بقلم عزيز بنحريمبدة
في قلب دمشق، حيث تتردد أصداء التاريخ العريق، يقف قصر الرئاسة شاهداً على عصرٍ من التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها سوريا، حيث كان يتربع على رأس السلطة، الديكتاتور الدموي بشار الأسد، الرجل الذي ورث السلطة من والده حافظ الأسد في عام 2000، ليصبح رئيساً لجمهورية سوريا العربية. لكن، على مر السنين، تحول بشار الأسد إلى رمز للديكتاتورية والقمع، حيث اختار إرضاء حاشيته ونخبته المقربة بدلاً من شعبه، مما أدى إلى تدهور الأوضاع في البلاد ووصولها إلى ما هي عليه اليوم.
فمنذ توليه السلطة، اعتمد بشار الأسد على دعم النخبة السياسية والعسكرية لضمان بقائه في الحكم.حيث قدم لهم الامتيازات الاقتصادية والمناصب العليا، مما خلق شبكة ولاء قوية تحمي نظامه، اعتمد الأسد على تلك النخب لدعمه في مواجهة أي تحديات داخلية أو خارجية، بما في ذلك المعارضة الشعبية التي بدأت في الظهور بوضوح مع انطلاق الربيع العربي في عام 2011.
فمع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 2011، رد نظام الأسد بالقمع العنيف ضد المتظاهرين السلميين،واستخدم الجيش والأجهزة الأمنية القوة المفرطة لتفريق التجمعات والاحتجاجات، مما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا واعتقال الآلاف. هذه الإجراءات الصارمة أسهمت في تحويل الاحتجاجات السلمية إلى نزاع مسلح دموي إستمر حتى بداية هذا الأسبوع حيث نجح الثوار في إسقاط النظام.
تخيل معي لو اختار بشار الأسد طريقاً مغايراً، طريق الإصلاح وإرضاء شعبه بدلاً من حاشيته، لربما كانت سوريا اليوم مختلفة تماماً. الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الجذرية التي كان يمكن أن تُنَفَذ منذ بداية حكمه كانت ستساهم في تعزيز الاستقرار الداخلي وتجنب النزاع المسلح الذي دمر البلاد، لكن وللأسف الشديد بدلاً من ذلك، أصبحت سوريا مسرحاً لصراعات داخلية وخارجية، تسببت في مقتل وتشريد الملايين وتدمير البنية التحتية.
في نهاية المطاف، قرر بشار الأسد الهروب إلى روسيا و التخلي عن حاشيته و طائفته بعدما أثبتت سياسته فشلها و جميع خططه التي كانت كارثية على سوريا وشعبها.
اليوم، وبعد تحررها من قبضة الديكتاتور تواجه سوريا تحديات هائلة لإعادة الإعمار والتعافي من آثار النزاع الطويل،ليبقى الدرس الذي يمكن استخلاصه من تجربة الأسد هو أن الحكم الاستبدادي والسياسات التي تهمل صوت الشعب لا تؤدي إلا إلى الخراب والفوضى.