بقلم ذ. محمد القاسمي
كاتب وباحث في القانون الخاص
مدير مجلة الباحث وسلسلة الأبحاث
لما كانت الحرية من المسائل الجوهرية لكينونة الإنسان ووجوده والتي لا يمكن لأي كان النيل منه إلا في إطار ما تسمح به النصوص القانونية وفي نطاق مسطرة وإجراءات كفيلة بصيانتها احتراما للمبدأ القائل أن البراءة هي الأصل، وهو ما يظهر جليا من خلال سعي المشرع في قانون المسطرة الجنائية[1] لحماية الحرية الفردية في جميع مراحل وإجراءات الدعوى العمومية. وفي هذا الخصوص نقصر الحديث على مرحلة التحقيق الإعدادي بالنظر للسلطات الواسعة التي مكن القانون قاضي التحقيق منها، وذلك باتخاذه للإجراءات وإصدار الأوامر التي يراها كفيلة للوصول إلى الحقيقة، ولكن؛ مع مراعات العديد من الضوابط التي لا محيد عنها تحقيقا للمحاكمة العادلة في أبهى تجلياتها.
فالمشرع حدد عند سنه للقانون الجنائي الإجرائي جملة من القواعد الشكلية والموضوعية في القسم الثالث من الكتاب الأول، وألزم قاضي التحقيق اتباعها توفيرا للضمانات الفردية التي تناشد المحاكمة العادلة أينما كانت. ورتب على أي مخالفة لأحكامها جزاء ثقيلا ألا وهو البطلان، وهذا الأخير لا يبطل الإجراء وحده فقط، بل قد يمتد للإجراءات التي تليه. كما وسع من دائرة الجهات التي تملك الحق في الطعن بالبطلان في هذه الإجراءات، وحدد مسطرة دقيقة يجب اتباعها قبل المصادقة على هذا الجزاء إذا كان مبررا.
انطلاقا مما تقدم، يمكن أن نطرح التساؤلات التي تنطوي في كليتها على ما يلي: ما أهم الحالات التي رتب فيها القانون بطلان إجراءات التحقيق الإعدادي، وما الجهات المخول لها حق إثارته؟ وما أهم الإجراءات المسطرية المتبعة لأجل التصديق عليه؟ والجهة المؤهلة للبت في صحة الطعن بالبطلان من عدمه؟
ولأجل إعطاء مقترب جواب عن كل هذه التساؤلات، فسوف نعمد إلى اعمال تقسيم منهجي ثنائي، نخصص فيه المطلب الأول للحديث عن أهم حالات البطلان والجهات المخول لها حق إثارته، فيما نتطرق في المطلب الثاني لمناقشة أهم الإجراءات المسطرية المتبعة لإقرار بطلان إجراءات التحقيق والجهة المخول لها حق البت في الطلب.
المطلب الأول: بطلان إجراءات التحقيق الإعدادي، حالاته والجهات المخول لها حق إثارته
نظرا لأهمية هذه النقطة وضرورة تبيان أهم الأمور المتعلقة بها ولو بإيجاز، فسوف نقسم على ضوئها تفاصيل هذا المطلب لفرتين، نخصص الفقرة الأولى للحديث عن أهم الحالات التي يترتب فيها بطلان إجراءات التحقيق الإعدادي، على أن نرجئ الحديث بالدراسة والتحليل في الفقرة الثانية لمسألة الجهات المخول لها تشريعا حق إثارة البطلان كجزاء قانوني في مواجهة هذه الإجراءات.
الفقرة الأولى: الحالات المقرر فيها قانونا بطلان إجراءات التحقيق الإعدادي
استنادا إلى منطوق المادتين 210[2] و 212[3] من قانون المسطرة الجنائية، حدد المشرع المغربي المقتضيات القانونية المتعلقة بالتحقيق الإعدادي التي ترتب البطلان جراء مخالفتها.
والبطلان كجزاء يلحق بعض إجراءات التحقيق المعيبة يمكن تقسيمه إلى بطلان قانوني، حيث حددت المادة 210 من نفس القانون ثلاث فئات من الإجراءات الشكلية والموضوعية التي يترتب عن خرقها بطلان الإجراءات المعيبة وكذا الإجراءات التي تليها، مع مراعاة بطبيعة الحال تقدير نطاق هذا البطلان من طرف الغرفة الجنحية، التي لها الصلاحية أن تبت في ما إذا كان يجب أن يقتصر البطلان على الإجراء المطعون فيه وحده أو يمتد كلا أو بعضا للإجراءات الموالية له[4].
وقد يكون هذا البطلان قضائي كما نصت على ذلك المادة 212 من نفس القانون، وذلك إذا ترتب عن الإجراء المتخذ من قبل السيد قاضي التحقيق خرق للمقتضيات الجوهرية للمسطرة، أدت إلى المساس بحقوق الدفاع لكل طرف من أطراف الدعوى العمومية والمدنية التابعة على حد سواء.
فحالات البطلان القانوني يمكن تصورها في ثلاثة أساسية وهي:
- الحالة الأولى: البطلان الناتج عن مخالفة مقتضيات المادتين 134[5] و 135[6] من قانون المسطرة الجنائية.
- الحالة الثانية: مخالفة مقتضيات المادة 139 من قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بحضور المحامي لجلسة الاستماع للمتهم أو الطرف المدني أو عند مواجهتهم بحضور دفاعهم إلا إذا تنازلا عن ذلك، أو لم يحضر المحامي رغم استدعائه بيومين كاملين على الأقل قبل عقد جلسة الاستنطاق أو المواجهة، أو لم يتم وضع ملف النازلة رهن إشارة الدفاع بيوم واحد على الأقل قبل إجراء الاستنطاق أو المواجهة[7].
- الحالة الثالثة: مخالفة المقتضيات الواردة في المواد 59 و60 و62 و101 المنظمة للتفتيشات التي يأمر السيد قاضي التحقيق بإجراءها، خصوصا تلك المتعلقة باحترام الوقت القانوني للتفتيش، وإجراءات حجز أدلة الإقناع باختلافها…الخ.
وبخصوص البطلان القضائي المقرر في مواجهة إجراءات التحقيق المعيبة، فقد جاء في المادة 212 من قانون المسطرة الجنائية ما يلي:” يترتب كذلك البطلان عن خرق المقتضيات الجوهرية للمسطرة إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع لكل طرف من الأطراف. يمكن لكل متهم أو طرف مدني أن يتنازل عن ادعاء البطلان المقرر لفائدته، ويجب أن يكون هذا التنازل صريحا. ولا يقبل تنازل المتهم إلا بحضور محاميه أو بعد استدعائه قانونياً. يعرض التنازل على الغرفة الجنحية وفقاً للمادة السابقة.”.
فالبطلان القضائي الذي يمكن أن يلحق بعض من إجراءات التحقيق يتعلق بالأساس بالإجراءات الماسة بحقوق الدفاع لأطراف الدعوى العمومية والمدنية التابعة على حد سواء؛ وللإشارة فقد خول المشرع للمتهم أو الطرف المدني أن يتنازل عن ادعاء البطلان المقرر لفائدته، لكن تنازل هذين الأخيرين لا يقبل إلا بحضور محاميهما أو بعد استدعائه قانونا، ويتعين أن يكون التنازل سواء كان من قبل المتهم أو الطرف المدني صريحا، ويعرض هذا التنازل على الغرفة الجنحية طبقا للإجراءات المحدد في المادة 211 من قانون المسطرة الجنائية.
الفقرة الثانية: الجهات المخول لها قانونا حق طلب بطلان إجراء من إجراءات التحقيق
استنادا إلى مقتضيات المادة 211 من قانون المسطرة الجنائية[8] نجد المشرع خول من خلالها لكل من جهاز النيابة العامة والمتهم والطرف المدني وحتى لقاضي التحقيق من تلقاء نفسه[9] إمكانية الطعن ببطلان إجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق التي سلف وأن بيناها أعلاه.
فإذا ما ظهر لوكيل الملك أو نوابه أو الوكيل العام أو نوابه أو المتهم أو للطرف المدني أن إجراء مشوبا بالبطلان قد اتخذه قاضي التحقيق فلهم أن يطلبوا من هذا الأخير أن يحيل ملف الدعوى إلى النيابة العامة المختصة لتقوم بدورها بإحالته إلى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف التي يمارس فيها قاضي التحقيق اختصاصاته رفقة الطلب الذي يبينون فيه أسباب البطلان وذلك خلال الخمس أيام الموالية من اثارته؛ حيث تقرر الغرفة الجنحية في الطلب المحال عليها ما إذا كان يجب أن يقتصر التصريح بالبطلان على الإجراء المقصود أو يمتد كلا أو بعضا للإجراءات اللاحقة، أو حتى التصريح بعدم جدية الطلب وإرجاع الملف لقاضي التحقيق قصد اكمال باقي الإجراءات.
المطلب الثاني: الغرفة الجنحية وصلاحيتها في إقرار بطلان إجراء من إجراءات التحقيق وشكلياته المسطرية
في هذا المطلب، سوف نتطرق بالأساس في فقرته الأولى لأدوار الغرفة الجنحية وصلاحياتها القانونية للبت في طلبات بطلان إجراءات التحقيق، على أن نرجئ البت في فقرته الثانية لمناقشة أهم الشكليات المسطرية المتبعة لأجل التصريح ببطلان هذا الإجراء من عدمه.
الفقرة الأولى: أهم الصلاحيات المخولة للغرفة الجنحة لدى محاكم الاستئناف
تعتبر الغرفة الجنحية من ضمن أهم الغرف التي تشمل عليها محاكم الاستئناف بالمملكة تعنى بدور مركزي في جملة من القضايا والإختصاصات حددتها المادة 231 من قانون المسطرة الجنائية[10] ومنها: البت في طلبات الإفراج المقدمة إليها مباشرة، حيث تنص الفقرة الخامسة من المادة 179 من نفس القانون على ما يلي:”… يمكن للمتهم إذا لم يبت قاضي التحقيق في طلب الإفراج المؤقت خلال أجل خمسة أيام المحددة في الفقرة السابقة، أن يرفع طلبه مباشرة إلى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف التي تبت فيه داخل أجل أقصاه خمسة عشر يوما، وذلك بعد أن تقدم لها النيابة العامة ملتمسات كتابية معللة وإلا فيقع مباشرة الإفراج المؤقت عن المتهم، ما لم يكن هناك إجراء إضافي للتحقيق”، كما تختص الغرفة الجنحية كذلك في البت في طلبات بطلان إجراءات التحقيق طبقا للمواد من 210 إلى 213 – وهو الذي يهمنا في هذا المقال -، وتبت كذلك في الطعون بالاستئناف المقدمة ضد مختلف الأوامر التي يتخذها السيد قاضي التحقيق في النوازل المعروضة عليه طبقا للمواد 222 وما يليها.
كما يعود لها الاختصاص كذلك للبت في كل إخلال منسوب لأحد ضباط الشرطة القضائية أثناء تأديتهم لمهامهم، والمقصود بضباط الشرطة القضائية وفق منطوق هذا البند ألائك المنصوص عليهم من البند الأول إلى البند الرابع من المادة 19 من قانون المسطرة الجنائية[11].
وتتألف الغرفة الجنحية من تشكيلة مكونة من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف أو من ينوب عنه بصفته رئيسا للغرفة، بالإضافة إلى مستشارين له، وكذا الوكيل العام أو أحد نوابه باعتبارهم ممثلي للنيابة العامة، بالإضافة إلى كاتب للضبط.
وتناقش الغرفة ملفاتها في جلسات سرية بغرفة المشورة، وتصدر مقرراتها في جلسات علنية.
الفقرة الثانية: الإجراءات المسطرية المتبعة لإقرار بطلان إجراء من إجراءات التحقيق
تختلف مسطرة إثارة البطلان بحسب طبيعة الجهة التي أثارته، فيما إذا كان تلقائيا من طرف قاضي التحقيق والغرفة الجنحية[12]، أو المتهم أو المطالب بالحق المدني أو نائبيهما، والنيابة العامة[13].
لقد أعطى المشرع المغربي لكل من جهاز النيابة العامة والمتهم والطرف المدني، وبمجرد ما تتحقق إحدى الحالات الواردة في المادة 210 من قانون المسطرة الجنائية، إمكانية مطالبة قاضي التحقيق الذي يبت في ملف النازلة بأن يوجهه إلى النيابة العامة لتقوم بإحالته إلى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف عن طريق النيابة العامة لدى هذه الأخيرة رفقة طلب يوضح فيها الطاعن بالبطلان أسباب طعنه وذلك خلال خمسة أيام من الطعن به، كما خول كذلك القانون لقاضي التحقيق من تلقاء نفسه أن يحيل ملف النازلة لنفس الغرفة بعد استشارة النيابة العامة واخبار كل من المتهم والمطالب بالحق المدني، وذلك إذا تحققت المقتضيات الواردة في المادة 211 من نفس القانون.
وبمجرد ما يحال الملف المطعون في أحد إجراءاته بالبطلان على الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف، يتولى الوكيل العام أو أحد نوابه تجهيز القضية ويضمنه ملتمسه قبل رفعه، وتجري مناقشات الغرفة بخصوص الملف المطعون فيه ببطلان أحد إجراءات التحقيق فيه بصفة سرية، حيث وبعد إعداد المستشار المقرر في الملف لتقريره ودراسة الملتمسات الكتابية للوكيل العام للملك ومذكرات أطراف الدعوى العمومية والمدنية التابعة في حالة وجودها، إذ ذاك تصدر الغرفة قرارها في جلسة علنية.
ويكون قرار الغرفة الجنحية إما بطلان الإجراء المعيب وحده، وقد تقرر بطلان الإجراءات اللاحقة به كذلك، حيث نصت المادة 239 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:” إذا أحيل إلى الغرفة الجنحية طلب بإبطال إجراء من إجراءات التحقيق، فإنها تصرح، إذا كان لذلك موجب، ببطلان الإجراء المعيب، وإن اقتضى الحال ببطلان الإجراءات التي تليه كلا أو بعضا، طبقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 211 أعلاه.
إذا اقتصرت الغرفة على إبطال جزء من الإجراءات، فيمكنها أن تأمر إما بإجراء تحقيق تكميلي طبق الشروط المنصوص عليها في المادة 238 أعلاه، وإما بإحالة الملف إلى القاضي المكلف بالتحقيق أو إلى أحد قضاة التحقيق لمتابعة إجراءات البحث.
إذا تبين من الإبطال الكلي للمسطرة، أن هذه الأخيرة كانت معيبة من بدايتها، فإن الغرفة الجنحية تحيل المسطرة إلى النيابة العامة لتتخذ في شأنها ما تراه مناسباً، وتبت في شأن الاعتقال الاحتياطي أو المراقبة القضائية.“.
وفي حالة إقرار الغرفة الجنحية لبطلان إجراء من إجراءات التحقيق، فيبلغ مقررها هذا للأطراف ودفاعهم داخل أجل 24 ساعة من صدوره[14]، وتسحب من ملف التحقيق الوثائق والإجراءات التي أبطلت وتحفظ بكتابة ضبط محكمة الاستئناف ويمنع الرجوع إليها لاستخلاص أي دليل منها ضد الأطراف تحت طائلة المتابعة التأديبية[15].
خاتمة:
عطفا على كل ما تقدم ذكره، يمكن أن نخلص للعديد من الخلاصات لعل أهمها:
إن بطلان إجراءات التحقيق ينقسم إلى بطلان قانوني حدد المشرع حالاته في ثلاثة كما هي مدرجة في المادة 210 من قانون المسطرة الجنائية، وإلى بطلان قضائي يثار من قبل المتهم أو نائبه أو المطالب بالحق المدني أو نائبه إذا كان هناك مساس بحقوق الدفاع، وخول المشرع لهذين الأخيرين إمكانية التنازل عن ادعاء البطلان، ولا يتم تنازل المتهم إلا بحضور دفاعه، فيما تتكلف الغرفة الجنحية بالبت في مدى صحة التنازل والمصادقة عليه من عدمه.
لقد خول المشرع للعديد من الجهات إمكانية الطعن ببطلان إجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق، ومن هذه الجهات نجد النيابة العامة والمتهم والمطالب بالحق المدني أو دفاعهما، تم قاضي التحقيق من تلقاء نفسه، وكذا الغرفة الجنحية تلقائيا إذا ما اطلعت على أحد موجبات البطلان وهي تنظر في ملف النازلة المعروض عليها لسبب آخر.
خول المشرع المغربي للغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف صلاحية البت في الطعون بالبطلان الموجهة ضد إجراءات التحقيق الاعدادي، وهي متألفة من رئيس المحكمة أو من ينوب عنه والوكيل العام للملك أو من ينوب عنه بالإضافة إلى السيد كاتب الضبط، وذلك باتباعها جملة من الإجراءات المسطرية، تنهي إما بالمصادقة على البطلان وسحب الوثائق والإجراءات الباطلة من الملف ويمنع الرجوع إليها تحت طائلة التأديب، أو الأمر بإنجاز تحقيق تكميلي، أو برفض طلب البطلان واحالة الملف إلى السيد قاضي التحقيق ليكمل باقي إجراءات البحث والتحري.
تم بحمد الله
وقوته
[1] ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة 1423 (30 يناير2003)، ص 315.
[2] تنص المادة 210 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:” يجب مراعاة مقتضيات المادتين 134 و135 من هذا القانون المنظمتين للحضور الأول للاستنطاق والمادة 139 المتعلقة بحضور المحامي أثناء الاستنطاقات والمواجهات، والمواد 59 و60 و62 و101 المنظمة للتفتيشات، وذلك تحت طائلة بطلان الإجراء المعيب والإجراءات الموالية له، مع مراعاة تقدير مدى هذا البطلان وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 211.”
[3] جاء في المادة 212 من قانون المسطرة الجنائية ما يلي:” يترتب كذلك البطلان عن خرق المقتضيات الجوهرية للمسطرة إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع لكل طرف من الأطراف. يمكن لكل متهم أو طرف مدني أن يتنازل عن ادعاء البطلان المقرر لفائدته، ويجب أن يكون هذا التنازل صريحا. ولا يقبل تنازل المتهم إلا بحضور محاميه أو بعد استدعائه قانونياً. يعرض التنازل على الغرفة الجنحية وفقاً للمادة السابقة.”.
[4] – تنص الفقرة الثالثة من المادة 211 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:”… تقرر هذه الغرفة ما إذا كان يجب أن يقتصر البطلان على الإجراء المقصود أو يمتد كلا أو بعضا للإجراءات اللاحقة.”.
[5] – رتب المشرع المغربي جزاء البطلان في حالة ما لم يحترم قاضي التحقيق مقتضيات المادة 134 من قانون المسطرة الجنائية التي تنضم إجراءات الاستنطاق الابتدائي، حيث نصت هذه الأخيرة على ما يلي:” يطلب قاضي التحقيق من المتهم بمجرد مثوله الأول أمامه بيان اسمه العائلي والشخصي ونسبه وتاريخ ومكان ولادته وحالته العائلية ومهنته ومكان إقامته وسوابقه القضائية. وله عند الاقتضاء أن يأمر بكل التحريات للتحقق من هوية المتهم، بما في ذلك عرضه على مصلحة التشخيص القضائي أو إخضاعه للفحص الطبي. يشعر القاضي المتهم فورا بحقه في اختيار محام، فإن لم يستعمل حقه في الاختيار عين له قاضي التحقيق بناء على طلبه محاميا ليؤازره، وينص على ذلك في المحضر. يحق للمحامي أن يحضر الاستنطاق المتعلق بالتحقيق في هوية المتهم. يبين قاضي التحقيق للمتهم الأفعال المنسوبة إليه ويشعره بأنه حر في عدم الإدلاء بأي تصريح، ويشار إلى ذلك في المحضر.
يجب على قاضي التحقيق أن يستجيب لطلب المتهم الذي كان موضوعاً تحت الحراسة النظرية أو لطلب دفاعه الرامي إلى إخضاعه لفحص طبي، ويتعين عليه أن يأمر به تلقائيا إذا لاحظ على المتهم علامات تبرر إجراءه، ويعين لهذه الغاية خبيرا في الطب. علاوة على ذلك، ينبه القاضي المتهم إلى وجوب إخباره بكل تغيير في عنوانه، ويمكن للمتهم أن يختار محلا للمخابرة معه في دائرة نفوذ المحكمة. إذا طالبت النيابة العامة في ملتمسها بفتح التحقيق بإصدار أمر بإيداع المتهم في السجن، وارتأى قاضي التحقيق أن لا داعي للاستجابة لهذا الطلب، فإنه يجب عليه إصدار أمر بذلك داخل أربع وعشرين ساعة، يبلغه فوراً إلى النيابة العامة.”
[6] – تنص المادة 135 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:” يجوز لقاضي التحقيق بالرغم من مقتضيات المادة السابقة، أن يقوم فوراً بإجراء أي استجواب أو مواجهة إذا دعت لذلك حالة الاستعجال الناتجة إما عن ظروف شاهد يهدده خطر الموت، وإما لأن علامات موجودة أصبحت على وشك الاندثار.
يجب أن ينص في المحضر على أسباب الاستعجال.”.
[7] – أحمد قيلش – السعدية مجيدي – محمد زنون، الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية، مطبعة الأمنية، الرباط، طبعة 2015، ص: 197.
[8] – وهو خلاف ما كان عليه الأمر وفقا لمقتضيات الفصل 191 من قانون المسطرة الجنائية المنسوخ، والذي حدد الجهات التي لها حق طلب تقرير بطلان إجراء من إجراءات التحقيق في كل من قاضي التحقيق نفسه والنيابة العامة حصرا.
[9] إن السيد قاضي التحقيق لا يلجأ إلى طلب تصريح الغرفة الجنحية بالبطلان إلا إذا تنازل عنه من هو مقرر لمصلحته، شريطة أن يكون هذا التنازل صريحا من قبل المتهم أو المطالب بالحق المدني وبحضور محاميه أو بعد استدعائه قانونا وهذا التنازل يجب عرضة على الغرفة الجنحية لتقرر صحته من عدمه.
[10] – تنص المادة 231 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:” تنظر الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف وهي مكونة من الرئيس الأول أو من ينوب عنه ومن مستشارين اثنين بحضور ممثل النيابة العامة وكاتب الضبط:
أولا: في طلبات الإفراج المؤقت المقدمة إليها مباشرة طبقا لمقتضيات الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 179، وفي تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية المتخذة طبقا للمادة 160؛
ثانيا: في طلبات بطلان إجراءات التحقيق المنصوص عليها في المواد 210 إلى 213؛
ثالثاً: في الاستئنافات المرفوعة ضد أوامر قاضي التحقيق طبقا للمادة 222 وما يليها؛
رابعاً: في كل إخلال منسوب لضابط من ضباط الشرطة القضائية خلال مزاولته لمهامه طبقاً لما هو منصوص عليه في المواد من 29 إلى 35 من هذا القانون. “.
[11] – تم استثناء ضباط الشرطة القضائية السامون من إمكانية بت الغرفة الجنحية في الاخلالات المنسوبة إليهم بخصوص أدائهم لمهام الشرطة القضائية.
[12] – رغم عدم التنصيص بصريح النص على إمكانية إثارة الغرفة الجنحية لبطلان إجراء من إجراءات التحقيق تلقائيا، فهذا الأمر ممكن، حيث يمكنها وفي معرض بتها في الملف المعروض عليها إذا اطلعت على إجراء مشوب بعيب البطلان أن تصرح بهذا الأخير، وذلك في إطار ممارستها لصلاحياتها القضائية الرقابية على أعمال قضاة التحقيق.
[13] – أحمد قيلش – السعدية مجيدي – محمد زنون، الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية، م . س، ص: 199.
[14] – تنص المادة 247 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:” تبلغ قرارات الغرفة الجنحية إلى الأطراف ومحاميهم في ظرف الأربع والعشرين ساعة من صدورها بواسطة رسالة مضمونة طبقاً للشروط المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 من قانون المسطرة المدنية “.
[15] – تنص المادة 213 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:” تسحب من ملف التحقيق وثائق الإجراءات التي أبطلت وتحفظ في كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف، ويمنع الرجوع إليها لاستخلاص أدلة ضد الأطراف في الدعوى، تحت طائلة متابعات تأديبية في حق القضاة والمحامين.”