الرئيسية آراء وأقلام برؤية واضحة واستغلال أمثل، سطات تستحق الأفضل.

برؤية واضحة واستغلال أمثل، سطات تستحق الأفضل.

IMG 20251210 WA00461
كتبه كتب في 10 ديسمبر، 2025 - 2:49 مساءً

بقلم:عبدالنبي الطوسي

تعد مدينة سطات من بين الحواضر المغربية التي تختزن مقومات استثمارية واقتصادية هامة، جعلتها في مرمى اهتمام المستثمرين خلال السنوات الأخيرة، موقعها الاستراتيجي، بين قطبين اقتصاديين كبيرين هما الدار البيضاء ومراكش، يمنحها امتيازا جغرافيا فريبا، حيث تقع على خط الطريق السيار، وتربطها خطوط السكك الحديدية والمواصلات بمحيط اقتصادي نشيط، فضلاًعن قربها من ميناء الدار البيضاء ومطار محمد الخامس، ما يجعلها مؤهلة للعب دور استثماري محوري على الصعيد الجهوي والوطني.

الاهتمام المتزايد بسطات كمجال للاستثمار ترجم مؤخرا من خلال تدشين الحي الصناعي “لوجنتيك” بمنطقة سيدي العايدي، بحضور شخصيات وازنة من بينها السيد محمد علي حبوها عامل الإقليم، والوالي السابق بوشعيب متوكل، إلى جانب مستثمرين من دول مختلفة، من بينها دول أوروبية وآسيوية، ما يعكس الثقة الدولية في مستقبل سطات كوجهة صناعية ولوجستيكية واعدة. هذا المشروع لم يكن مجرد تدشين لمجموعة من الوحدات الصناعية، بل كان بمثابة إعلان صريح عن توجه تنموي جديد يجعل من سطات قطبا للاستثمار الصناعي والتوزيع، في ظل توفر العقار المؤهل والمناخ الإداري الذي بات أكثر مرونة.
من جهة أخرى، تشكل جامعة الحسن الأول بسطات عنصرا حاسما في هذه المنظومة، باعتبارها مصدرا للموارد البشرية المؤهلة، ورافعة للتكوين والبحث في مجالات تتماشى مع حاجيات سوق الشغل. فوجود مؤسسات من قبيل المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير وكلية العلوم والتقنيات يتيح تكوين أطر وكفاءات قادرة على دعم المشاريع الاستثمارية، مما يعزز جاذبية الإقليم ويضمن استمرارية دورة الإنتاج والاستثمار.

القطاع الفلاحي بدوره يزكي هذه المؤهلات، حيث تعد سطات من المناطق الغنية بإنتاج الحبوب والقطاني وتربية المواشي، وهو ما يفتح آفاقا مهمة أمام الصناعات الفلاحية والتحويلية، لكن رغم الإمكانات، لا تزال الحاجة قائمة إلى تطوير سلاسل التثمين والتوزيع، وتحديث وسائل الإنتاج، وخلق مناطق صناعية مخصصة للمنتجات الفلاحية ذات القيمة المضافة.

الاستثمار في سطات لا يتوقف فقط عند الجانب الصناعي أو الفلاحي، بل يمتد أيضا إلى السياحة القروية والثقافية، الإقليم يتوفر على تراث معماري وقروي وطبيعي يمكن أن يشكل أرضية لتطوير مشاريع سياحية بديلة، تستقطب الزوار من داخل المغرب وخارجه، خاصة مع تنامي الإقبال على هذا النوع من السياحة المستدامة، هذا يتطلب فقط بنية تحتية داعمة، وخدمات فندقية ومرافق استقبال، وتشجيعا حقيقيا للاستثمار في هذا القطاع الذي ما زال في بداياته.
من هنا يمكن القول بأن سطات ليست فقط نقطة عبور، بل هي مجال مفتوح على إمكانيات استثمارية هائلة، ومؤهلة لأن تكون قطبا حقيقيا في خارطة التنمية الاقتصادية الوطنية، ويتعلق الأمر اليوم بإرادة جماعية لتحويل هذه المؤهلات إلى فرص حقيقية تترجم إلى مناصب شغل، ونمو اقتصادي مستدام، ينعكس على مستوى عيش الساكنة، ويعزز تموقع المدينة في صلب الدينامية الاستثمارية التي يعرفها المغرب.

مشاركة