أشرف مجدول
” أنا عندي اعتماد بشكل قانوني، وعندي بطاقة الصحافة من الجمعية، وبالنسبة لبعض الصحافيين اللي كيقولو كيفاش نتا ماشي صحافي ودخلتي للندوة، الفيفا ما معاهاش اللعب، الناس ضابطين أمورهم، والبادج اللي خديت بادج قانوني حيث أنا كنمثل جريدة، وملي كنت فمونديال قطر، بديت كنشتغل معاهم. وأنا عضو فجمعية ديال الصحافيين، وجاي قانوني، و عندي بطاقة صحافية من المونديال ديال قطر، والمسائل ديالي مقادة، وأنا فالميدان ديال الصحافة من شحال هادي”
هذا الكلام تفوه به أحد المشاركين في برنامج ستانداب ردا على الجدل الإعلامي الذي أثارته صورة نشرها على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي، بصفته صحافيا في الندوة الخاصة بلبؤات الأطلس المشاركات في مونديال السيدات أستراليا ونيوزلندا، والتي نظمت يوم 23 يوليوز 2023، وطرُح السؤال وقتها: كيف تمكن هذا الشخص من الحصول على اعتماد من أجل تغطية فعاليات كأس العالم للسيدات التي شارك فيها المنتخب الوطني النسوي لأول مرة في تاريخه؟
وأتى الجواب من نفس الشخص، هذا الذي يصف نفسه بالكوميدي والمؤثر ثم الآن بالصحافي، حيث خرج بفيديو ينصح فيه الشباب الراغبين في الهجرة بدفع 200 درهم كانخراط في إحدى الجمعيات، و سمى رئيس الجمعية، من أجل الحصول على بطاقة هذه الجمعية التي تخول لك الحصول على الحق في طلب اعتماد لحضور المباريات الدولية التي تنظم من طرف الفيفا، و تسهل لك إجراءات الحصول على التأشيرة.
جاء هذا في فيديو بثه من أستراليا، أستراليا التي دخل إليها بصفته صحافيا، وقرر البقاء فيها بصفته مسترزقا. مثل هؤلاء الأشخاص، مثل هذه الجمعيات، مثل هذه الألاعيب مست الجسم الصحفي بأكمله، وأعطت تنبيها إلى أن هناك فيروسات تسللت إلى هذا الجسم النبيل، وأن هناك كائنات لا علاقة لها بالصحافة، وباسم الصحافة تناور وتسترزق وتبتز وتلطخ سمعة مهنة المتاعب. مثل أحد أعضاء الجمعية إياها الذي خرج ليتكلم ويدافع، ويا ليته لم يفعل، تكلم فنطق كفرا، وكأن الجميع في الميدان لا يعرفون ترصده للندوات واللقاءات التي تقام بالفنادق الفخمة من أجل الحضور للبوفيهات المفتوحة فقط، رفقة صاحبة القبعة العجيبة.
ومثل أي جسم هاجمته الفيروسات، كان لابد للأطباء أن يتدخلوا، وينقذوا الجسم الصحافي من الموت، فأخذت الجمعية الوطنية للإعلام و الناشرين في شخص رئيسها إدريس شحتان المبادرة، وعملت على إعادة الاعتبار للصحفي المهني، وتخليصه من كماشات جمعيات استرزاقية نهبت و نزفت الخزينة بالرحلات الدولية رفقة عائلات أعضائها الصغيرة، دون أن يدونوا حرفا واحدا على رحلاتهم الائتمانية تحت غطاء المهنية.
فجاءت أولى تباشير العلاج، بعد أن قرر ت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين تنظيم الرحلة الخاصة للصحافيين إلى كوت ديفوار من أجل تغطية أطوار كأس إفريقيا للأمم، و بالتالي قطعت على الجمعيات موارد مالية كانت تدخل لجيوب رؤسائها، و يتركون الصحافي يحارب لوحده للحصول على الخبر أو الخبز في أدغال أفريقيا .
ونتذكر خلال الإعلان عن رحلة الصحافيين كيف خرج رؤساء الجمعيات ينددون و يستنكرون هذا القرار الذي يصب في مصلحة الصحافيين أولا و أخيرا، و اعتبروا أن الجمعية الوطنية للإعلام الناشرين غير مؤهلة قانونا لتنظيم هذه الرحلة، على اعتبار أنها تخص الصحافيين الرياضيين. وتناسوا أن الجمعية الوطنية للإعلام و الناشرين و هي الأكثر تمثيلية، تضم في هياكلها أغلب مدراء النشر و الصحف المغربية.
وبعد عودة الوفد الصحافي من كوت ديفوار ، تم تنظيم رحلة ثانية إلى القاهرة لحضور المباراة النهائية بين نهضة بركان و الزمالك المصري. ثم جاءت رحلة الصحافيين المغاربة إلى طاجيكستان لمواكبة مشاركة المغرب في بطولة كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة .
ثلاث مشاركات للصحفيين المغاربة في التظاهرات الدولية خارج المغرب تحت لواء الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين خلال 10 أشهر، تؤكد مما لا يدعو إلى الشك النية الحسنة التي يخدم بها أعضاء الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين مصالح الصحفي المهني بعيدا عن الاسترزاق و النهب.
وخلال هذه الأشهر، لم تتوقف التنديدات والاحتجاجات، واستمرت الجمعيات الغاضبة في نشر البيانات الاستنكارية طاعنة في شخص رئيس الجمعية إدريس شحتان و فريقه. ولكن الرجل لم يستسلم، وأثبت أنه رجل التحديات في صمت بعيدا عن الضجيج، وواصل عقد الاجتماعات و اللقاءات… إلى أن جاء القرار بإصدار بطاقة الملاعب، البطاقة الوحيدة التي تخول للصحافي المهني الولوج إلى الملاعب. ومن شروط الحصول على بطاقة الملاعب أن يكون الصحافي حاصلا على بطاقة الصحافة الصادرة عن المجلس الوطني للصحافة، وبالتالي كان لهذا القرار أثر الصدمة على كل الجمعيات الرياضية التي كانت تعتبر ولوج الصحافيين للملاعب الرياضية حقها الخاص، وامتيازها الأكبر.
“بطاقة الملاعب” ليست مجرد بطاقة تسمح بولوج الملاعب، بل هي شهادة اعتراف شرفية لحاملها، تحميه من تعجرف بعض المسؤولين الإعلاميين للفرق الذين كانوا يشتغلون بتعصب رياضي بعيدا عن المهنية. فالصحفي الذي كان ينشر صورا خاصة به يكشف انتماءه إلى فريق رياضي معين، كان يعني رفض طلبه للاعتماد في مقابلات الغريم، والأمثلة كثيرة على ذلك.
“بطاقة الملاعب” ليست مجرد بطاقة، بل هي ألة تطهير كبيرة ستطهر منصة الصحافة من الفضوليين و أدعياء مهنة الصحافة، فلن يزاحم الصحافيين المهنيين أصحاب الصفحات الفايسبوكية و هم يحملون شارات تحمل صفة صحفي، و لن يزاحمهم المنتمون لفصائل الالترات الذين كان المسؤولون الإعلاميون يدسونهم وسط الصحافيين، لمعرفة حقيقة انتمائهم الكروي و هم يحملون شارة صحفي.
إن ما أقدمت عليه الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين يستحق أن ترفع له قبعات العالم، لأنها تحمي مهنة نبيلة من العبث، مهنة كانت و لازالت تحظى برعاية أعلى سلطة في البلاد، وسيظل الصحفيون المهنيون مدينين لرئيسها على تدخله الرادع والحازم من أجل القطع مع كل ماهو استرزاقي، و إعادة الاعتبار للصحافة المغربية و سمعة الصحافيين المهنيين.
وأقول ختاما للسيد إدريس شحتان :
شكرا لكم، وهنيئا لنا، لأنكم خضتم كفريق حروبا باسمنا ضد أشخاص لا ذمة لهم، من أجل مهنة نبيلة تلوثت من عديمي الضمير. كانت حربا تعرضت فيها إلى هجومات غادرة، ولم تتوقف. تعرضت إلى الطعن في شخصك وفي نجاحك، ولم تسقط. واصلت بإصرار الكبار طريقك، تقود فريقا مخلصا للوطن والمهنة، وضع اللبنة الأولى في إعادة بناء المجد الصحفي، وبتكاثفنا جميعا، سنكمل بإذن الله هذا البناء.