صوت العدالة- عبد السلام اسريفي
في إطار انفتاحها على محيطها المهني والمؤسساتي، نظمت المحكمة الابتدائية بتيفلت، صباح اليوم الثلاثاء 4 نونبر الجاري، بقاعة الاجتماعات، مائدة مستديرة بتنسيق مع المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين، خُصصت لتدارس موضوع:
“مستجدات القانون رقم 46.21 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين: قراءة في الأبعاد التشريعية والمؤسساتية ارتقاءً بفعالية منظومة العدالة.”

اللقاء، الذي ترأسه ذ. سيدي أمين العلمي رئيس المحكمة الابتدائية بتيفلت بحضور ذ. عبد الرحيم بوعبيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتيفلت، الى جانب نائب نقيب هيئة المحامين بالرباط،رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالرباط،عدد من القضاة والمحامين والمفوضين القضائيين إلى جانب ممثلين عن هيئات مهنية وقضائية، (اللقاء) شكّل فضاءً خصباً للحوار وتبادل الرؤى حول القانون الجديد الذي يعد محطة مفصلية في مسار تحديث مهنة المفوض القضائي وتعزيز دوره داخل المنظومة العدلية.
وخلال هذه الندوة، توقف المتدخلون عند الأبعاد التشريعية التي جاء بها القانون رقم 46.21، معتبرين أنها تروم إرساء إطار قانوني حديث يواكب التحولات المتسارعة التي تعرفها العدالة المغربية، ويرسخ مبادئ الشفافية والنجاعة في أداء المهام المرتبطة بالتبليغ والتنفيذ.

واستهلت الأستاذة فخيتة بنجلون بعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني كلمتها بالتأكيد على أن القانون رقم 46.21 يمثل مرحلة إصلاحية جديدة في مسار العدالة بالمغرب، ويهدف إلى تحديث مهنة المفوضين القضائيين وتعزيز ضماناتها القانونية والتنظيمية. وأشارت إلى أن هذا اللقاء يشكل فضاء للحوار وتبادل الخبرات بين مختلف الفاعلين في منظومة العدالة، لمزيد فهم مقتضيات القانون وتعزيز فعالية وأداء مهنة المفوض القضائي بما يرسخ الأمن القانوني والقضائي منظومة العدالة.

وفي كلمته الافتتاحية،أكد السيد رئيس المحكمة الابتدائية بتيفلت، الأستاذ سيدي أمين العلمي، خلال ترحيبه بالحضور، على الدور المحوري لهذا اللقاء العلمي في استكشاف مستجدات القانون الجديد، مشيراً إلى أن تنظيم مثل هذه المبادرات يعكس انفتاح القضاء على محيطه الاجتماعي والمؤسساتي، ويعزز جهوده في تعميق الثقافة القانونية وغرس قيم العدالة والمساواة بين الجميع.

كما أشاد السيد وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتيفلت، الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد، بتنظيم اللجنة الثقافية واختيار موضوع الندوة، مؤكداً أن القانون رقم 46.21 يمثل خطوة مهمة لتحديث مهنة المفوضين القضائيين وتعزيز دورهم في تنفيذ الأحكام. كما نوّه بـ روح التعاون بين مختلف مكونات العدالة، داعياً إلى مواصلة مثل هذه اللقاءات لتبادل الخبرات وتوحيد الرؤى.

من جانبه اعتبر ، رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالرباط ،أن مهنة المفوض القضائي بالمغرب تعاني من عدة إشكالات أبرزها بطء المساطر القضائية، وضعف الموارد والتجهيزات، وتعقيد النصوص القانونية، ما يحد أحياناً من فعالية أدائهم في تنفيذ الأحكام وضمان العدالة الناجزة.
ومن بعد كلمات السادة الأساتذة ، انتقل الحضور الى الشق العلمي من الندوة، حيث تضمن ست مداخلات، تناولت المداخلة الأولى الدور التأطيري والرقابة للقضاء في تنظيم عمل المفوضين القضائيين،قدمتها ذ. حنان أست فاسكي ،نائبة رئيس المحكمة الابتدائية بتيفلت، مؤكدة أن الدور التأطيري للقضاء هو الإشراف المباشر على أعمال المفوضين القضائيين، بينما يشمل دوره الرقابي عقوبة المخالفات المهنية والجزائية، بما في ذلك إصدار العقوبات التأديبية، مع وجود دور إضافي للنيابة العامة في مراقبة وتفتيش المهنة وتفعيل القانون.

فيما تناولت المداخلة الثانية المسؤولية الجنائية المفوض القضائي بين النص والتطبيق، قدمها وفضل فيها ذ. يونس سلوشي ،نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتيفلت، الذي اعتبر أن المسؤولية الجنائية للمفوض القضائي تقوم على مساءلته عن كل فعل مجرَّم يرتكبه أثناء أو بمناسبة أداء مهامه، وفق القواعد العامة في القانون الجنائي المغربي، والنصوص الخاصة الواردة في القانون رقم 46.21 المنظم للمهنة.

فالمفوض القضائي يضيف ذ.شلوشي، يُعتبر موظفًا عموميًا في حدود مهامه، ويُسأل جنائيًا عن الجرائم مثل التزوير في المحاضر، الرشوة، استغلال النفوذ، أو خيانة الأمانة.
وفي المقابل، منحه القانون ضمانات إجرائية تحميه من التعسف، كضرورة إشعار الهيئة الوطنية قبل المتابعة، وحضور ممثل عنها عند الاستماع إليه.
وبذلك، سعى المشرّع من خلال القانون 46.21 إلى تحقيق توازن بين المساءلة القانونية وحماية المفوض القضائي أثناء أداء مهامه.

المداخلة الثالثة، تناولت بالدرس والتحليل علاقة كتابة الضبط بمهنة المفوضين القضائيين في ضوء القانون رقم 46.21، قدمها باسهاب كبير الأستاذ المهدي لبروز، رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بتيفلت ، الذي أوصح أن علاقة كتابة الضبط بالمفوضين القضائيين، تقوم، حسب القانون رقم 46.21، على التنسيق والتكامل في تنفيذ الأحكام وتبليغ الإجراءات، حيث تسلم كتابة الضبط للمفوضين النسخ التنفيذية وتسجل أعمالهم، بينما يودع المفوض محاضر التبليغ والتنفيذ لديها تحت إشراف النيابة العامة.
وتهدف هذه العلاقة يقول استاذ المهدي إلى ضمان فعالية التنفيذ وحسن سير العدالة.

هذا وتناولت المداخلة الرابعة العلاقة التفاعلية بين الدفاع والمفوض القضائي، ومتطلبات النجاعة القضائية ، قدمها،ذ. محمد شماعو ،محامي بهيئة الرباط والأمينالعام السابق للمنظمة العربية للمحامين الشباب، حيث أوضح العلاقة التفاعلية بين الدفاع والمفوض القضائي على التعاون والتكامل لضمان حسن سير العدالة وتحقيق النجاعة القضائية، فالمحامي يعتمد على المفوض في التبليغ والتنفيذ، والمفوض يلتزم بالحياد والسرعة والدقة في أداء مهامه.
هذا التنسيق يعزز فعالية الإجراءات القضائية ويضمن تنفيذ الأحكام في آجال معقولة.

المداخلة الخامسة، تناولت تعزيز تمثيلية النساء داخل هيئات المفوضين القضائيين كآلية لترسيخ مساواة فعلية، قدمتها الأستاذة آسيا قنطار :الكاتبة العامة بالمجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالرباط، التي يكرس مبدأ المساواة بين الجنسين داخل مهنة المفوضين القضائيين، من خلال تشجيع ولوج النساء للمهنة وضمان تمثيليتهن داخل الهيئات المهنية.
فقد نص على اعتماد معايير موضوعية في الولوج، والترشح للمسؤوليات دون تمييز، مما يتيح للنساء فرصًا متكافئة لتولي المهام التمثيلية والمناصب داخل المجالس الجهوية والهيئة الوطنية.
ويُعد هذا التوجه آلية أساسية لـ ترسيخ المساواة الفعلية وتمكين المرأة القضائية، بما يعزز قيم العدالة والتوازن داخل المهنة.

وتناولت المداخلة السادسة والأخيرة،الحماية الجنائية للمفوض القضائي في ظل القانون رقم 46.21 ، قدمها الاستاذ: صلاح الدين بوعبيد : باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي.
كما تمت مناقشة الأبعاد المؤسساتية والتنظيمية، لاسيما ما يتعلق بتعزيز استقلالية المفوضين القضائيين والرفع من كفاءتهم المهنية، باعتبارهم فاعلين أساسيين في ضمان تنفيذ الأحكام وتكريس الثقة في القضاء.

وأكد المشاركون في مداخلاتهم أن القانون الجديد يشكل نقلة نوعية نحو احترافية أكبر للمهنة، ويساهم في تحسين فعالية العدالة من خلال توضيح المهام والمسؤوليات، وتأطير العلاقة بين المفوضين القضائيين ومختلف المتدخلين في المنظومة القضائية.

وفي ختام اللقاء، شدد الحاضرون على أهمية تنظيم مثل هذه المبادرات العلمية التي تُغني النقاش القانوني وتُقوي جسور التعاون بين مختلف الفاعلين، بما يخدم أهداف العدالة الحديثة والمنصفة التي تضع المواطن في صلب اهتماماتها.
اختتمت الفعاليات بتلاوة الدعاء الصالح من طرف الإمام والمقرئ محمد حسوة، داعياً الله أن يحفظ جلالة الملك محمد السادس، ويمتعه بموفور الصحة والعمر الطويل، ويقر عينه بولي عهده الأمير مولاي الحسن، ويعينه بشقيقه الأمير مولاي رشيد، ويحفظ الأسرة العلوية الشريفة كلها، إنه سميع مجيب.
































































