنيين بمدارس الريادة، والتي أظهرت اختلالات متعددة في رؤيتها وتنزيلها على حد سواء، بحيث أن رؤيته تبدو خاطئة من الأصل، لكون تميز بعض التلاميذ يشكل حافزا لأقرانهم داخل القسم الواحد، كما أن التميز في مراحل التعليم الأولى لا تعني التميز خلال المراحل الجامعية، فضلا عن أن مدارس الريادة ومن خلال تجربة سنتين أدت إلى قتل التميز والإبداع والمبادرة والتألق في صفوف المتعملين، لذلك يطالب المكتب التنفيذي بمراجعة شاملة لهذا الاختيار التربوي بمقاربة تشاركية مع الفاعلين التربويين لضمان تحقيق أهدافه، بناء على مبدئي تكافؤ الفرص وتحسين جودة التعليم، كما يسجل تفاقم الاختلالات الكثيرة خلال الدخول المدرسي الحالي من خلال : الاكتظاظ الذي فاق كل التوقعات – تناسل الأقسام المشتركة – التفييض القسري للمدرسين – فرض تدريس مواد دراسية غير مواد التخصص – الخصاص المهول في الموارد البشرية التربوبة والإدارية – الخصاص في عدد من المقررات الدراسية بالأسلاك الثلاث – ضعف نسبة التلاميذ الممنوحين وبنيات الاستقبال بالثانوي الإعدادي والتأهيلي – شح الوسائل التعليمية والتجهيزات المدرسية – عدم إتمام بناء العشرات من المؤسسات التعليمية المحدثة إلى يومنا هذا – انعدام خدمات الصرف الصحي والماء الصالح للشرب والإنارة وشبكات الاتصال في المئات من الوحدات المدرسية بالعالم القروي وشبه القروي – عدم توفير السكنيات الوظيفية للمدرسين بالمدارس المتواجدة بالوسط القروي – إلغاء خدمة الإطعام المدرسي على المستوى الوطني بالمدارس الابتدائية المدرجة في مناطق الهشاشة والخصاص – حرمان التلاميذ من مبادرة مليون محفظة السابقة – عدم احترام الحد الأدنى للأجر بالنسبة للمستخدمات و المستخدمين العاملين بالمؤسسات التعليمية والذين يقومون بمهام الحراسة والنظافة…
9- قطاع الصحة : يسجل المكتب التنفيذي للم م ح إ تفاقم الوضع الصحي المتردي في عدد من المناطق على المستوى الوطني من خلال : خصاص مهول في الأطباء والأطر التمريضية وشبه الطبية – ضعف الخدمات المقدمة في أقسام الإنعاش بعدة مستشفيات إقليمية وجهوية ومحلية- قلة الأدوية المقدمة للمرتفقين المرضى – انعدام تخصصات طبية في عدد كبير من المستشفيات – انعدام الأمصال المضادة للسعات العقارب والافاعي في عدد كبير من الأقاليم وعدم الاحتفاظ بها في ظروف ملائمة بالنسبة للمناطق المتواجدة بها – عدم إتمام عمليات بناء أو تأهيل المراكز الصحية في عدة اقاليم رغم انتهاء مدة الإنجاز
10- عدم توفير التجهيزات الطبية اللازمة و الضرورية بعدد مهم من المراكز الصحية والمستشفيات الإقليمية – استمرار العمل بعدد من سيارات الإسعاف المتهالكة – رداءة نوعية الوجبات الغذائية المقدمة للنزلاء المرضى ببعض المستشفيات – تمطيط المدة المتعلقة بمواعيد إجراء العمليات الجراحية بالعديد من بالمستشفيات الإقليمية والجهوية…
ثانيا : القضايا الدولية
يدين المكتب التنفيذي للم م ح إ جرائم الكيان الصهيوني الغاشم، التي ترقى إلى إبادة جماعية في حق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وجرائم القتل التي يقترفها في الضفة الغربية، أمام مرآى ومسمع المنتظم الدولي، ويعبر عن استنكاره لجريمة قتل القيادات السياسية للمقاومة غدرا، وعلى رأسهم الشهيدين إسماعيل هنية وحسن نصر الله، ويدين الغارات الجوية الإجرامية في حق الشعب اللبناني.
توصيات المكتب التنفيذي: بناءً على ما تم تدارسه في الاجتماع، يدعو المكتب التنفيذي إلى:
فتح حوار جدي ومسؤول مع طلبة الطب والصيدلة لإيجاد حلول معقولة تضمن استئناف الدراسة، مع إسقاط المتابعات القضائية ضدهم.
التحقيق في الاختلالات التي شابت عملية تعويض ضحايا زلزال الحوز، وضمان حق التلاميذ في متابعة دراستهم بشكل لائق.
إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لأزمة الماء الصالح للشرب وكذا حاجة الفلاحين الصغار إلى المياه لأنشطتهم الفلاحية.
إيجاد حلول فعالة لتفادي تكرار معاناة المواطنين في المناطق المتضررة من الفيضانات من خلال تحسين البنية التحتية ووضع منظومة للتنبؤ والإنذار المبكر إزاء الفيضانات مع تعويض الساكنة المتضررة دون إقصاء.
التسريع بتسوية الوضعية المالية للأساتذة الموقوفين سابقا دون قيد أو شرط، مع ضرورة سحب وإلغاء جميع العقوبات التأديبية الانتقامية الصادرة في حق المئات من الاستاذات والاساتذة المتعسف عليهم ضدا على حقهم الدستوري في خوض الإضرابات والاحتجاجات خلال الربع الاخير من السنة الماضية رفضا منهم للنظام الأساسي المجحف.
وضع حد لاحتكار شركات توزيع المحروقات واتخاذ إجراءات عاجلة لحل مشكلة “لاسامير”، بما يخدم الأمن الطاقي للمواطنين المغاربة.
معالجة أسباب الهجرة السرية بين صفوف الشباب من خلال توفير فرص حقيقية للتعليم والتشغيل.
وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى تفعيل مبدأ الحكامة في تدبير القطاع، مع الاهتمام الحقيقي بكل مكونات المدرسة العمومية المغربية، والتشاور الفعلي مع كل الفاعلين التربويين في خطط الإصلاح المنتظر ، بما يخدم القطاع بعيدا عن الحسابات السياسوية واملاءات المؤسسات المالية الامبريالية… مع
القطع مع مظاهر التخبط والفساد والتعسف التي تنخر القطاع التعليمي بمصالحه المركزية والجهوية والاقليمية…
رئيس الحكومة ووزير الصحة إلى تحمل مسؤولياتهما السياسية والأخلاقية في توفير الخدمات الصحية الجيدة للمواطنات والمواطنين على المستوى الوطني وخاصة بالاقاليم النائية والمهمشة، وعلى رأسها (الموارد البشرية – التجهيزات الطبية …)
يطالب مجلس الأمن بإلزام الكيان الصهيوني الغاصب بوقف جرائم الإبادة التي يرتكبها في حق الشعبين الفلسطيني واللبناني، ومحاكمة مجرمي الحرب رئيس وأعضاء حكومة الكيان المتطرفين، كما يدعو الحكومة المغربية إلى إلغاء كافة الاتفاقيات والتفاهمات التي أبرمتها مع حكومة الكيان الصهيوني الغاصب، وإغلاق مكتب الاتصال الصهيوني.
حرر وصودق عليه بتاريخ 09 أكتوبر 2024
المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان